الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

هل الصبر يعني كتمان الأحزان؟

يقول الكاتب الياباني هاروكي موراكامي «ما من حقيقة يمكنها معالجتنا من الحزن الذي نحس به عند فقداننا محبوباً، ما من خلاص، ما من قوة، ما من عطف يمكنه معالجة هذا الحزن، كل ما نستطيع فعله هو أن نرى ذلك الحزن حتى نهاياته، ونتعلم منه شيئاً جديداً، لكن ما نتعلمه لن يكون ذا جدوى عند مواجهة حزن آخر ينتابنا من دون إنذار». كلام عميق، وصادق، ويعرفه جيداً كل من جرب مرارة الفقد، واكتوى بناره، لذلك يجب ألا نحرم أنفسنا من حقها في البكاء، والفضفضة، والتعبير عن مشاعرها بكل الطرق الممكنة. فعندما نحرم أنفسنا من الحزن، ونتجمل بالصبر أمام الآخرين، فنحن في واقع الأمر نؤجل الحزن، وندفنه في أعماقنا السحيقة، لكننا لا نتخلص منه، وستأتي اللحظة التي سننفجر فيها بكاء على من رحل، ولو تأخرت هذه اللحظة، فهذا لا يعني تشفّينا، بقدر ما يعني العكس تماماً، وهو تفاقم الحزن، وتحوله إلى اكتئاب طويل المدى، تكون فيه المعاناة أشد وأعمق. يقول أحد الأصدقاء «في إحدى لحظات حزني، وكانت مريرة للغاية، جلست إلى جوار إمام مسجدنا، وكان صديقاً عزيزاً، مر بتجربة فقد مؤلمة، شكوت إليه جزعي وألمي العميق، وطلبت منه أن يحدثني عن الإيمان، وعن الصبر، وعن اللقاء مع الأحباب في الحياة الآخرة». فربت على ركبتي، وقال «سأحدثك عن كل شيء، لكن يجب أن تحزن وتبكي، فلا شيء مثل البكاء يغسل القلوب». يكمل الصديق «انفجرت باكياً أمامه، وأثناء ذلك كان يحدثني عن كل شيء، عن زوجته التي فقدها أثناء الولادة، وعن وحدته القاتمة بعدها، وعن أطفاله الذين يفتقدونها في كل لحظة، وعن لطف الله الذي نزل عليه من سابع سماء، ليخفف عنه ويعيد الترتيب إلى حياته». اعتذر أعزائي القراء إن نبشت هذه المقالة أحزاناً دفينة في قلوبكم .. لكنها دعوة للتنفيس والتخفيف. [email protected]