الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

قضاء وقدر

شدتني كلمة جميلة للإمام ابن قيم الجوزية ذكرها في كتابه طريق الهجرتين، حيث قال متحدثاً عن تقدير الله على عبده: «فلو كشف الغطاء عن ألطافه وبره وصنعه له من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم لذاب قلبه حباً له، وشوقاً إليه .. ولكن حجب القلوب عن مشاهدة ذلك إخلادها إلى عالم الشهوات والتعلق بالأسباب، فصدت عن كمال نعيمها، وذلك تقدير العزيز العليم». فكم من أمور وقعت لنا لو تأملنا فيها حق التأمل لوجدنا فيها لطفاً عظيماً من ربنا اللطيف الكريم، فقد نسعى في الوصول إلى أمر ما ثم لا يتيسر لنا ما سعينا فيه، وبعد ذلك نعلم أن الخير كله في عدم تيسر هذا الأمر لنا، وأذكر أن رجلاً تضايق من عمله جداً فانتقل إلى جهة أخرى وهو في ضيق عظيم، وإذا بمسؤول كبير في الجهة الثانية يترك عمله فتولى صاحبنا وظيفة هذا المسؤول! ولو فتشنا في حياتنا عن مواقف قريبة من هذا الموقف لوجدنا عشرات المواقف، فعلى العبد أن يؤمن ويسلم بقضاء الله وقدره، فالرضا بالقضاء من أبواب النعيم العظيمة في الحياة الدنيا، وإن وقع علينا شيء من القضاء ولم تظهر لنا جوانب الحكمة فيه فلا يسع المسلم الصادق إلا أن يسلم لحكم الله وقضائه ويتذكر حديث النبي عليه الصلاة والسلام: «وما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك» ومن أعظم أبواب الشر اعتراض العبد على القضاء والقدر، فمن الناس من يتكلم بأمور عظيمة إذا وقع في شدة أو محنة، وبعضهم قد يتمادى فيمزق ثوبه ويجر شعره ويصرخ معترضاً على رب العزة جل جلاله، وهذا تصرف يخدش في الإيمان، نسأل الله العافية والسلامة، والصبر على القضاء فيه أجر عظيم فالمصائب من أسباب رفعة الدرجات وعلو المنزلة عند الله قال عليه الصلاة والسلام: «فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة» وفي كل لحظة وحين علينا بحسن الظن بالله فبعد البلاء عافية وبعد الشدة فرج وتيسير، فاللهم اجعلنا من أهل الإيمان بالقضاء والقدر. [email protected]