السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

تسريب فيديوهات كواليس الأندية .. كابوس يحتاج لقوانين

تسريب فيديوهات كواليس الأندية .. كابوس  يحتاج لقوانين

ضعف إدارات الأندية واستقواء لاعبيها عليها يمنعها من اتخاذ القرارات الضرورية الرادعة تجاه تفلتات لاعبيها وأخطائهم الفادحة بتصوير ما لا ينبغي تصويره

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي (سوشيال ميديا) فضاء مفتوحاً للجماهير تتدخل عبره بشكل مباشر في عمل إدارات الأندية، ومناقشة ما يفترض أنها أسرار فنية وإدارية خاصة، مستفيدة في ذلك مما يصوره بعضهم تارة، ومما يوفره بعض اللاعبين من فيديوهات من غرف الملابس تارة أخرى.

ويستغل البعض تلك المقاطع التي ترشح لوسائل التواصل الاجتماعي لزيادة الضغط على إدارات الأندية، ما يدفع الأخيرة إلى التسرع بتغطية ما ينتشر في سوشيال ميديا من خلل، وهو أمر ينعكس سلبياً على عجلة عمل تلك الإدارات التي تركز على المستجدات، وتترك الخطط الاستراتيجية المجازة.

ولا تكتفي تلك الفئة بمشاركة تلك الفيديوهات والنفاذ عبرها إلى مهاجمة إدارات، بل تشارك بعضها في تصوير بعض الجوانب الخاصة في الملاعب، مثل تصوير بعض انفعالات المشجعين أو الإداريين، ونشرها على أنها موقف من حدث أو لاعب أو مدرب ما، ما يذكي بالتالي حدة الانقسامات.


بدورهم، عادة ما يساهم بعض اللاعبين في الأزمة، وذلك عبر تصوير بعضهم لما يدور داخل غرف ملابس اللاعبين، دون كبير انتباه إلى مدى مواءمة تلك الفيديوهات للأعراف المجتمعية، وفي السياق ذاته، ورغم عدم تركيز الجماهير على هذه الزاوية تحديداً في نقد هذه الفيديوهات، لجهة انتشارها عالمياً، إلا أنها توظفها في توجيه سهام النقد لمجالس الإدارات.


قنبلة يدوية

وصفت الباحثة في علم النفس والاجتماع المدرب الدولي المعتمد في التعليم والتنمية الشخصية موزة القبيسي سوشيال ميديا بـ « القنبلة اليدوية» التي يحملها كل فرد على جهاز هاتفه المتحرك ويتجول بها في كل مكان، مشيرة إلى أن الإعلام أصبح بين أيدي الفرد والجماعة الذين بمقدورهم مخاطبة أكبر كتلة بشرية بتغريدة محدودة الحروف والكلمات، لكن تأثيرها كبير، يبقى التأثير الأكبر لمقاطع الفيديو أو الصوت التي يطلقها البعض دون التريث والتدبر لمآلات بثها في الفضاء، حيث لا شيء يمنعها من الانتشار والتأثير سلبياً أو إيجابياً.

وأكدت القبيسي أن لاعب الكرة يلجأ للفت الأنظار وتسويق نفسه بتصوير مقاطع فيديو داخل أروقة النادي قبيل أو بعد المباريات والتدريبات، وأحياناً داخل غرف تبديل الملابس بما يشكل مخالفة أخلاقية للعرف والعادات قبل أن تُصبح مخالفة للقانون.

وجزمت الخبيرة الاجتماعية بأن الجماهير بدورها تلجأ لتصوير ما يدور داخل الأندية وإقناع بعض اللاعبين أو الموظفين الذين يعملون داخلها بمدهم بصور وفيديوهات محرجة لمجلس الإدارة من أجل التعبير عن عدم رضاها وإحباطها من أدائه.

مسؤولية مجتمعية

في السياق ذاته، شددت الأستاذة بجامعة الإمارات الدكتورة سعاد العريمي على أهمية الدور التربوي لجميع الأندية الرياضية من خلال بروتوكولات يبرمها النادي مع لاعبيه وجميع موظفيه، بأهمية مراعاة عدم انتهاك خصوصية الآخرين وعدم إفشاء أسرار النادي ونشرها خارج أسواره، موضحة أن مثل هذا الاتفاق الأخلاقي يجب أن تُوضع له عقوبات لتطبيقها في حال مخالفة أي فرد.

