السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الشيخ أحمد بن حشر آل مكتوم لـ«الرؤية»: الرياضات الجماعية لن توصلنا أبداً للعالمية

منذ 2004 ومع نهاية كل دورة ألعاب أولمبية عالمية تجد الرياضة الإماراتية نفسها في وجه التساؤلات، بسبب غياب الميداليات الذهبية، وسط مطالبات مستمرة بتغيير الخطط والاستراتيجيات من أجل تصحيح المسار، والعودة لحصد الذهب المتوقف منذ ذلك التاريخ، وتحديداً منذ أن أهدى بطل الرماية الشيخ أحمد بن حشر آل مكتوم الإمارات أول وآخر ذهبية أولمبية.

وفي خضم تلك التساؤلات وجدل الإخفاقات، وضع الشيخ أحمد بن حشر آل مكتوم يده على جميع جروح رياضتنا في حواره الخاص مع «الرؤية»، فهو الأكثر معرفة بكواليس صناعة المجد الأولمبي، من واقع خبرته الثرية في ميادين الرماية؛ ومن ثَمَّ فهو الأجدر بتقديم وصفة لمعالجة الخلل.

وركز الشيخ أحمد بن حشر آل مكتوم في وصفته على ضرورة زيادة الدعم للرياضات الفردية، وطالب في الوقت ذاته المسؤولين عن الرياضات الأولمبية بوضع المزيد من الخطط المسنودة بالإصرار والمتابعة والصبر قبل جني النجاحات.

ورأى الشيخ أحمد بن حشر أن تركيز الدعم على الألعاب الجماعية وكرة القدم تحديداً لن يخدم الرياضة الإماراتية، مؤكداً أن تلك الألعاب «لن توصلنا إلى العالمية أبداً».

لا يمكن الحديث عن ماضي وحاضر الرياضة الإماراتية دون التوقف عند إنجازكم التاريخي.. متى نتوقع إنجازاً مماثلاً له؟ وفي تقديركم أيّ لعبة أقرب للذهب؟

أولاً على كل شخص أن يسعى ويجتهد ولكل مجتهد نصيب، والتوفيق من عند الله، وثانياً، عندما نرفع سقف الطموح إلى القمة، يجب أن ترتفع معه أيضاً الترتيبات والشروط المطلوبة لتحقيق ذلك الطموح، سواء كان ذلك من مواهب وكفاءات، أو خطط مستقبلية، وكذلك برامج قريبة وبعيدة المدى، والإصرار والصبر، وفي رأيي إذا توفرت هذه الشروط سيتكرر الإنجاز لا محالة.

وفيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال، أنا متأكد أن هناك عدداً من الرياضيين والمؤسسات حاولوا، وربما لم يحالفهم التوفيق في إدراكه بسبب ضعف الخطط، أو الكفاءات أو الدعم أو غيره، وعموماً لكل إخفاق أسباب، ومعظمها تتشابه، أمّا عن زمن تكرار هذا الإنجاز تحديداً، فأعتقد أنه سؤال لن يستطيع الإجابة عنه أي مسؤول على تراب هذا الوطن الحبيب، لأنه قبل الإنجاز تكون هناك مؤشرات، والمؤشرات في عالم الأولمبياد واضحة، مثلاً في كل رياضة أو لعبة بطولات عالمية كبيرة تسبق الحدث الأولمبي، وبمجرد حصولك على ذهب فيها، تكون لك الأفضلية في الأولمبياد، ومع الأسف نحن بعيدون كل البعد عن العالم في الرياضيات الأولمبية.

وعموماً، دعني أتوقف عند كلمة «أقرب» مرة أخرى، وهي تدل على صيغة زمنية، وأنا لا أرى ضرورة للتعلق بها، لأنه دائماً عندما يتوقع الإنسان أمراً قريباً ولا يحدث، تحدث له صدمة، لذا علينا العمل ووضع البرامج، والتحلي بالصبر والإصرار، وحينها ستأتي النجاحات بعد ذلك لا محالة، وعن أي لعبة يمكن أن يتحقق فيها إنجاز أولمبي، أتوقع رماية الخرطوش.

