الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

الأخت الفاضية

وأنا أقرأ رسالتها، خُيّل إلي أنني أسمع صوتها.. فحروفها كانت ممزوجة بلوعة الحزن، وحرقة القهر.. تقول «بعد زواج أختي الصغرى، وانتقالها للعيش في بيت زوجها.. لم يبقَ في بيتنا إلا أنا، وأمي وأبي.. وضجيج أخواتي الخمس الذي كان يملأ البيت، تحول إلى صمت قاتل.. ليست هنا المشكلة، فهذه سنة الحياة، والزواج كما يقولون قسمة ونصيب.. المشكلة عندما أصبحت في عيون الجميع الأخت الفاضية.. غير المسؤولة عن بيت أو زوج أو أبناء، وهذه النظرة ليست إيجابية على الإطلاق.. فهي تضعني في مرتبة أقل من الجميع، حتى من أخواتي اللائي يصغرنني في العُمر.. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تجعلني جليسة أطفال مرشحة دائماً للحلول مكان أي أم تغيب لظرف قاهر، أو غير قاهر.. وهذه معاناة ما بعدها معاناة، ولا تعرف مرارتها الجسدية والنفسية إلا من جربتها». تكمل فضفضتها، وتقول «أكثر من مرة أدخل على أخواتي المتزوجات، فأتفاجأ بصمتهن المفاجئ، وتغييرهن المتعمد لمجرى الحديث، وعندما أستفسر عن الأسباب، يجبن بقولهن: «هذا حديث متزوجات، ولا يليق الخوض فيه في وجود فتاة غير متزوجة». وتختم رسالتها متسائلة «هل تتخيل مرارة هذا الرد، ووطأته على أختهن الأكبر منهن في العُمر؟». اعتدت أن اكتفي بقراءة الرسائل، والانصات للمتحدثين من دون تقديم استشارات أو نصائح محددة.. إلا أنني مع هذه الفتاة غيرت طريقتي قليلاً، وقلت لها بصراحة، ووضوح «إياكِ أن تقبلي بهذا الوضع.. فتقديم الدعم للأخوات المتزوجات أمر ضروري، ومطلوب.. لكن تحول الأمر من مبادرة ذاتية إلى واجبات مفروضة.. أمر مرفوض تماماً، وليس من الحكمة القبول به.. خصوصاً عندما لا تجد الأخت المبادرة بتقديم الدعم الاحترام والتقدير الذي تستحقه». [email protected]