الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

إتيكيت الأصفر

كلما لعبنا دوراً في إعطاء الانطباع الجمالي والمرغوب فيه لدى الناظرين وبشكل إيجابي، أصبحنا في نظرالآخرين أصحاب سلوكيات وقواعد لبقة، وكلما وقفنا على حد فاصل بين الخطأ والصواب، أدركنا جودة التميُّز بداخلنا، وحققنا الرضا عن النفس بتطبيق مفهوم السلوك الحضاري والمدني الذي يجعلنا أهل قيَم ومبادئ. كل ذلك وأكثر يندرج تحت مفهوم يبحث عنه الكثيرين ويتردد على شفاه راغبيه، وهو مصطلح اتفق عليه الجميع تحت اسم «فن الإتيكيت»، وهو تعبير لفظي معني بآداب التعامل. لست في طور الحديث عن المفهوم نفسه، وإنما قد اُجْبَرُ على ذكر لمحة بسيطة حول مشاهدات نراها في بعض جيوب مجتمعاتنا، وتدل على اهتزاز القيم والأخلاق، سببها أشخاص فقدوا الذوق والسلوك واستندوا على الاتكالية. شيء ما يدعوك للتنقل بين الغرابة والضحك والأسى، عندما نطبق بالحذافير تقاليد حسن الضيافة وأناقة المظهر، ولمنازلنا روعة اللمسات إلى حد المبالغة، بحثاً عن الذكر الحسن، وفي النقيض نتجاهل واجب السلوك العام في محيطنا من شوارع ومنتزهات وشواطئ، والتي تدل على واجب الضيافة منَّا لروادها وتكريماً للقائمين عليها ببقائها على أحسن الأحوال وقبل ذلك هو تكريم لنا ولإنسانيتنا. في باكورة صباح يوم من الأيام، تجولت على ضفاف شاطئ بحري عربي لأتنفس هواء نقياً، وذلك بعد نفرة المتنزهين، فإذ بي أفتقد لمسات تخيلتها على شواطئ كثيرة، لأتفاجأ برؤية أتعبت بصري، وألتفت يمنة ويسرة باحثاً عن مكان يعبر عن الرقي الذي خلفَته جموع غفيرة كانت تعج هنا في ليلة مضت. انتابني شعور الألم والحياء من رجال مصدر رزقهم هو إهمالنا، أشخاص يرتدون الزي الأصفر و يدرجون من ذلك الباص وعلى وجوههم الدهشة المستمرة كل صباح، يحملون بأيديهم وسائل ليزيلوا آثار الجرم البشري من نفايات لو أوقدت بها نار لم تكد أن تنطفئ، ولو علقت بشاطئ البحر لعادت إليهم تلوثاً يشربونه ويأكلونه. هذا السلوك المشين أكسب البعض صفة التناقض، لكونه يعتز بدين الأخلاق، وبالمقابل يشوهه بتطبع يخالف انتماءه، بل ويورّث النقيضين لأبنائه عندما يُطفئ نوراً ما يُعلمه لهم حينما يكون متناقضاً بين التوجيه والتطبيق. بالرغم من الحياء الذي انتابني تجاه اللون الأصفر عند رؤيتي له أولاً، إلا أنه كان مريحاً في الآخر، فتشابه صفار الزَي باصفرار الشروق، بدأ صباح مشرق وجميل حينما عاد كل شيء على طبيعته. [email protected]