الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

«كورونا» يضاعف الغموض حول مستقبل الدوريات الخليجية.. ومطالب إلغاء الموسم تتصاعد

لا يكاد يوم يمر دون أن يطالع الشارع الرياضي عالمياً قراراً بتأجيل حدث أو بطولة ما، بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، ليشل الأخير الرياضة العالمية تماماً، بعد أن دق آخر مسمار في نعشها بعد قرار اللجنة الأولمبية، الثلاثاء، بتأجيل أولمبياد طوكيو 2020 إلى العام المقبل.

الآن وبعد أصبح قرار توقف المسابقات واقعاً معاشاً، تحول كل الحديث خصوصاً في لعبة كرة القدم إلى الكيفية التي يتم بها استئناف الدوريات الكروية، التي قطعت شوطاً كبيراً في موسمها، قبل الجائحة العالمية.

على الصعيد الخليجي، ربما يبدو مجرد الحديث عن الاستئناف في الأشهر القليلة المقبلة، مدعاة لجدل كبير، مفاده بصعوبة لعب أي مباريات بعد مايو، لجهة ظروف الطقس، والارتفاع الكبير في درجات الحرارة والرطوبة، ليتضاعف بالتالي الغموض على مصير الموسم التنافسي 2019ـ2020.

وفي هذا السياق، ربما يمثل، اليوم الجمعة، بارقة أمل في كيفية معالجة الوضع في دوريات المنطقة، إذ ينعقد الاجتماع الاستثنائي لمنتدى الروابط العالمية المحترفة عبر تقنية (الفيديو كونفرانس)، وذلك لمناقشة أوضاع الدوريات المحترفة حول العالم والمتوقفة حالياً بسبب فيروس كورونا، حيث يبحث الاجتماع الحلول الممكنة لإنقاذ الدوريات والأندية واللاعبين، وتشارك رابطة المحترفين الإماراتية في الاجتماع.

وبعيداً عن هذا الاجتماع، تسود الشارع الرياضي الخليجي حالة من شبه الاتفاق على ضرورة إلغاء هذا الموسم، ولكن هذا الاتفاق لا يخلو من جدل، ويتعلق أساساً بالكيفية التي يتم بها الإلغاء، وهل يلغى بدون تحديد بطل، أو تتويج المتصدرين الحاليين، كما لا يبدو الأمر واضحاً في موضوع الهبوط.

«الرؤية» تفتح في المساحة التالية زاوية تطل عبرها على الوضع في تلك البطولات، وتناقش مع مختصين ومحللين أبرز السيناريوهات المتوقعة، وكذا أثرها على هذا الموسم.

التفكير في الموسم المقبل ضرورة

ورأى المدرب السابق والمحلل الرياضي البحريني، رياض الذوادي، في حديثه لـ«الرؤية»، أن الحل الأفضل والأنسب هو إلغاء الموسم الحالي بشكل رسمي، والعمل على الاستعداد للموسم المقبل، ووضع التدابير اللازمة لهذا الأمر، لا سيّما أن الوضع المستقبلي بخصوص فيروس كورونا غير واضح.

وقال الذوادي: «لا نعرف تحديداً متى تنجلي الأزمة، ونسأل الله أن يكون ذلك سريعاً، ولكن لا بُدَّ من اتخاذ القرارات الشجاعة من قبل الاتحادات الكروية الخليجية بإلغاء الموسم».



وأضاف: «من الصعوبة استكمال الموسم في الفترة التي تقع بعد شهر مايو، فالطقس لن يساعد تماماً، وإنما يتسبب في أضرار صحية للاعبين والمنظومة بأكملها، فلا يمكن أن نخاطر بهم في هذا الوضع غير الصحي، لذلك أرى أن الحل الأوفق هو إعلان إلغاء الموسم فوراً».



وتابع: «بالرغم من اقتناعي بخطوة إلغاء الموسم، وهي خيار مثالي، فإنني أجد حظوظها ضعيفة، نسبة إلى أن الاتحادات الخليجية يميل بعضها للأخذ بآراء ورغبات الأندية، صاحبة النفوذ لديها، فهي سيدة الموقف في اتخاذ القرارات، والأندية بلا شك تنظر لمصالحها فقط، وهنا على الاتحادات أن تتحلى بالشجاعة المطلوبة في هذا الظرف الحرج».



وشدد الذوادي، على أن روزنامة الأحداث الرياضية بعد عودة النشاط العالمي ستكون مزدحمة للغاية، وقال: «لن يكون هناك مجال لاستكمال الموسم، فالاتحادان الآسيوي والدولي سيطالبان بضرورة الإسراع في أداء الجولات التي جرى تأجيلها للتصفيات الخاصة بنهائيات كأس العالم 2022 وكأس آسيا 2023، وبطولة دوري الأبطال الآسيوي، ولذلك من الصعوبة استكمال المسابقات المحلية».



