الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

رسالة إلى مارك زوكربيرغ

رغم دراية مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ بأن موقعه سيجذب ملايين البشر لاحقاً بمختلف فئاتهم المعرفية والفكرية إلى شبكته الاجتماعية، إلا أن فكرة تحول هذه المنصة مكاناً لتسول الإعجاب، وحيزاً لابتلاء الآخرين بالإحراج الأدبي، أمر لم يخطر في بال زوكربيرغ على الإطلاق، ليترك الكثير منا اليوم يتحملون العواقب. صديق لي قرر أن يصبح «أديباً فيسبوكياً» بعد اليقين بأن نتاجه الفكري المميز يذهب سدى على طاولات المقاهي، فما كان منه إلا أن أنشأ حساباً وبدأ الكتابة لخلق الله، قصة، شعر، خواطر، نصائح، أي شيء حتى إنه نشر صورة له وهو ينفث الدخان، وبين يديه ديوان للشاعر محمود درويش، كإثبات لمتتبعيه بأنه مثقف من الدرجة الأولى. للأسف كل مساعيه فشلت، فصديقي لم يحصّل سوى «13 لايكاً» من بينهم زوجته وأولاده وأصدقاؤه كاتفاق مسبق بينهم على تبادل الإعجاب، فما كان منه سوى اللجوء للحل الأمثل، وهو نشر بوست على صفحته موجه لأصدقائه يقول: «أنا أديب يدعو الله عز وجل أن يوفقه بكتاباته ويصبح كاتباً مشهوراً.. أرجو الاطلاع على صفحتي وإرسال البوست الخاص بي إلى خمسة من أصدقائكم ولكم دعائي بالتوفيق»، وبالفعل بدأت اللايكات تتهافت على كاتبنا من هنا وهناك، حتى إن البعض بدأ يكتب في التعليقات: من لا ينشر هذا البوست سيتحول إلى قرد بعد ثلاثة أيام. ويستشهد في سياق حديثه، بشخص تجاهل التحذير، وهو الآن قرد يأكل الموز في الشوارع والمنتزهات. عدد لا يحصى من البشر على الفيسبوك، ينشرون يومياً الحكم والنصائح والخواطر التي تدفعنا أحياناً للخروج من الموقع متسائلين: كيف أصبح كل هؤلاء أدباء فجأة؟ وبالطبع لا يسعنا أمام أصدقائنا إلا أن نضع لايكاً، ونبدي إعجابنا بما يكتبون، وفي حال العكس سنتحول إلى مقصرين لا نعرف معنى الصداقة ولا نقدر الإبداع ونحارب النجاح، من مبدأ «ما خسارتك إن ضغطت على اللايك كونه مجانياً؟». تسوّل الإعجاب لصناعة الأشخاص والمنتديات بات ظاهرة تلجأ للعديد من الحيل والأساليب، والهدف منها إما أن يكون تجارياً، أو للتفاخر بعدد المتتبعين، فازديادهم دليل على أن هذا الشخص مهم جداً ويستحق متابعة أخباره وما ينشره من إبداعات، حتى وإن كان هذا الشخص صديقي الذي حدثكتم عنه. أخيراً: السيد مارك زوكربيرغ.. أرجو إعادة النظر بشأن «انقر لايك»، فالأغلبية منا لا تعرف ما معنى أن تكون صادقاً حين تبدي إعجابك بشيء. «لايك» من فضلك. [email protected]