السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«الكساد الشتوي الكبير».. لماذا لا تنفق الأندية الكبرى من أجل تحقيق أهداف الموسم؟

لا يتبقى على إغلاق سوق الانتقالات الشتوية سوى أيام قلائل، ومع ذلك لم تشهد السوق صفقات قوية هذا العام، وذلك بالرغم من الحاجة الملحة لدى العديد من الأندية.. فما الذي تغير هذا العام؟ ولماذا أحجم «كبار أوروبا» عن دخول السوق الشتوية بقوة؟

وتأتي الأندية الإنجليزية كأبرز مثال لكساد سوق الانتقالات الشتوية، حيث لم تعقد سوى 12 صفقة فقط، رغم مرور 27 يوماً على فتح باب الانتقالات، وذلك بإجمالي 37 مليون جنيه إسترليني.

وباستثناء ليفربول، الذي ضم الياباني مينامينو من سالزبرغ النمساوي مقابل 8.5 مليون إسترليني، لم تعقد الأندية الـستة الكبرى أي صفقات، رغم تراجع نتائجهم واحتياجاتهم الواضحة لتدعيم صفوفهم.


ففريق مثل تشيلسي قاتل بشراسة من أجل رفع عقوبة حظر التعاقدات، لكنه لم يعقد أي صفقة حتى الآن رغم رفع العقوبة. واكتفى «البلوز» بالاستفسار عن بعض اللاعبين دون تحقيق أي نجاح في الوصول إلى أهدافه الرئيسة في السوق، وهو ما دفع المدير الفني للفريق فرانك لامبارد لانتقاد فشل الإدارة في تدعيم صفوف الفريق خلال مقابلة خاصة مع إحدى القنوات الرياضية.


وقال لامبارد عقب مباراة هال سيتي في الكأس: «العمل ينقسم إلى شقين، واحد خاص بي كمدرب بالعمل مع اللاعبين كل يوم لتطويرهم، وشق آخر خاص بالإدارة لسد الثغرات ونقاط الضعف الموجودة بالفريق».

وأضاف: «في الصيف خسرنا واحداً من أهم لاعبينا في آخر 7 أو 8 سنوات (إدين هازارد). ولسبب قد يكون مستحقاً أو لا، فاتتنا فترة انتقالات، ومن الصعب جداً أن نفوّت فترة أخرى، خاصة وأن المركز الرابع أصبح في خطر داهم».

أما مانشستر يونايتد، فقد أنفق ما يقرب من 200 مليون إسترليني في الصيف على لاعبين مثل هاري ماغواير ووان بيساكا ودانيال جيمس، لكنه في الوقت نفسه تخلى عن مهاجميه البلجيكي روميلو لوكاكو وأليكسيس سانشيز دون تعويضهما. وعلى الرغم من المعاناة الواضحة على الفريق هذا الموسم، فإن الفريق فشل في إنهاء صفقة لاعب الوسط البرتغالي برونو فيرنانديز من سبورتنغ لشبونة بعد طول مفاوضات.

وبالرغم من إصرار توتنهام على عدم التعاقد مع لاعبين جدد خلال يناير، فإن إصابة هاري كين أجبرت الفريق على دخول سوق الانتقالات والبحث عن مهاجم لتعويض هدافه، ولكن دون نجاح حتى هذه اللحظة.

حتى أرسنال، بعدما اتفق مع فلامنغو البرازيلي لضم المدافع بابلو ماري، انهارت الصفقة فجأة وسط تقارير عن فشل الفريق الإنجليزي في توفير المقابل المادي الذي تم الاتفاق عليه (9 ملايين يورو).

لماذا لا تنفق الأندية من أجل تحقيق أهداف الموسم؟

عند النظر إلى ما سبق، فإن السؤال الذي يتبادر فوراً إلى الأذهان هو: لماذا لا تنفق الأندية من أجل تحقيق أهداف الموسم؟ للإجابة عن هذا السؤال، ينبغي النظر إلى مجموعة من الأسباب والمبررات.