وختم: «في ظل هذه الأوضاع التي يضاف إليها انتهاء عقود العديد من اللاعبين خصوصاً الأجانب والمدربين كذلك، وهو ما يعني أن المشاكل ستزداد على الأندية، فالأفضل إلغاء الموسم الحالي، لتتجه الإدارات بدورها لترتيب أوضاع لما بعد مرحلة انجلاء أزمة كورونا».



إلغاء دون تحديد بطل

وبدوره، أيّد المحاضر الآسيوي في حراسة المرمى والمشرف الفني لأكاديمية نادي بني ياس الإماراتي، زكريا العوضي، ما ذهب إليه البحريني رياض الذوادي، داعماً خيار إلغاء نتائج الموسم الحالي، وعدم منح البطولة لأي فريق، وألا يكون هناك هبوط لأي فريق، إضافة لصعود فريقين من دوري الدرجة الأولى، ليكون ذلك منصفاً للمتصدرين بتلك المسابقة، وأيضاً للهابطين.



وبحسب العوضي، لا يمكن أن تحددهم دون إكمال الموسم، على أن يعود الوضع في الموسم بعد المقبل للوضع الطبيعي بهبوط 4 فرق وصعود فريقين، واعتبار الموسم المقبل استثنائياً لمعالجة الوضع الحالي.



وشدد العوضي على أن صحة الإنسان هي الأهم في الظروف الحالية، ولا يمكن المخاطرة باللعب الآن، أو بعد شهر مايو، نسبة إلى أن الطقس العام في المنطقة لا يساعد على اللعب، وأضاف: «الأجواء حارة للغاية بفعل فصل الصيف، وعلى الأندية أن تضحي من أجل المصلحة العامة، وتتجاوب مع الخيار المناسب في إزاء الأوضاع الجديدة التي عاشها العالم بأجمعه، وعلى الجميع أن يتكاتفوا من أجل عبور المرحلة الحالية بسلام».

صعوبات وتحديات

أكد الناقد الرياضي والإعلامي السعودي صالح الدخيل، أنه من الصعب استئناف الدوريات في الوقت الحالي، لا سيّما وأن الأندية متوقفة عن ممارسة التمارين اليومية.



وقال لـ«الرؤية»: «حتى وإن كان هناك اهتمام من اللاعبين بمواصلة التمارين في منازلهم، فإن المباريات تحتاج إلى عمل جماعي، وتركيز على بعض الأجزاء، وهذا يتطلب تحضيراً وإعداداً خاصاً، إضافة إلى الاستماع لتوجيهات المدربين، وكذلك بعض المنشآت الرياضية والملاعب بحاجة إلى صيانة لأرضياتها وتغيير العشب، وقد يستغرق ذلك بعضاً من الوقت لاكتمال جاهزيتها».

وأكمل: «بكل تأكيد ستكون هناك صعوبة في استئناف اللعب أثناء فصل الصيف، خاصة في ظل الأجواء الحارة، واللعب خلال فترة الصيف سيؤثر بشكل كبير على جدولة الموسم القادم، تحديداً الإجازة الموسمية للاعبين، والمعسكرات التحضيرية للأندية، فستكون بداية الموسم الرياضي في وقت متأخر».



وفيما يختص بالحلول المناسبة لهذا الوضع، ذكر الدخيل: «من الصعب أن يتم إلغاء الموسم الرياضي كاملاً، فهناك العديد من الأندية في مختلف الدرجات (الممتازة، الأولى، الثانية)، عملت وأعدت فرقها بشكل مثالي لتحقيق تطلعات جماهيرها، ومن هذا المنطلق أرى أن يتم تتويج المتصدرين في مختلف الدرجات هو الحل الأنسب، إضافة إلى زيادة عدد الأندية وإلغاء الهبوط، على أن تتم دراسة الأوضاع بعد زيادة عدد الأندية في الموسم القادم، وتحديد آلية الصعود والهبوط من جديد».

مشاكل مرتقبة في حالة تتويج المتصدرين

من جهته، قال المحلل الرياضي السعودي عبدالرحمن مشبب لـ«الرؤية»: إن استكمال الدوريات الخليجية سيكون صعباً، في حال استمرار أزمة فيروس كورونا وتمددها لأشهر إضافية، بجانب ارتفاع حرارة الأجواء في بعض الأوقات بمنطقة الخليج العربي.



وأضاف: «حتى لو كانت هناك عودة سيترتب عليها وقت أطول لاستعداد اللاعبين من خلال التدريبات، مهما كانت نوعية تدريباته المنزلية، فهي لا تقارن بالتدريبات الرسمية في الملاعب تحت إشراف الأجهزة الفنية».



