الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الباب أم الموزة؟

نجلس أمام التلفاز وأمام شاشات الهواتف بالساعات، ليس لأننا نتابع شيئاً نحبه لنستريح من تعب اليوم، بل لأنه أصبح جزءاً «مريحاً» في حياتنا لا يمكننا التخلي عنه. نحب أن يكون معنا دائماً، احتجنا له فعلاً أم لم نحتاج، ربما لأننا نظن أنه سيُسلي أوقاتنا ويسعدها ويشغلها بشكل أو بآخر. في الحقيقة، لقد أصبح بديلاً جيداً للكثير من البشر! قد ترى عائلة كاملة تجلس معاً وكلٌ يحمل «شاشته» باختلاف أنواع الأجهزة. إنها أصبحت «مصدر الأمان» والراحة الحقيقة الخالية من التعقيدات والمواجهات مع الأشخاص الحقيقيين في الحياة. لذا، تبددت الحياة الاجتماعية، والجلسات العائلية، والتجمعات السياحية والأنشطة الرياضية، واكتفى الأغلبية بالشاشات الذكية. الوظيفة الحكومية، المنزل، السيارة، قد تكون كذلك مصدراً للأمان لدى الكثيرين، فمسألة المخاطرة والدخول في مشروع تجاري، تغيير الوظيفة أو السكن، أمر مربك ومرعب عند بعضهم، فيتخلى العديد منهم عن أحلامه وفرص سعادته التي كان يتخيلها، ويفضل «المضمون». يستخدم «قفص البابو» في أفريقيا لصيد القرود الصغيرة، ببساطة، يضع الصياد موزة في القفص، فيدخل القرد للحصول عليها، يُدرك القرد أنه في «قفص»، لكنه يفضل البقاء لأنه يمسك بالموزة، إنها مصدر سعادة بالنسبة إليه، وإن كان في القفص. يغلق الصياد الباب، ويفقد صاحب الموزة حريته. لقد اختارها هي. لو أنه أفلتها من يده لخرج من باب القفص المفتوح وتمتع بحياته قبل أن يغلقه الصياد. هكذا هم كثيرٌ من البشر، فضلوا الإمساك بالموزة والجلوس في القفص على الخروج من الباب إلى عالم مجهول، فضلوا الأمر المضمون، فضلوا الشعور بالأمان، فقدوا الثقة بالنفس. إذا قررت أن تترك «الموزة» وتخرج من «الباب» فلا تستمع لمن هم في القفص، فإنك وإن لم تُوفق مرة أو اثنتين أو حتى ثلاث، فيكفيك أنك حرٌ شجاعٌ واثقٌ من نفسك وما زالت تحاول، ومن يحاول بإصرار لا بد أنه سيصل. [email protected]