الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

ثباتك

كل ما حولك سيحاول أن يغيرك، بقصد نزيه، أو بنية سيئة، لأسباب كثرة من أهمها على الإطلاق تحقيق مصلحة الآخر الشخصية. فالصديق يريد تغييرك لتكون أقرب، والمحب سيفعلها ليحقق رغباته ويشبع احتياجاته منك، والعدو سيفعل ليحقق أجندته. فأنت دائماً وأبداً ستعيش أمام رياح تغير تعصف بك، أو تلامسك، لتغير مكانك، أو تعدل موقفك، أو تشوه مشاعرك، والخلاصة أن محاولة تغيرك لن تتوقف إلا مع آخر نفس في حياتك. قد تكون محاولة تغيرك بطيئة، وخفية، كي لا تشعر بها وتقاومها، وقد تكون بالصدمة وزلزلة مكانك، وقد تكون على مراحل بين الشد والجذب، فتلك طبيعة البشر على الأرض، وأنت كذلك لا بد أن تحاول تغير آخر، لمصلحتك أو لظنك أنه لمصلحته. فكيف تكون ثابتاً أمام تلك الأمواج التي تتلاطم في اتجاهات مختلفة! ومتى تحتاج للثبات؟ ومتى تسمح لها أن تأخذك للجديد؟ ليس مهماً أن تعرف ذلك، لأن غريزتك ستخبرك بالأفضل، والأنسب كما تفعل دائماً، والمهم فعلاً أن تدرك أن هذا حال الواقع، ولن يتغير موقفه منك. واعلم أن أهم أمر تنتبه له في هذه المعمعة، أن ترسم وتوثق لك مبادئ راسخة، لأن ثباتك وانزلاقك مرهون بمدى قوة تلك المبادئ والقيم التي تحددها لذاتك، ضميرك صوت لا يعلو عليه صوت، ولا يخرسه قطع، وإذا فهمت ماذا تريد فعلاً، فإنه يصعب تحريكك من مكانك، لن تعيش الشتات، لأن معرفة الذات وفهمها يصنع لك ثقلاً عميقاً، وجذور ضاربة وعصية على الاجتثاث، فما بالك بتغييرها. حين تدرك ماهيتك فإنك تعيش وفق قانونك أنت، وتسمح بما تريده، وترفض ما لا تريد، بينما حين تجهل نفسك، فإنك تصبح حقل تجارب للآخر، لأنك لم تعرف ماذا تريد تحديداً، وما الذي يمنحك قوة ودافع البقاء في المكان، أو على موقف معين. ستعرف مقدار الضرر الذي سمحت به، وستعرف غنيمتك من التغير الذي سمحت به أيضاً، لن يُفرض عليك شيء بمهارة أو مراوغة، ولا يمكن تدليس أو تغييب الطريق، لأنك تعرف من أين انطلقت، وتعرف إلى أين تريد الوصول، وتراقب طريقك كي لا تضيع خلاله. لذا اصنع لنفسك ثباتاً وإلا ستنجرف يوماً إلى مكان لا يناسبك. [email protected]