الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

قانون المرحلة بلا تحزب ديني (2)

توقفت في مقال الإسبوع الماضي عند هذا السؤال: «لماذا تهتم الدول الواعية بعدم تمكين التيارات الإسلاموية من أي مشروع سياسي محلي؟!» دائماً ما كان الجلباب الإسلامي منصة اصطياد للعواطف وجمع الأكثرية الساحقة من خلال سُقيا الأدمغة نصوصاً لغرض تجريف معانيها تجاه مخارج ومآرب تغذي مبدأ وهدف شخصي وحزبي، ومن ثَمَّ تبدأ مرحلة الانقياد الجمعي وتطبيق الاستراتيجية التيارية والحزبية لجر الشارع المنقاد إلى ما أشبه بجيش مسلط ضد منظومة مؤسسات أو نظام حاكم، وذلك بعد إشباع المجتمعات بمظلوميتها الدينية والاقتصادية والاجتماعية. تُجيد بعض الشخصيات القيادية الدينية المتحزبة فقه الخطاب وتحريك المشاعر، والعزف على وتر العيب والعادات والتقاليد قبل الدين «وهذه أهم النقاط»، من أجل بقاء الغليان مستمرّاً في أفئدة العامة، لغرض رفض قرارات وقوانين جديدة، حتى إذا أزف الوقت وحانت ساعة الصفر، أطلقوا رصاصتهم الأولى تليها الثانية والثالثة وهكذا، حتى وإن أدّى ذلك إلى فوضى عارمة ودماء مُراقة، كل ذلك لأجل الإمساك بزمام الأمور كدولة تحت مسمى إسلامية، واعتلاء كرسي الحاكمية، ومن ثم نهش الثروات والممتلكات، وسحق الأتباع. كل التيارات والأحزاب الإسلاموية «السنية والشيعية المتشددة متشابهة في الصفات»، ففي إيران خير مثال على النظرية السابقة التي استولى فيها النظام الحالي على سدة السلطة بعد سنوات من الصراع الفكري القائم على الشعبوية والتغذية الفكرية باسم الدين، وزعمهم بأنه الذي سيعيد للمسلم المواطن حقه في الحرية والكرامة الإنسانية ورغيف الخبز المسلوب، لذا فبعد عام 1979 وإلى اليوم، بقي الإيراني فقيراً مسلوباً وبلده متخلفاً ورجعياً. وما أشبه متطرفي إيران بمتشددين ومتطرفين آخرين في بلدان إسلامية عدة، ولعلنا نتذكر قياديي وأتباع تنظيم القاعدة المتفرخة مما تسمى بالصحوة الإسلامية في تسعينيات القرن الماضي، وبعد التنبه لهم وإيقاف الحُلم عند حده، تحولوا لمشروع مسلح ومسوا المصالح والتنمية والأبرياء في أصقاع الأرض. ولم يقف الأمر عند هذا التنظيم، بل ظهر لنا تنظيم داعش المنقلب على القاعدة وكيف عامل المناطق التي سيطر عليها وحولها إلى دهاليز أشباح «لاحياة ولا روح»، وكيف سرق الكثير من قياداته الأموال وفرّوا، فضلاً عن تجويع الناس باسم العدالة الإسلامية «بمنطوقهم»، وقبل هذا وذاك «تنظيم الإخوان الإرهابي» الذي كان شرارة كل العناكب والخيوط المتطرفة. [email protected]