الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

تداعي الحليفين

هبوط تاريخي لليرة التركية سبقه هبوط حاد للريال الإيراني، ولا يزال مسلسل هبوط العملتين وتداعياته على الاقتصادين التركي والإيراني مستمراً، وإن اختلفت عوامل انخفاض كل منهما. فالليرة التركية لم تصل إلى هذا المستوى من الهبوط بسبب تأثر تركيا بالأوضاع الجيوسياسية المحيطة بها فقط، أو لتأثرها بارتفاعات سعر برميل النفط عالمياً، لا سيما أن تركيا تعتبر من الدول المستوردة للبترول بنسبة 99 بالمئة. ولكن لا يمكننا أيضاً أن نغض البصر عن الأداء التركي السياسي الخارجي المتناقض في السنوات الخمس الماضية، وتفرد الرئيس أردوغان بالسلطة وتضييقه الحريات بصورة لافتة، الأمر الذي أفقد تركيا الكثير من ثقلها السياسي وثقة المجتمع الدولي في إدارتها، وانفراد حزبه العدالة والتنمية في إحكام قبضته على مؤسسات الدولة، وعلى قطاع الاقتصاد بشكل عام، وخاصة بعد محاولة الانقلاب الأخيرة الفاشلة، فضلاً عن طبيعة العلاقة المتوترة ما بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما عزز تداعي العملة التركية، حتى وصل الحال بأردوغان مناشدة شعبه بالإقبال على شراء الليرة دون الدولار أو الذهب لدعم اقتصاد بلادهم! أما الحكومة الإيرانية، التي مارست سياسة التضليل والتكميم والقمع ضد الشعب الإيراني وإهدار مقدرات البلاد في تمويل الإرهاب، فستواجه أزمة حقيقية تعد هي الأقسى من نوعها في تاريخ الجمهورية الخمينية، بعد تفعيل العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على قطاعه الاقتصادي، فضلاً عن وقف صادرات النفط الإيراني، ما لم تتراجع إيران عن جميع سياساتها المتطرفة في العالم. فالمشترك، في كلا الإدارتين التركية والإيرانية، أنهما تجاهلتا الداخل وانشغلتا عنه لتحقيق نفوذ مزعوم لهما في الخارج، فإن نجح أردوغان في فترة ما في تقوية الاقتصاد التركي ونموه، فإن سياسته المتعالية ذات النزق الاستعماري قوضت معظم إنجازاته في الآونة الأخيرة. هبوط الليرة المضطرد غير المسبوق وتداعياته، حرّك أردوغان للبحث عن مخرج لإنقاذ اقتصاد بلاده من الركود والتضخم، وسينشغل من الآن في شؤون الداخل لتطويق نقمة معارضيه أولاً، وسيتراجع عن الكثير من «تطلعاته» العثمانية الخارجية، وسينكب على إصلاح الثقب في مركبه قبل فوات الأوان، وربما سنشهد في القريب المنظور خطاباً أردوغانياً أقل حدة مع الغرب؛ لتوضيب علاقته مع دول المنطقة والمجتمع الدولي، حتى لا يزج ببلاده في مأزق حليفه الإيراني!