الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

ريان ماسون: 28 مسماراً في جمجمتي .. ومحظوظ لأني حي حتى الآن

«كنت وقتها حريصاً على ترك تذكرتين لأمي وأبي في مكتب التذاكر حتى يتمكنا من مشاهدتي وأنا ألعب أمام تشيلسي في يناير 2017 .. كانت مباراة متكافئة منذ بدايتها حتى الدقيقة 13، عندها قفزت عالياً لأشعر معها بأن شيئاً ما تحطم داخل جمجمتي»، هكذا ابتدر لاعب هال سيتي السابق الإنجليزي راين ماسون حديثه مع الغارديان وهو يتذكر معاناته مع الإصابة الخطرة التي تعرض لها إثر ارتطامه مع مدافع البلوز غاري كاهيل، والتي حرمته لاحقاً من مواصلة مشواره في عالم كرة القدم.

وأضاف ماسون «اعتقد البعض أني لن أتذكر ذلك، لكنني أستطيع أن أتذكر حتى كلمات الطبيب والألم الهائل، فبعد أي إصابة في الرأس، ينتقل جسمك إلى حالة طبيعية من الألم، لكن بالنسبة لي كان الأمر بمثابة انفجار داخل رأسي».

وتابع «اتخذ طبيب النادي مارك والير بعض القرارات الكبيرة التي أسهمت في شفائي بعدما علم أن الأمر عبارة عن كسر في جمجمتي وكان هناك احتمال لتلف الدماغ، لأن الجانب الأيمن كله من وجهي قد سقط وشل تماماً فقد أراد سائق سيارة الإسعاف الذهاب بي إلى أقرب مستشفى، لكن الطبيب قال إننا بحاجة إلى الذهاب إلى مستشفى متخصص».


وتابع: «هذا القرار ربما هو ما أنقذ حياتي .. فلو ذهبنا إلى أي من المستشفيات الأقرب من الملعب ربما كنت أجريت بعض الفحوص، قبل أن يحيلوني إلى مستشفى سانت ماري، الأمر الذي يعني إهدار الكثير من الوقت الثمين في تلك اللحظة».


معاناة

نسبة لحجم الإصابة ربما بات ماسون، الذي نشأ في صفوف توتنهام الإنجليزي قبل أن يرحل إلى هال سيتي موسم 2016، لا يجد فرصة إلا وعاد للحديث عنها بالتفصيل: «أتذكر الشعور بالألم وحساسيتي المفرطة تجاه الضجيج عقب العملية الجراحية، ما توجب نقلني إلى غرفة خاصة، إذ كنت أضطر للجلوس في صمت تام لأن أي ضجيج قليل كان يؤذيني حتى همس الممرضات في الممرات أشعر به كأنه صراخ في أذني مباشرة».

وتابع: «نمت على الأرجح ما بين 20 و22 ساعة في اليوم، كانوا لا يوقظونني إلا للقيام ببعض الاختبارات، للتحقق من ضغط الدم وما إلى ذلك، لكن في معظم الوقت كان علي أن أنام فالتعافي من هذا النوع من الإصابات عمل شاق للجسم».

ويوضح اللاعب ماهية العمليات المتلاحقة التي أجريت له «علمت أن لديّ دبابيس وألواحاً معدنية في رأسي بعد ستة أشهر تقريباً، إذ جلس الأطباء ليشرحوا لي ما فعلوه بالضبط إذ لم يكونوا متيقنين من أني سأتفهم الأمر، لكنهم أخبروني في المجمل أن لدي 14 لوحاً معدنياً في جمجمتي مع 28 مسماراً إضافة لـ 45 عقدة صغيرة وست ندب».

وأضاف ماسون: «جميع عضلات الوجه تلفت تقريباً، ولم يكن لدي أي فرصة لفتح فمي لنحو عشرة أيام، وبعد نحو عشرة أسابيع تمكنت من فتح فمي بشكل صحيح، كانت المرة الأولى التي ألتقط فيها كوباً من عصير، كان أمراً هائلاً بالنسبة لي حتى إني وثّقت تلك اللحظة بالصور».

تحدٍّ

استعرض اللاعب البالغ من العمر 26 عاماً التحدي الذي عايشه طوال الفترة الأولى من الإصابة «الأشهر الثلاثة الأولى كانت الأسوأ بلا شك، بل عبارة عن تحديات مستمرة باختبار الجلوس ثم المشي، الأمر الذي مثل تحدياً عاطفياً ليس بالنسبة لي فقط بل لأسرتي كذلك، والتي كانت تؤازرني بإبقاء المنزل من دون إنارة ولا حتى أضواء التلفزيون لأكثر من ثمانية أسابيع، كما كان يجلس الجميع إلي جانبي في صمت لساعات طويلة».

واستطرد: «بالطبع كان الأمر صعباً بالنسبة لي، خصوصاً أنني اعتدت أن أكون نشطاً للغاية كل يوم، لكن أعتقد أنه كان أسوأ من ذلك على الأرجح بالنسبة لعائلتي لأنهم اضطروا لرؤيتي في تلك الحالة».

عودة

لم تكن العودة بالأمر السهل، إلا أن ماسون البالغ من العمر 27 عاماً امتلك العزيمة لخوض التجربة من جديد على حد تعبيره، وقال: «في نهاية شهر مايو، كنت أفكر في اللعب مرة أخرى .. سافرت إلى هال لرؤية الفريق وبدء رحلة التأهيل التي انطلقت بركل الكرة على الحائط بالطريقة ذاتها التي كنت أفعلها وأنا طفل وامتد الأمر خمسة أشهر أخرى».

وأوضح: «بدت العودة إلى الملاعب بعيدة جداً في تلك المرحلة، لكني كنت أقنع نفسي بأني على بعد أسابيع فقط من اللعب للفريق مرة أخرى، ظننت أنني أستطيع العودة، واللعب بضعة أشهر قبل أن أعود إلى الدوري الإنجليزي في الصيف، لكن بعد إجراء بعض الفحوص في فبراير تغير كل شيء من جديد».

وذكر ماسون أنه « بالنسبة للسنة الأولى انصب التركيز كلياً على جمجمتي، فقد كانت هناك ثغرات تحتاج إلى إصلاح، وعقب الفحوص ظهرت بعض المشكلات في الدماغ فتحدثت إلى الأطباء مجدداً أوضحوا لي الحقيقة بإمكانية حدوث مشكلات جديدة في الدماغ حال بدأت اللعب مرة أخرى».

وزاد: «قالوا لي إذا عدت للملاعب فإنه خلال سنة أو ستة أشهر قد تكون هناك احتمالية أن أصاب بالخرف أو الصرع أي في سن الـ 28 أو 29، بل اعتبروا أن مجرد استعادتي لوعيي الكامل يعتبر معجزة في حد ذاته، لكن اللعب يمكن أن يؤدي إلى المزيد من الضرر».

شغف

على الرغم من اضطرار ماسون، الذي يعمل حالياً محللاً في بعض القنوات الإنجليزية، للابتعاد عن الملاعب في سن مبكرة لكنه لا يزال فخوراً بما حققه ضمن مسيرته القصيرة، وقال: «ما زلت أعشق الكرة بكل تأكيد لكن لسوء الحظ لا أستطيع الاستمرار، في وقت كنت أعتقد أني سأصل إلى ذروة عطائي في الـ 28 أو حتى الـ 32 لكن عندما أنظر إلى الوراء أرى أني وضعت علامة لا بأس بها في جميع مراحل حياتي الكروية».