الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

تسلط الأشقاء

عندما تكون جالساً في مكتبك المريح، وتلمح في الخارج عامل نظافة يكنس الأرض ببطء، قد تنتقده بينك وبين نفسك، وتحكم عليه بأنه كسول، لكن عندما تخرج في الهواء الطلق، وتلفحك الشمس بلهيبها الحارق، وترى المساحة الكبيرة التي نظفها العامل منذ الصباح، تسارع إلى تغيير حكمك السابق، وتشهد له بينك وبين نفسك أيضاً بأنه صبور، ويستحق الشكر والتقدير. ما الذي تغير حتى تغير حكمك بهذه السرعة؟ لا شيء، كل ما في الأمر أنك تحركت من مكان جلوسك السابق، إلى مكان وقوفه، وهذا ما جعلك تشعر بمعاناته، وتقدر الجهد الكبير الذي بذله. قبل ثلاثة أسابيع تقريباً جاءتني رسالة من قارئة تقول فيها: إنها تعاني كثيراً من تدخلات أشقائها في حياتها، وتحكمهم فيها. فهي ممنوعة من السفر مع صديقاتها، وتعاني كثيراً حتى تحصل على موافقتهم على نزهة داخلية تخرج فيها مع زميلاتها في العمل، وتتساءل في نهايتها «بأي حق يتحكمون في حياتي، وأنا أكبر منهم، ومستقلة مادياً عنهم، ولا أحصل منهم على شيء؟». المؤلم أكثر في رسالة هذه القارئة أن جميع أشقائها متزوجون ومنشغلون بعوائلهم، وعندما يسافرون أو يخرجون في نزهات داخلية لا يعرضون عليها المجيء معهم، ولا يتذكرون علاقتهم بها إلا عندما تحين لها فرصة للسفر والتغيير! قلت لها مواسياً ومفسراً لسلوكهم الأناني المتسلط «هم لا يشعرون بمعاناتك، لأنهم لا يعيشون في الدائرة الضيقة التي تقبعين في داخلها، ولو تحركوا قليلاً ليضعوا أنفسهم مكانك لشعروا بها، ولتفهموا حاجتك إلى الانعتاق والتغيير، لكن معظم البشر لا يفعلون ذلك، ولا يكلفون أنفسهم عناء الإحساس بما يُعانيه الآخرون»! [email protected]