الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

الأنداد الثلاثة

في الحياة، هناك ثلاثة أنداد محتملون للإنسان، ند شريف، وند غير شريف، وند مريض، فالند الشريف يتسم بالشجاعة ويحمل جل مناقب الفروسية، يحبك ويحب طريقة تفكيرك ويحب إنجازك في الحياة وإن لم يلتقك في الحياة، ولكنه يسمع عنك فاتخذ منك أنموذجاً يحتذى في إدارة حياته، شحذتَ فيه الغيرة السوية المحفزة للتجربة والإقدام والتغيير، يسعده نجاحك بقدر اقتناعه بجاهزية أدواتك التي حققت من خلالها ذلك النجاح، وتحقيقك مزيداً من النجاحات في الحياة لا يزعجه أبداً؛ طالما قصة نجاحك وقوة إرادتك التي لا تعرف اليأس أو الانهزام جعلته يتخذ منك نداً إيجابياً يحتذى بتجربته؛ فكلما حقق هدفاً من أهدافه يمتلأ بالامتنان لك من دون أن يُعرّفك بنفسه. أمّا الند غير الشريف، ذلك يبقى في حالة مراقبة لأحوالك ولكل ما تفعله، يطلق «عسسه» الخاصين وراءك، ينقلون له أخبارك وأخبار منجزاتك؛ ينفق وقته منشغلاً بك وبما تصنعه في يومك، يفرحه تعثرك ويتعسه نجاحك، ليس لديه الشجاعة الكافية لمحاورتك بوضوح، صديق المصلحة والدرهم، وأعداؤه الناجحون في الحياة؛ لا يوفر وسيلة للطعن فيك، فقط، للتشكيك بأحقية كل استحقاق حصلت عليه في الحياة، يبقى ناقماً لكل خير يصبك أو أي شيء من متاع الحياة حتى السمعة الطيبة والصيت الحسن، وكأنك استحوذت عليه عنوة وهو الشخص الوحيد الذي هو أحق به منك. أمّا الند المريض، فهو من اختار منك نداً خصماً من دون علمك ومن دون مسوّغ يستدعي تلك الخصومة، ربما لا تعرفه لا من بعيد أو قريب وربما يكون لك أقرب من حبل الوريد!، يستصغرك ويستصغر منجزك ويستكثر الخير عليك، لا يكف عن تتبع أخبارك واتجاه خطوك، يرصد حسيس قلبك وما يعتلج في خاطرك ورأسك، فغله الشاغل أنت، ينتظر سقوطك أوخطباً يلم بك ليقف في صفوف الشامتين، فأنت أُس تعبه وجل همه في الحياة، والجدار الذي يفصله عن «راحته» ولذيذ مناماته. لا ظل له، كتفاه مخلوعتان لا يعوّل عليه، يزيغ بصره وترتعد فرائصه لمجرد تعثره بظلك أو بآثار من عطرك، يتصاغر أمام وهجك وثباتك والسلام المنبثق منك، لا يعرف ماذا يصنع بك لكي يستريح؛ تبقى مغروزاً كالخنجر في خاصرة قلبه؛ لا يهنأ له عيش ولا تهدأ حاله إلاّ بزوالك. [email protected]