الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

صالح المرزوقي.. كشاف مواهب الصافرة الإماراتية

صالح المرزوقي.. كشاف مواهب الصافرة الإماراتية

صالح المرزوقي في اتحاد الكرة بدبي. (تصوير: عيسى البلوشي)

لا تكاد جولة في دوريات الكرة المعهودة تمر بدون التطرق بالنقد للحكام، وهو أمر بات معتاداً.. ويحدث أحياناً أن يختفي، لكن مع ذلك الاختفاء، قليلاً ما تسلط الصحف الضوء على نجاحات قضاة الملاعب في إنزال كل تأهيلهم وإلمامهم بالقوانين لأرض الملعب من أجل بسط العدالة بين (المتبارين)، مستندين في ذلك على لياقة بدنية تضاهي لياقة اللاعبين أحياناً.



بشكل أعمق، ربما لم يكن اجتهاد الحكم هو السبب الوحيد في هذا النجاح، فهناك خلف الكواليس جنود لهم باع أطول في العملية برمتها، إذ ينسب لهم الفضل في اكتشاف تلك المواهب التحكيمية، ومن ثم صقلها علمياً، ومن هؤلاء الجنود المؤثرين لا (المجهولين) الحكم المساعد المونديالي السابق الإماراتي صالح المرزوقي، موضوع صفحة الرؤية الأسبوعي الحالي.



تقول السيرة الذاتية للمرزوقي إنه شارك في كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا ممثلاً للصافرة الآسيوية، بجانب ظهوره في بطولتين لكأس آسيا، وغيرها من المشاركات الخارجية التي يذخر بها سجله، كما أنه يعمل حالياً مديراً فنياً لحكام المراحل السنية في اتحاد الكرة، والمسؤول المختص عن اكتشاف وتكوين حكام المستقبل للصافرة الإماراتية.



ولسنوات طويلة ظل المرزوقي منهمكاً في عمله بعيداً عن الأضواء، في ملاعب الأندية المختلفة، يرصد ويراقب صغار الحكام لانتقاء الأفضل منهم، ريثما يتم استيعابهم في الدورات التي تنظم للحكام المستجدين، وهو ما أنتج اليوم 5 أطقم تحكيمية شابة وصلت الآن مرحلة الفريق الأول، وأدارت لأول مرة مباريات الجولة الأولى لكأس الخليج العربي في الموسم الحالي 2020-2021، ليحصد قطاع التحكيم الإماراتي ثمرة ما بذله المرزوقي من جهد في السنوات الماضية، إذ بدأ العمل مع هؤلاء الحكام من الدورة الأولى لهم في سلك التحكيم وصولاً لمسابقات المحترفين على مستوى الفريق الأول، مشكلين إضافة مهمة للجنة الحكام بخلق صف ثانٍ من قضاة الملاعب يحمل الراية مستقبلاً.



بداية العلاقة

بدأت علاقة المرزوقي مع اتحاد الإمارات لكرة القدم عام 1997، عندما تقدم للالتحاق بدورة الحكام المستجدين، حيث كان وقتها ابن الـ26 ربيعاً، وظلت العلاقة مستمرة حتى الآن، بعد أن مرت بتطورات عملية كثيرة حسب كل مرحلة، إلى أن وصل به المطاف أخيراً ليكون مديراً فنياً لحكام المراحل السنية منذ عام 2015، بعد اعتزاله للتحكيم.

وعن ذلك يقول المونديالي السابق: «قررت اعتزال ممارسة التحكيم عام 2013، حيث كنا نستعد للمشاركة في مونديال البرازيل 2014، برفقة الحكم السابق رئيس لجنة الحكام الحالي في اتحاد الكرة علي حمد، بسبب الإصابة التي تعرض لها حمد، الذي سبقنا في إعلان اعتزاله ومن ثم تبعته أنا، حيث كانت آخر مباراة شاركت في إدارته بين عمان والأردن برفقة الحكم الإماراتي محمد عبدالكريم، وبعد نهاية المباراة بتاريخ 1 يناير 2014 أعلنت اعتزالي التحكيم رسمياً حتى أفسح المجال لأجيال إماراتية جديدة، علماً بأنني فكرت في المصلحة الوطنية أكثر من شخصي إذ كان بإمكاني المواصلة حتى أبلغ السنة الرسمية للتعاقد إلا أنني آثرت منح الفرصة لكي يتقدم طاقم كامل مكون من الثلاثي محمد عبدالله حسن، وحسن المهري، ومحمد أحمد يوسف الذين وصلوا لمونديال 2018 في روسيا».

وأضاف المرزوقي: "بعدها في عام 2014 نفسه، التحقت بالعمل في إدارة الحكام باتحاد الكرة، حيث تسلمت في بداية الأمر الإشراف على بطولة العين الدولية للناشئين، وفيها تعلمت الكثير من الأمور المتعلقة بعملي الجديد في الإشراف على حكام المراحل السنية، وذلك بالتنسيق مع مدير إدارة حكام المراحل السنية الأردني عوني حسونة حتى عام 2015، ليتم إسناد الأمر إليّ بعد انتهاء عقد حسونة مع اتحاد الكرة، وواصلت العمل حتى الآن».



توسيع القاعدة

من أبرز الأشياء التي ركز عليها المرزوقي عندما استلم إدارة حكام المراحل السنية، توسيع قاعدة حكام المستقبل نسبة لعدم وجود عدد كافٍ من الحكام يمكن الاعتماد عليهم.