الأمل كله موجود في رماية الخرطوش؟

إنه أمل ضئيل، تقريباً بنسبة 1%، وأنا مسؤول عن ذلك. أنا هنا أتحدث عن تتويج بذهب أولمبي، وهو أمر لا يحدث بالحظ فقط، بل يحتاج لكفاءات، يمكن أن تفوز ببرونزية ويكون ذلك عن طريق الحظ.

وعموماً، عندما ننظر للرياضات الأولمبية والتصنيف فيها بشكل عام والرماية بشكل خاص، فنحن بعيدون كل البعد عن ذهب الأولمبياد، فنحن على مستوى الشرق الأوسط والوطن العربي وآسيا بعيدون كل البعد.

وبمقارنة قريبة على مستوى دول الخليج، فهناك الكويت تعد أقوى منّا، وعربياً مصر كذلك تتفوق علينا، هم عكسنا لهم حضور عالمي، لذا توقعاتي إن حدث إنجاز فسيكون في الخرطوش، وهو أمر قليل التحقق حتى هذه اللحظة، ومحصور في شخص أو اثنين دون ذكر الأسماء.

وبشكل عام، إذا تمت إضافة رياضة الجوجيتسو للأولمبياد، فأعتقد أنه يمكن أن نراهن على حظوظنا فيها، وبالمثل يمكن أن نراهن على حظوظنا أيضاً في الجودو، لكن فقط بحال تم فيها تجنيس، لأنني لا أعتقد أننا وصلنا فيها للمستوى المحلي المؤهل للفوز أولمبياً.

هناك تساؤل مستمر.. لماذا التراجع في الرياضة مقارنة بالقطاعات الأخرى لدولة الإمارات، والتي حققت فيها طفرات ومعايير عالمية؟

أولاً، الكمال لله وحده، وليس بالضرورة أن يكون التفوق بنسبة 10 من 10، وبالطبع مثلما ذكرت، الإمارات متقدمة وفي الطليعة في قطاعات كثيرة، الحمد لله والعالم كله يشيد بها، لكنها نعم ليست متقدمة في قطاع الرياضة، هل هذا الوضع رياضياً يرضى طموح قادتنا؟ الإجابة بكل تأكيد لا، وهو كذلك لا يرضى شعبنا، فهل نحن مقصرون كرياضيين؟ نعم ثم نعم ثم نعم.. إذ كان الهدف سامياً مثل الأولمبياد، فنحن بعيدون كل البعد، وإذا كان الوصول للأولمبياد يحتاج 10 شروط، فنحن لا نطبق أكثر من شرط.

وأقول ذلك من باب خبرتي ومعرفتي بالأدوات التي تضعك في الأولمبياد، والتي تتصدرها المباني والمشاريع وغيرها، كما أن الصرف وحده لا يأتي بالأولمبية، هناك عمل مغاير في الأولمبياد، يختلف تماماً مثلما تختلف وسيلة الوصول لدولة من دول العالم عن تلك الوسيلة التي نحتاجها للوصول لكوكب المريخ، ففي الأولى تحتاج إلى طائرة تحلق بك لتصل، وللمريخ تحتاج إلى ماكوك فضائي، فالطائرة التي تصلك ببلد وآخر هي مستوى رياضتنا، في حين الأولمبياد تماثل السفر للمريخ، لذا فإنك تحتاج إلى مكوك وليس طائرة عادية.

بمعنى آخر أنها تحتاج لخطط مغايرة وبرنامج زمني مدروس ومتابعة وميزانيات كبيرة، فإذا كنا نرغب في الارتقاء أولمبياً في العشرة أو العشرين سنة المقبلة، فإننا نتكلم هنا عن مليارات وليس ملايين، تماماً مثلما يصرف على كرة القدم والتي تبلغ مصروفاتها مليارات، فلماذا لا يحدث ذلك في الرياضة الأولمبية؟ لذا دعني أقول باختصار إننا لا نقدم لرياضتنا ما يكفي لتصل إلى الأولمبياد سواء بخطط مدروسة أم البحث عن المواهب أم الصرف المالي.