وتابعت « سوشيال ميديا مسؤولية مجتمعية وليست انتهاك خصوصية أو نشر أسرار المؤسسة الرياضية، لذلك لا بد من رفع معدل الوعي بمخاطر الاستخدام المتفلت وغير المحسوب وخلق حالة وعي أكبر مفادها بأن انتهاك خصوصية الآخرين وإفشاء أسرارهم ليس من الأخلاق ولا الدين في شيء بل يخالف كل قيم مجتمعنا المحافظ».

وأوضحت العريمي أن تصوير انفعالات الجماهير أثناء المباريات نتيجته في كثير من الأحيان زيادة التعصب والسلوكيات غير الرياضية، وتصوير اللاعبين لأنفسهم وزملائهم داخل غرفة تبديل الملابس لا يمت لمجتمعنا بصلة وهو انتهاك وتلوث بصري لكل من يشاهده».

وطالبت العريمي الهيئة العامة للرياضة بالتعجيل في سن قوانين رادعة خاصة بالرياضة والسلوكيات الخارجة عن الروح الرياضية.

محتوى ضار من جانبه أرجع المحلل الرياضي مسعد الحارثي تفلتات اللاعبين ونشرهم لمقاطع مسيئة «تؤذي أطفالنا وأسرنا» لعدم تطبيق الأندية للوائح السلوك الفردي والجماعي المنصوص عليها في جميع العقود الاحترافية بين النادي واللاعب.

وأكد أن الدلال هو سيد الموقف في الأندية في نوعية العلاقة بين اللاعب وناديه، ما يؤدي إلى قفز اللاعب فوق القانون والتجاوز بشكل منفر ومزعج على سوشيال ميديا، ما نفر الكثير من الجماهير من الحضور في المدرجات.

وتابع «ضعف إدارات الأندية واستقواء لاعبيها عليها يمنعها من اتخاذ القرارات الضرورية الرادعة تجاه تفلتات لاعبيها وأخطائهم الفادحة بتصوير ما لا ينبغي تصويره».

وأكمل «بالنسبة للجمهور فهو لا يتدخل ولا يستبيح شؤون النادي الذي يمتلك إدارة قوية ومتماسكة، بل يجد ضالته في الإدارة الضعيفة، ولا خوف من الجمهور لأن الدولة لديها تشريعات رادعة في مواجهة الأفراد الذين لا يحترمون الكيان الرياضي ويسربون أسراره ومعلوماته للخارج».

الحاجة لقوانين

الآن، وفي ظل انتشار هذه الظاهرة، ومخاوف الكثيرين من أن تصبح فوضى، ربما بدت الحاجة ملحة لأن تتجه الأندية إلى سن قوانين أو لوائح شرف يوقع عليها الجميع، لتنظم العلاقة بين النادي ولاعبيه وجميع منسوبيه من موظفين وغيرهم.

ويرى البعض أن يكون أساس اللائحة منع تصوير أو تداول فيديوهات لأحداث أو مواقف تحدث داخل النادي في سوشيال ميديا قبل الموافقة عليها، على أن تطبق اللوائح وعقوباتها الرادعة في حال حدث انتهاك لخصوصية الآخرين أو نشر لأسرار النادي.

وبالقدر نفسه، تحتاج جماهير الكرة للتوعية من قبل الأندية والتعريف بمخاطر الاستهتار بالآخرين وانتهاك خصوصياتهم، مع التوضيح عبر وسائل توعوية مختلفة ومتنوعة بأن كشف أسرار النادي لا يُحرج إدارة النادي أو يشكل ضغطاً عليها بقدر ما يشتت تركيزه ويهدر جهوده ويحجب إنجازاته.

وبحسب محللين، فإن تلك القوانين الرادعة ستُسهم لا محالة في نجاة هؤلاء من مغبة الاستخدام الطائش والمتفلت لمنابر سوشيال ميديا، فالأفضل دوماً القوانين القبلية وليس بعد وقوع الخطأ.المطالبة بتشريعات تحد من الظاهرة.