الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

تحريك البوصلة

أحياناً يكون التغيُّر الاجتماعي، ناجم عن قناعة عامة، أو على أقل تقدير «بنسبة أعلى»، خصوصاً في واقعنا المعاصر المملوء بوسائل الرصد الموثقة صوتاً وصورة، ونلمس بين زخمه التحول السريع أو البطيء بحسب التفاعل النسبي بين مجتمع وآخر في ظل التوزيع المناطقي حجماً وكماً، ولا نغيّب جانب تردد البعض ببدء التغيير قبل الآخرين، وعلى إثر ذلك ينمو التفاعل الاجتماعي بشكل تلقائي. ولكن بين هذا وذاك، فإن هدم القيم والثوابت الاجتماعية التي قام عليها مجتمعٌ ما، في ظل ممارسات نمطية خالية من الأدلجات التحزبية «الإسلاموية» الطارئة والغريبة على رتابة الحياة «نصاً وسلوكاً»، تُعد جريمة في حق الإنسانية، كونها أجبرت الأفراد على التغيير من خلال الضغط عليهم بشكل عنيف وبطرق مقصودة، ووفق خطط مدروسة، لذا فالوصف الحقيقي لها هو تغيير اجتماعي وليس تغيّراً اجتماعياً. صار الحفاظ على النظام الإجتماعي والاستقرار بالمجتمع على خط جودة القيمة الفكرية الفطرية والمُسلَّم بها، من الأمور الصعبة بمكان في ظل عاصوف المتغيرات الآيديولوجية، والتي بدأت في وقت مبكر وقُبيل عولمة العالم، وما أعنيه، هو أن إرجاع ذاك المجتمع إلى وعيه الأول، يحتاج تفنيد لأصل المتغيرات القسرية المُحرَّفة نصاً ومضموناً، والتي حوّلت الفكر الاجتماعي إلى أتباع ومُجَّهَلين، ما أعنيه هو أن هناك فئة مجتمعية تأثرت بطريقة وأُخرى بزخم التضليل والتهويل والتخويف والوعيد والويل بإسم الدين، ما جعلها تُسَلَّم كيانها طواعية بسبب قلة معرفتها المسبقة بحدود معتقدها، زد على ذلك العاطفة الجياشة وتعطيل العقل والمنطق. مع بدايات ما تسمى بالحركات الإسلاموية بكل تياراتها في ثمانينيات القرن الماضي، وفي عدة مجتمعات، تشكلت ظاهرة مترابطة بالتوجهات المصيرية «أي: اختطاف المجتمع»، لكن اختلفت مع بعضها في المشارب والمسالك، ويحكمها في ذلك طبيعة العرف والتقليد الاجتماعي، كما أن بروز أسماء على الساحة والتي قادت ذلك الفكر، من خلال توليها أحدها بناء الإداراكات السياسية والفكرية والعقدية، واتخذ آخرين مسؤولية استغلال التوجيه التربوي والأخلاقي، وغيرهم نهجوا مسؤولية البناء الروحي والنفسي، وهذا كله كان منظَّماً وممنهجاً ما دعاهم إلى السيطرة والتفريخ والبزوغ. التطرف غشاوة خطرة لا تزيلها إلا الجرأة على الاعتدال، وبين التطرف والاعتدال مثلما بين الحياة والموت، لذا فإنه ومن المهم والواجب على كثير من المهتمين وأصحاب العلم والخبرة والإدراك والعقل والمنطق، تدارك الكارثة، وتبيان الحقائق وتعديل البوصلة. [email protected]