الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

بئر طاقية تحت البيت

أهم مميزات الجغرافي أنه يعرف كل شيء له علاقة بالأرض، بما فيها الإنسان والأرض معاً، لذلك فأنا فخورة بأني جغرافية إماراتية، لأني كل يوم أجدد معلوماتي بالأرض، واليوم أنا مغرمة بموضوع الجيوثيرمال، فدوماً أنظر لهذا الموضوع من ناحية جيمورفولجية يعني أرضية فقط، ولم أنتبه لجانبه البشري، إلا عرضياً قبل بضع سنوات، حين عرضت عليّ إحدى الشركات الفلندية لمعدات الجيوثيرمال بأن أكون ممثلتهم في الإمارات، فاستهوتني الفكرة العلمية أكثر من الاستثمارية كعادتي. في البداية توقعت بأني أول من سيقوم بهذا في المنطقة، لكن وجدتها منتشرة في لبنان والأردن قبلنا، خصوصاً مسألة إنشاء بئر طاقية تحت البيت. الطاقة الجوفية للأرض geothermal موجودة في كل مكان في العالم، تحت أي أرض أو بحر، لأنها طاقة قادمة من باطن الأرض، من نواتها بالذات، وكما هو معروف أن النواة الخارجية السائلة للأرض - وهناك نواة داخلية صلبة هامدة أيضاً ـ هي المولد الطاقي للأرض، وهي سبب جميع الحركات الأرضية التي نعرفها، كما أنها هي أيضاً مصدر المجال المغناطيسي للأرض، فدرجة حرارتها تصل إلى 5700 درجة مئوية، وهي تقل كلما ابتعدنا عن النواة، وحين نصل لسطح الأرض لا نشعر بها، تحجبها عنا الرواسب بأنواعها، والغطاء النباتي، لكننا نشعر بها لو حفرنا بئراً، فدرجات الحرارة فيه تزيد بمعدل 2.5 درجة مئوية كلما تعمقنا 100 متر. وفي المقابل يمكننا مشاهدة هذه الحرارة من نوافذ أرضية تدعى فوهات البراكين، ويمكننا لمسها من العيون الحمئة، أي العيون الطينية والعيون الحارة، قد لا تنشر البراكين في جميع بقاع الأرض، لكن العيون الحارة موجودة في كل ركن من أركان الكرة الأرضية، ففي الإمارات وحدها ثلاث عيون حارة، ولا ننسى الجبل الذي يتنفس، الذي زارته الجمعية الجغرافية قبل عدة أعوام، من أين استمد أنفاسه الدافئة؟ بالطبع من جوف الأرض! هذه الطاقة الجوفية للأرضية، لها نوعان من الاستخدامات، الأول الاستخدامات المباشرة، أي يستطيع الإنسان أن يحفر بئرين طاقيتين في حوش البيت، الأولى تأتي بالطاقة الحارة، والثانية تأخذ الطاقة الباردة، وفي الحالتين يمر الماء بمحلولي الإيثانول أو الجليكول، إما للتدفئة أو التبريد. أما النوع الثاني فيحتاج إلى رأس مال كبير، وعادة ما تقوم بها الجهات المعنية، وهي إنشاء محطات كهرباء (يعني مثل المحطات الحالية التي تشتغل بالديزل) تستمد طاقتها من الأرض، عبر بئر يصل عمقها لثلاثة كيلومترات. [email protected]