وعن ذلك قال المرزوقي: «من أهم الأشياء التي كانت تشغل جل تفكيري هو البحث عن مواهب صغيرة في السن تكون نواة لحكام المستقبل، في ظل عدم توقف الدورات الخاصة بالحكام المستجدين لسنوات، وبالفعل بدأت بالتخطيط لهذا الأمر في ظل التجاوب الكبير الذي وجدته من قبل رئيس لجنة الحكام السابق محمد عمر الشمري، وأعلنّا عن تنظيم دورات للحكام المستجدين وبالفعل وجدنا تجاوباً وإقبالاً كبيرين من الراغبين في الانضمام لسلك التحكيم، حيث أقمنا وقتها 4 دورات، اخترنا الأفضل منهم للاستمرار معنا في الدورات اللاحقة، وهذا العمل استغرق مني جهوداً ووقتاً حيث كنت أخرج من مقر اتحاد الكرة في 12 بعد منتصف الليل لا سيما وأنا أعمل وحدي وعدد الحكام متزايد، ولم يُشكل فريق عمل المراحل السنية الذي جرى تكوينه في مراحل لاحقة كما الوضع الآن أكثر تنظيماً».

اكتشاف دوريش وناجم

ويحكي المرزوقي قصة اكتشاف الحكمين أحمد عيسى دوريش وخالد ناجم قائلاً: «أثناء عملي في 2014 بدورة العين الدولية، رصدت حكمَين متميزين يمكن أن يكونا نواة لحكام المستقبل، وهو بالفعل ما تحقق الآن، حيث أصبح دوريش من أفضل حكام المستقبل في أكاديمية الاتحاد الآسيوي، وحصل على الشارة الدولية، وكذلك خالد ناجم الذي يدير مباريات دوري المحترفين، وعندما رأيتهما في دولية العين آنذاك أوصيت لجنة الحكام بضرورة العمل على الاعتناء بهما لا سيما أحمد درويش الذي يعد من الحكام المتميزين في ساحة التحكيم الإماراتي الذين ينتظرهم مستقبل كبير».

حكام المستقبل

ظهور 5 أطقم تحكيمية جديدة في مباريات الجولة الأولى لكأس الخليج العربي كان لافتاً للكثيرين، حيث رأوا لأول مرة وجوهاً شابة وجديدة توكل إليها إدارة مباريات مهمة في بداية الموسم الجديد، إلا أن الكثيرين لا يعرفون قصة تكوين تلك الأطقم التي وقف خلفها صالح المرزوقي منذ أن كانت مجرد خطط على الأوراق ليحيلها لأرض الواقع.



ويروي المرزوقي تلك القصة لـ«الرؤية» مبيناً: «هؤلاء الحكام بدؤوا العمل معي أنا وفريق العمل من الصفر، بدخولهم لأول دورة خاصة بالحكام المستجدين حتى وصلوا إلى الفريق الأول، ونتطلع ليكونوا إضافة لسلك التحكيم في الدولة، وتقديم مستويات مميزة، لا سيما بعد الجهود الكبيرة التي بذلت في تكوينهم وتدريبهم عبر سنوات من العمل والجهد طوال الفترة الماضية الذي أنتج لنا 5 حكام ساحة و10 مساعدين ليبلغ عددهم الإجمالي 15 حكماً».

مهام وأعمال

يأتي صالح المرزوقي بشكل راتب إلى مقر اتحاد الكرة في الخوانيج الساعة 2 ظهراً ويظل في أروقة الاتحاد حتى الساعة 10 مساء وفي بعض الأحيان حتى الساعة 12 ليلاً، ممارساً لمهامه اليومية، والتي تتوزع بين الأعباء الإدارية الخاصة بفريق عمل حكام المراحل السنية، والتواجد مع حكام الفريق الأول، وذلك لإنزال ما يدور هناك إلى حكام المراحل السنية، على أن يكون متواجداً يومي الخميس والجمعة بملاعب المحترفين مقيماً لقضاة الملاعب، وأياماً أخرى متابعاً وراصداً لحكام المراحل السنية وهم يديرون مباريات الفئات العمرية لانتقاء الأفضل منهم للعمل على رعايتهم وتكثيف العمل معهم للتطور نحو الأفضل.



شخصيات في الذاكرة

وعن أكثر الشخصيات رسوخاً في ذاكرة المرزوقي يقول المونديالي السابق، «الحكم الدولي السابق علي بوجسيم الذي كان بمثابة مثلي الأعلى في أن أتلمس الخطى، و الحكم الدولي السابق سالم سعيد تعلمت منه الكثير، فهما أكثر من تأثرت بهما في حياتي المهنية وأعمل حالياً على نقل كل ما تعلمته منهما للأجيال الجديدة».

مباراة خالدة

وبخصوص أبرز المباريات التي شارك في إدارتها ذكر المرزوقي، تظل المشاركة في مباراة منتخبي إنجلترا والبرازيل التي أقيمت عام 2006 على شرف افتتاح ملعب ويمبلي في إنجلترا من المباريات التي لا يمكن نسيانها خصوصاً أن الطاقم التحكيمي الذي شارك في إدارة المباراة جرى اختياره ليكون ممثلاً لعدد من قارات العالم بقيادة حكم الساحة الأوروبي مارك ميشيل، وكنت أمثل قارة آسيا كحكم مساعد أول، والمساعد الثاني من أمريكا الجنوبية والحكم الرابع من جنوب إفريقيا ممثلاً للقارة السمراء، ومن الأشياء التي سعدت بها كثيراً هي نقش ونحت اسمي مع الطاقم التحكيمي في استاد ويمبلي، كأول طاقم يحكم فيه بعد إعادة افتتاحه.