الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الفرز المخيف!

يقول الفنان الكندي كيانو ريفز «لا أحتاج إلى علاقة أبذل فيها جهداً حتى أصل للكمال بعينيك .. أحتاج إلى علاقة أتساءل فيها لمَ تراني بهذا الكمال وأنا مليء بالعيوب». جميلة جداً، وعميقة هذه العبارة، وتعبر باختصار وبساطة عن إشكالية التغيّر من أجل الآخر، وما يترتب عليها من فقدان السلام الداخلي والتصالح مع الذات .. فكم هو مؤسف أن تتشكل شخصياتنا حسب توقعات الآخرين، وليس كما نرغب نحن .. وكم هو مؤلم أن نتحول من شخصيات حقيقية مستقلة إلى أخرى مزيفة تابعة للغير. في جلسة غداء جمعتني مع شخصية نسائية مؤثرة وملهمة قبل أشهر قليلة .. دار الحوار عن صعوبة التعبير عن القناعات الحقيقية في المجتمعات العربية قاطبة، وذلك لهيمنة الفكر الجمعي على الأحادي، وصعوبة السباحة ضد تيار الأفكار والمسلمات المتوارثة .. وعلى الرغم من أن الحديث كان مشتتاً نوعاً ما، تنقلنا خلاله ما بين نقاط كثيرة، كل واحدة منها تحتاج إلى جلسات مطولة للحديث عنها، وإعطائها حقها من التحليل والنقد .. إلا أننا خرجنا بنتيجة مبدئية مفادها أن تزاحم الأفكار في مواقع التواصل الاجتماعي، وتصادمها المستمر .. عمل على التقريب ما بين المتشابهين، حتى إن كانوا من جنسيات مختلفة .. والمباعدة ما بين المختلفين، حتى إن كانوا من أسرة واحدة. فكرة الفرز هذه استحوذت على تفكيري بعد انتهاء اللقاء، وتساءلت: هل هي إيجابية أم سلبية؟ بمعنى أن تقارب العقول المتشابهة وتباعد العقول المختلفة .. هل ستصب في مصلحة الفرد والأسرة والمجتمع أم ضدهم؟ وهل ستسهم في خلق علاقات منسجمة نفسياً ومتوافقة فكرياً بين أشخاص لا تربط بينهم أي علاقة .. أم ستعمق الحواجز ما بين العقول المختلفة حتى إن كانت تنحدر من جذر عائلي واحد؟ قلّبوا هذه الفكرة في عقولكم، وحاولوا استشراف علاقاتكم في السنوات القليلة المقبلة! [email protected]