ورأى مشبب، أن الحل الأمثل هو إنهاء المسابقات كما هي عليها دون تحديد بطل: "تسمية بطل للمسابقات ستخلق الكثير من الجدل، فهناك حلول أخرى كتتويج بطل الشتاء أو المتصدر الحالي وغيرها.



وأردف: «الوضع الحالي يعد فرصة مثالية لبعض الدول التي كانت تخطط لزيادة الأندية في دوري المحترفين الخاص بها، وسيكون ذلك متاحاً من خلال عدم الهبوط وتصعيد الأول والثاني من الدرجة الأدنى إلى دوري المحترفين».



وتابع: «يأتي الدور الأهم من المؤسسات الرياضية في دول الخليج العربي، للقيام بدورها لدعم الأندية مادياً حتى تستطيع تعويض الخسائر التي وقعت فيها أثناء فترة الأزمة الحالية، وتكون قادرة على العودة مرة أخرى للمنافسات».

إنهاء الموسم سيناريو مرجح

وكشف مدير إدارة التدريب في اتحاد الكرة الخبير الدولي وعضو اللجنة الفنية بالاتحاد الآسيوي لكرة القدم، الإماراتي عبدالله حسن عبد الله، لـ«الرؤية»، عن أن التوجه العام بالنسبة لجميع الاتحادات الخليجية والآسيوية، وفقاً لما يجرى الترتيب له حالياً، يمضي نحو إلغاء مسابقات الموسم الجاري.



وقال عبدالله حسن: «تدور نقاشات داخلية بين رؤساء الأندية ومسؤولي الاتحادات، وهي ترى أن إلغاء المسابقات أفضل الحلول، باعتباره سيجنبهم الوقوع في خسائر مالية كبيرة جراء الأزمة الحالية، والأفضل لهم الاستعداد للموسم الجديد».



ولفت عبدالله إلى أن القرار الذي سيصدر بخصوص المسابقات المحلية في الإمارات لن يكون مختلفاً عما سيتخذ عالمياً أو آسيوياً، وسيكون منسجماً مع القرارات العالمية في هذا الصدد، لا سيّما وأن هناك اتحادات عريقة في كرة القدم ستكون قراراتها بخصوص مسابقاتها بمثابة مؤشر لبقية دول العالم، بحكم اسبقيته في اللعبة الشعبية الأولى وخبرتها المتراكمة في هذا المجال.



وذهب الخبير الدولي، إلى أنه يؤيد خيار إلغاء الموسم الحالي، ولكنه يطالب الاتحادات الخليجية بضرورة الاستفادة من التجربة الحالية، لوضع حلول في المستقبل عند حدوث أحداث مماثلة.



واستطرد: «من قبل، تم إلغاء الدوري نسبة لأحداث حرب الخليج العربي في 1990، إلا أنه لم تكن هناك دراسات يتم الرجوع إليها مستقبلاً، علماً بأن الكوارث الطبيعية التي تحدث، لا يمكن منعها،

ولهذا لا بُدَّ من الاستفادة من تجربة كورونا، لمعرفة المعالجات التي يجب اتباعها عندما تحدث طوارئ يتوقف على إثرها الدوري سواء كان ذلك التوقف شهراً أو شهرين، لتكون برنامج عمل يستفاد منه مستقبلاً».

سابقة تاريخية

الناقد الرياضي البحريني، فواز شمسان، أكد أن القرارات التي ستتخذ بخصوص المسابقات، سواء العالمية أو الخليجية، ستكون بمثابة مرجعية تاريخية، فما حدث الآن ربما قد يتكرر مستقبلاً في أي وقت، ولذلك لا بُدَّ من دراستها بعناية للوصول لقرار صحيح وسليم يحفظ حقوق الجميع والمصلحة العامة.



وشدد شمسان، على أن سلامة وأمن الجميع في دول الخليج العربي، سواء كانوا مواطنين أو مقيمين يمثل غاية وأولوية قصوى لقادة تلك الدول، وهذا ما لمسه الجميع من الإجراءات والقرارات المتخذة للوقاية والحد من انتشار فيروس كورونا.



وأضاف: «من هذا المنطلق، أرى أن خطوة توقف المسابقات حالياً، تعتبر إيجابية ومتسقة مع الإجراءات المتخذة، ولكن تفكير الاتحادات الرياضية يجب أن يكون الآن، في مرحلة ما بعد جائحة كورونا، حتى يتسنى لها وضع أنسب الحلول بما يتوافق مع مصالح أنديتها وبالتشاور والنقاش المستضيف، ووضع كافة الأمور على طاولة النقاش ريثما تخرج بأفضل القرارات التي ربما نحتاج إلى الاستفادة منها مستقبلاً».