فمن النقاط التي تضعها الأندية في اعتباراتها للموسم هي إجمالي رواتب اللاعبين السنوية، والتي تلتهم الجزء الأكبر من ميزانيات تلك الأندية.

وبالنظر إلى مانشستر يونايتد على سبيل المثال، فإن إجمالي رواتب لاعبيه في الموسم الحالي يتخطى 163 مليون إسترليني، مقابل عوائد من الدوري الموسم الماضي وصلت إلى 139 مليون، أي أن تكاليف المنافسة في البريمييرليغ تخطت المكاسب التي حققها الفريق، وبالتالي فإن النادي يفكر ألف مرة قبل ضم لاعبين جدد بمبالغ انتقالات هائلة، ورواتب سنوية تضع المزيد من الأحمال على الهيكل المالي.

كما أن أسعار اللاعبين لم تعد مثلما كانت قبل 5 سنوات من الآن، ففي آخر سنتين فقط شهدنا تحطم الرقم القياسي مرتين لأغلى مدافع (فيرجيل فان دايك إلى ليفربول مقابل 71 مليون إسترليني ثم هاري ماغواير إلى يونايتد مقابل 73 مليون إسترليني) وكذلك أغلى حارس في العالم (أليسون إلى ليفربول مقابل 67 مليون إسترليني ثم كيبا أريزابالاغا إلى تشيلسي مقابل 71 مليون إسترليني).

وبات سعر اللاعب متوسط الجودة الآن من 50 إلى 60 مليون إسترليني، بعدما استطاع تشيلسي على سبيل المثال أن يضم كل من نغولو كانتي وسيسك فابريغاس ودييغو كوستا الذين قادوه للعديد من الألقاب مقابل إجمالي 100 مليون إسترليني، أي تكلفة لاعب واحد مميز بأسعار اليوم!

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الهدف الرئيس للأندية تحول من المنافسة على الألقاب والبطولات إلى تحقيق الأرباح المادية، وهو ما ربما يفسر استغناء مانشستر يونايتد عن لوكاكو وسانشيز للتخلص من راتبيهما الضخمين، وتخفيف الأعباء عن الميزانية.

وبناء عليه، فإن المعضلة الأساسية حالياً بالنسبة للأندية التي تنافس على البطولات أن عوائد التتويج لم تعد تغطي تكاليف المنافسة، سواء من حيث الرواتب السنوية الضخمة أو الأسعار الفلكية.

«تفريخ النجوم».. استراتيجية جديدة ولكن

ولذلك نجد العديد من الأندية الكبرى، مثل ريال مدريد وتشيلسي ومانشستر يونايتد، غيرت تماماً استراتيجيتها في ضم اللاعبين بعدما كانت تعتمد في السابق على ضم أغلى النجوم، حيث يركز الريال على ضم المواهب الشابة تحت 20 عاماً ليشكل فريقاً للمستقبل بأسعار منخفضة، فيما يضع تشيلسي سن 26 عاماً حداً فاصلاً لصفقاته، أما يونايتد فيركز على لاعبي أكاديميته من الشباب ذوي الرواتب المنخفضة.

ولكن ما يعيب تلك الاستراتيجية أن اللاعبين الشبان يفتقرون إلى الجودة والخبرة اللازمتين للمنافسة على الألقاب، وهو ما نراه بوضوح مع تشيلسي ويونايتد وأرسنال هذا الموسم.

كما أن لجوء الأندية الكبرى لاستراتيجية «تفريخ النجوم» بدلاً من شرائهم جاهزين، يؤثر بالسلب أيضاً على الأندية ذات الميزانيات المحدودة والتي كانت تعتمد على هذه الاستراتيجية لتحقيق الأرباح والتوازن في ميزانياتها، مما خلق هذا الكساد الهائل في سوق الانتقالات الشتوية، والذي ربما نراه ممتداً إلى السوق الصيفية، ومؤثراً على صناعة كرة القدم وشعبيتها بشكل عام.