الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

يحبونك ويكرهونك

حين تعرف أن هناك من نال منك في غيابك، فلا تستعجل الغضب، ولا تكلف نفسك عناء الرد، أتدري لماذا؟ لتعرف قبل كل شيء أن المجتمع الإنساني، على الرغم من ما وصل إليه من عبقرية تكنولوجية، وثورات طبية، إلا أنه في مجال العلاقات الاجتماعية لا يزال تحت الصفر، لأن تقدمه يعتمد على نضج عاطفي لا يمكن لأي آلة أن تمنحه التطور فيه، إن لم يتطور بمعية الطبيعة. لذا من الطبيعي أن يكون لنا أصدقاء وأعداء، محبون وكارهون، من يحترمك ومن يحتقر وجودك، من دون سبب منطقي، لأن العملية التي يبني عليها الإنسان مشاعره غير منطقية، إذ يمكنه أن يكره إنساناً ويحارب جماعة، أو يحتقر عرقاً من دون أن يصادفهم يوماً واحداً، ومن دون أن يتعاطى معهم في أي شأن من حياته. بل قد يكره بشراً ماتوا منذ مئات السنين، ماتوا قبل أن يولد جد جده، وعلى الرغم من ذلك يمكنه أن يبني مشاعر تجاههم، فهذا من أقوى الأدلة على غباء عاطفة الإنسان، والتي يمكن اللعب فيها، وتوجيهها رغماً عنه ومن دون أن يدرك. لأن المنطق يحتم أن تكون مشاعرك مبنية على مواقف حدثت، واحتكاك مباشر مع الآخر، لتقرر حينها مدى احترامك له، أو احتقارك لما يمثله. يمكن للإنسان أن يتخذ موقفاً بسبب اللغة، أو اللهجة، أو اللون، باختصار مواقف مبنية على سطحية ليست موجودة حتى عند الحيوان، وعلى الرغم من ذلك يرى نفسه أفضل حالاً وأذكى من أن يقاد كالمخلوقات الأخرى! والمهم حقاً أن تُخرج نفسك من الغباء العاطفي، وتتعامل مع مشاعرك بالمنطق، والمواقف، لأنك إن فعلت، ستجد قائمة من البشر ظلمتها وأبعدتها من دون وجه حق، ولن تسمح بتطور حياتك، وأنت غارق في الجهل العاطفي، بل تحتاج إلى نفض المعيار الذي كنت تستخدمه ضد الآخر، وإلا فلن تكون مختلفاً عن شخص يؤذيك بكلامه من دون أن يعرفك، لأنك قد تفعل مثله مع آخر. توقف عن الحكم على الآخرين من هيئتهم، وملبسهم، وطريقة حديثهم، لا تكن سطحياً، فالإنسان كنوز من الأسرار، لا يمكنك اكتشافها وأنت تعيش بأحكام مسبقة. جربهم واعرف ماذا لديهم، ثم قرر مصير علاقتك بهم. [email protected]