الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

ملامح تطور المؤسسات

التغير كما أسلفنا سابقاً سنة كونية ثابتة، ومن يعتقد أنه اكتفى؛ فقد كتب على نفسه الفناء، وكذلك الحال مع المؤسسات وحتى الدول، ولعل أكثر التغيرات تحصل بشكل طفيف غير محسوس على المدى القريب؛ لكن بنظرة كلية للمشهد وعلى مدى زمني يتجاوز عشر سنوات يمكن أن ترتسم لنا ملامح الاتجاهات المتغيرة ومسار تلك التغيرات في المستقبل. «تشيس ميديا غروب» (سي أم جي) شركة استشارات اجتماعية تساعد الشركات لفهم عائد استثماراتها التسويقية، نشرت رسماً توضيحياً (إنفو غراف) لتطور مفهوم الوظيفة بشكل عام، مستعرضة 11 ملمحاً للتطور ينبغي لقادة الشركات والمؤسسات وحتى الموظفين الانتباه لها عند اختيار الوظائف أو تصميم الأعمال حتى يواكبوا العصر. من تلك الاتجاهات؛ تغير المدى الزمني للوظيفة ليصبح في أي وقت من اليوم وعلى مدى الأسبوع والسنة؛ بعد أن كان مقتصراً على ثماني ساعات متواصلة في الصباح أو بعد الظهيرة، وتبعاً لذلك تغير النطاق المكاني ليشمل العمل من أي مكان وحتى من غرفة النوم بدلاً من المقر الرسمي للشركة. وسوف أفرد مقالاً مستقلاً لشرح تداعيات العمل عن بعد (ريموت وورك)، وهناك خطوة أخرى مهدت لإمكانية العمل عن بعد وهي عدم التقيد باستخدام جهاز حاسوب محدد للقيام بالمهام الوظيفية؛ بل يكفي اسم مستخدم وكلمة مرور خاصة بكل موظف ليمكنه الولوج للشبكة والعمل من أي جهاز حاسوب طرفي. كما يمكن ملاحظة أن المؤسسات كانت تركز على إنجاز الأعمال أو ما يعرف (أوت بوت)، في حين أنها الآن تتطلع إلى النتائج المحصلة جراء تنفيذ تلك الأعمال (آوت كم) فقد يقوم الموظف أو المؤسسة بتنفيذ جميع المهام والخطط المتفق عليها؛ لكن من دون أن تحقق الغاية وراء تلك المهام والخطط، لذا تغيرت النظرة إلى المهام ذاتها، فأصبحت لكل موظف مهام مفصلة خاصة به «أهداف شخصية» تتناسب مع مهاراته ومستوى أدائه، بدلاً من قوائم المهام الثابتة التي تناسب الجميع. كانت المؤسسات تحيط بياناتها ونتائج أعمالها بهالة سميكة من السرية، ولكن حتى تتمكن من الأداء بشكل أفضل في عالم يعتمد على المعرفة؛ كان من الطبيعي أن تتشارك وتنفتح على المؤسسات الأخرى داخلياً وخارجياً بشتى الوسائل كالتقارير الدورية والمؤشرات وأفضل الممارسات، وتكثيف استثمار وسائل التواصل الحديثة. لكن كل تلك التغيرات ما كانت لتتحقق بدون تغير في الفكر القيادي السلطوي إلى القيادة الإبداعية والمنظمة المسطحة وفرق العمل، مع الاهتمام بالتعليم المستمر النوعي والمهاري بدلاً من الأكاديمي أو النظري. [email protected]