الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

قصة مدرب غيّر فلسفة الكرة وجدّد نادي ليدز العريق

قصة مدرب غيّر فلسفة الكرة وجدّد نادي ليدز العريق
ربما لم يكن المدير الفني لليدز يونايتد المدرب الأرجنتيني مارسيلو بيلسا يعتقد أنه يفعل شيئاً مخالفاً لأعراف كرة القدم، عندما أرسل كشافيه للتجسس على منافسه في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي ديربي كاونتي قبل مباراته التي جمعت الفريقين في الجولة الـ 27، والتي حسمها ليدز لمصلحته لاحقاً بهدفين دون رد.

ولا يخفى الرجل طريقته المعتادة في مراقبة الخصوم والتي ظل يتبعها طيلة مسيرته الفنية، إلا أن ردة فعل المدير الفني لديربي كاونتي الإنجليزي فرانك لامبارد الغاضبة جعلت الجميع يشعر وكأن الأرجنتيني أحدث صدعاً في روح المنافسة الشريفة بين الفريقين.

ولعل اعتراف بيلسا العلني بفعلته، هو ما أثار حفيظة لامبارد كما يبين في حديثه عن الواقعة «التجسس على الخصوم أمر شائع في كرة القدم، ولكن الحديث عنه بهذه الطريقة والافتخار به أمر جديد لم نعهده من قبل، فلم أرَ بيب غوارديولا أو يورغن كلوب أو حتى ماوريسيو بوكتينيو يفعلون ذلك، أو على الأقل لا يخرجون للعامة ويعلنون الأمر».


بطبيعة الحال وبالنظر إلى المنافسة المشتعلة بين الطرفين فقد يعد الأمر تصرفاً كلاسيكياً من قبل بيلسا، لكن وعلى الجانب المقابل من الواضح أن ديبور في فورة غضبه نسي أن معلمه ومثله الأعلى في التدريب البرتغالي جوزيه مورينيو قد فعل الأمر ذاته في تشيلسي من قبل، فلا يوجد قانون يمنع تصرفات كهذه في عالم كرة القدم.


ويجد المتابع لأساليب بيلسا أن الرجل يبدو مختلفاً عن الآخرين حتى في طريقة توجيهه للاعبين، وليس أدل من ذلك عاداته الغريبة كالجلوس على دلو على حافة الملعب بدلاً من المقاعد المخصصة للجهاز الفني ليحصل على رؤية أفضل للاعبين والمنافس على حدّ تعبيره.

فلسفة

يشكل اكتشاف الخصم هاجساً بالنسبة للأرجنتيني وهو ما يتجلى في إجابته عن كيفية قضائه لأوقات فراغه أيام العطلات الرسمية «أتدرب بدنياً مدة ساعتين يومياً، بينما أقضى أكثر من 14 ساعة في مشاهدة مقاطع الفيديو الخاصة بالفرق التي سنواجهها».

وعُرف بيلسا ولأكثر من ثلاثة عقود بفلسفته المبنية على الضغط العالي وإغلاق المنافذ أمام المنافس، إذ تعتمد جميع الفرق التي دربها على مبدأ انتزاع الكرة والاندفاع للأمام قدر المستطاع مع تأمين الخط الخلفي من خطر الكرات المباشرة في المساحة الخالية الأمر يحتاج إلى كثير من الجهد البدني بالنسبة للاعبيه.

ولا يقتصر الأمر على الإمكانات البدنية فقط، بل والتركيز العالي ما يحتم على المدرب الأرجنتيني دراسة خصمه جيداً قبل كل لقاء لتحديد أنماط اللعب التي يتبعها نقاط الضعف والعمل على اختراقها.

نجاح

ولد مارسيلو بيلسا في روزاريو بالأرجنتين يوليو 1955، حيث عمل والده رافائيل في المحاماة، بينما كانت والدته وليديا تعمل معلمة، حيث حاولا دفعه للانخراط في مجالات السياسة أو المحاماة مثل شقيقه الذي وصل إلى منصب وزير خارجية في فترة حكم الرئيس نيستور كيرشنر، بينما أراد هو أن يصبح لاعب كرة قدم فانضم إلى نادي نيويلز أولد بويز أحد الأندية المحلية في المدينة.

ولم يوفق كثيراً مع الفريق فانجرف نحو الدرجات الدنيا في كرة القدم الأرجنتينية متزامناً مع دراسته للهندسة الزراعية والتربية البدنية، قبل أن يعود إلى نيويل للعمل على تطوير فرق الشباب، فبحسب رؤيته فالعديد من الأندية الأرجنتينية كانت تفتقد المواهب المحلية وعليه قام بتقسيم خريطة البلاد إلى 70 قسماً، ومن ثم قيادة سيارته لأكثر من خمسة آلاف ميل لمشاهدتها المواهب بها لكرهه للطيران.

وفي 1990 تولى بيلسا قيادة الفريق الأول لأولد بويز ليقوده للفوز بلقبين في الدوري الأرجنتيني، ثم انتقل إلى فيليز سارسفيلد عام 1998، بينما قاد منتخب بلاده لتحقيق ذهبية أولمبياد أثينا 2004، لكنه توقف عند تلك المحطة بأربعة إنجازات فقط، فلم يتمكن حتى الآن من تعزيزها بلقب آخر على الرغم من سمعته المميزة في عالم المستديرة كإعادته الكرة التشيلية لوضعها الطبيعي على الخريطة العالمية، فضلاً عن نجاحاته مع أتلتيكو بلباو الإسباني ومارسيليا الفرنسي.

مثالية

شهرة بيلسا تعدت كونه مدرباً مجدداً لبعض التكتيكات ليصبح واحداً من فلاسفة اللعبة وهو ما تؤكده زيارة المدير الفني الحالي لمانشستر سيتي الإسباني بيب غوارديولا له قبل توليه مهمة قيادة برشلونة في 2008 ليقضي معه أكثر من سبع ساعات في مناقشة فلسفته الخاصة أساليب اللعب التي يتبعها، كما أبدى مواطنه والمدير الفني الحالي لتوتنهام ماوريسيو بوتشيتينو إعجابه في أكثر من مرة بأفكار الرجل.

وعلى الرغم من إجماع الكثيرين على براعة بيلسا لكن أسلوبه لا يخلو من بعض الخلل أحياناً، وإن كان يرفض التنازل، فدائماً تبدو فرقه قوية مع بداية كل موسم قبل أن تبدأ في التراجع، ولعله ما كان يدفع كل من عملوا معه للتقليل من حدة أساليبهم لتجنب المصير ذاته.

وربما نجده محبوباً بين جماهير فريق ليدز يونايتد في الدرجة الثانية من الدوري الإنجليزي لجهة المباريات المثيرة التي لعبها الفريق تحت قيادته، وعلى الرغم من أن الأرقام تشير إلى أن الفريق قد يعاني في نهاية الموسم، لكن مع ذلك من غير المرجح أن يغير بيلسا مثاليته العالية يمكن وصفها بأنها سبب ضعفه أحياناً وعظمته أحياناً أخرى بكل تأكيد.