الأربعاء - 04 ديسمبر 2024
الأربعاء - 04 ديسمبر 2024

لا تهدموا الجدران!

يحرص الآباء على توفير البيئة المناسبة لترعرع أطفالهم وبناء سلوكيات بناءةً تسهم في نهضة الأوطان، ومما لا شك فيه بأن أحد أكثر المهددات لبناء تلك البيئة الصحية هي المؤثرات الخارجية التي تزعزع بناء الوعي السليم، ومن ذلك الألعاب الإلكترونية. والألعاب الإلكترونية في حد ذاتها مجرد أداة أفرزتها التطورات التي شهدها النصف الثاني من القرن العشرين في مجال التكنولوجيا، بدءاً بصدور لعبة بونغ التي صممتها شركة أتاري في 1972 وحققت نجاحاً كبيراً، وهي من ذلك المنطلق تتشارك مع أية أداة أخرى يمكن أن تفرز آثاراً سلبية نتيجة الاستخدام السيء لها. ولذلك، فإن حملات مقاطعة الألعاب التي أطلقت عليها وسائل إعلامنا المحلية صفة «الشعبية» تبدو مضحكة، وذكرتني بنكتة قديمة كنا نتداولها عن استياء ناظر مدرسة من هروب طلابه عبر القفز فوق الجدار، ليشير عليه الاختصاصي الاجتماعي بهدم الجدار حلاً للمشكلة. شهد عام 1994 صدور لعبة مورتال كونبات في الأسواق العالمية وكانت سابقة في مجال العنف الدموي، مما دعا عدداً من الأسواق لمنعها تماماً خشية تأثيراتها السيئة في الأطفال. وكنتيجة مباشرة لذلك، أنشأ «مجلس تصنيف البرمجيات الترفيهية» أو ما يعرف اختصاراً بـ «إي أس آر بي»، وهي هيئة ذاتية تصنف محتوى الألعاب حسب الأعمار في أمريكا وكندا. ويقوم المجلس بتصنيف الألعاب لتحديد المحتويات المتناسبة مع الأطفال والمراهقين والراشدين والبالغين وفق ما تحتويه، من أهمها الألفاظ النابية ومشاهد العنف والجنس والتشجيع على لعب القمار وتعاطي المخدرات. ولهذا النظام الرائد نظير في أوروبا باسم: بي إي جي أي. وعليه، فإن الحملة المناسبة التي يجب إطلاقها هي تشجيع الآباء على تخصيص بضع دقائق من أوقاتهم الثمينة لمتابعة واختيار محتويات الألعاب التي يتداولها أطفالهم، ففي النهاية متابعة الطلبة أفضل وأوفر من هدم الجدران. [email protected]