في هذا السياق.. ربما يرى آخرون أن ما تحصل عليه كرة القدم من أموال أمر مبرر كونها لعبة شعبية، وحتى في محيطنا القريب يصرف عليها المليارات، ما رأيكم؟

جميل جداً، في الحقيقة أنا متابع جيد لكرة القدم، ولا أترك أي مباراة لفريق الوصل، ولا المنتخب الأول، هي بالطبع رياضة شعبية وعالمية لا خلاف على ذلك، ولكن لا يعنى ذلك أن يحول كل الدعم للكرة بخلاف الرياضات الأخرى، وطالما كان الدعم محدوداً للرياضات الأخرى، فلا يحق لنا مطالبتها بالوصول إلى الأولمبياد، وأنا هنا لا أطالب بإيقاف الصرف على الكرة، بل أتمنى أن تتم مضاعفته، لكن دون نسيان الرياضات الأخرى، لأنها باختصار هي التي توصلنا للأولمبياد، وهنا أقول إن الرياضيات الجماعية بجميع أشكلها من سلة وكرة قدم وطائرة وغيرها لن توصلنا أبداً إلى الأولمبياد والعالمية، لذا يجب دعم الرياضات الأخرى دعماً يليق بالهدف السامي الأولمبي.

وهل ذلك ينطبق على بقية الدول الخليجية؟

صحيح 100%، رؤيتي أن المواهب التخصصية لا يتم تبنيها بالشكل الأمثل في الوطن العربي، وهنا أذكر تجربة شخصية، سبق وأن تبنيت ودربت عدداً من المفصولين من المنتخب البريطاني، وذلك خلال عامين ونصف العام؛ ومن ثَمَّ حققت معهم الذهبية والبرونزية في الأولمبياد، رغم أنهم رماة تم الاستغناء عنهم من جانب منتخباتهم وطلبوا مني تبنيهم وتدريبهم دون مقابل، قبل أن يحقق أحدهم ذهبية رماية في لندن وآخر برونزية في ريو دي جانيرو.

حدث ذلك رغم أن ميزانية الرماية في بريطانيا تعادل مئات الأضعاف لميزانية الرماية في الإمارات، لذا ما أرغب بقوله هو إننا نحتاج للدعم، وهنا ربما يتساءل البعض عن سبب عدم تخريجي لأبطال أولمبيين محليين، رغم تصنيفي بطلاً أولمبياً، فالحقيقة هنا أن رماة الخرطوش محلياً لا يتعدون الـ15 رامياً، كما أنه لا يوجد ميدان واحد مخصص للاتحاد، كلها أندية تجارية، ولو رجعنا لدول الخليج ربما نجد أن هناك ميادين مدرجة تحت إمرة اتحادات الرماية، وهذا لا يتوفر هنا، لذا أقول إننا هنا لا نقدم إلا القليل من الدعم.

هناك سؤال إشكالي يتعلق بالكلفة المالية لإعداد بطل، ومن منطلق خبراتكم بكم تقدر تلك الكلفة بصرف النظر عن اللعبة؟

هي على حسب اللعبة، فأنا إن قمت بتبني لاعب ماراثون ربما لا يتجاوز بند صرفه حذاءً رياضياً ومريلة وشورت، وهي كلفة ربما تكون معروفة جداً لدى المسؤولين عن ألعاب القوى، لكن عندما نتحدث عن كلفة بطل أولمبي في الرماية، فالأمر مختلف، فعندما آخذ موهبة صغيرة مثلاً، فإنه يحتاج للتدرب 5 مرات بصورة مكثفة أسبوعياً، كما يحتاج لعضوية في صالة رياضية، لذا فإن هذا الناشئ سيكلف نحو 300 إلى 350 ألف درهم سنوياً، وطبعاً هذا الرقم مختلف عن بقية الدول الأوروبية، لأن الكلفة عندنا هنا تجارية، وهي أغلى بعشرة أضعاف نظيرتها في أوروبا، إذ تعد كلفة الذخيرة والأطباق للرماية تجارية، وهي باهظة جداً، وأعتقد أن قيادتنا وشيوخنا أطال الله في أعمارهم، لم ولن يقصروا أبداً في الدعم، لكن المهم أن يتم وضع هذا الدعم في المكان الصحيح.