الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

البريميرليغ.. قوة بريطانيا الناعمة بعد «بريكست»

نعتذر مسبقاً لكلمات قد تبدو بعيدة عن الرياضة وعن كرة القدم، ولكن الغاية التي في نفس يعقوب ستنكشف لاحقاً.

يُشاع بين صفوف المثقفين السياسيين، مصطلح القوى الناعمة (Soft Power)، والذي أطلقه «جوزيف ناي»، إذ أصبحت الدول الكبيرة والإمبراطوريات السابقة تعتمد بشكل قوي على هذا السلاح غير المادي، لتكريس صورة إيجابية بشأنها، كمنح الدول القدرة على الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية بدلاً من الإجبار.

الحدث الأبرز ربما في 2020 هو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ليطرح البعض التساؤل الكبير: هل سيخفت بريق الإمبراطورية البريطانية؟ هل سيتقلص تأثيرها؟ وهل تتبعها هل وهل أخرى؟.

وفعلياً، ومنذ ظهور العلامات الأولية لنهاية الإمبراطورية البريطانية العظمى، ظلت المملكة المتحدة تبحث عن طرق جديدة لتعزيز حضورها في بلدان العالم، وهو أمر، ربما، كانت تقوم به سابقاً جيوشها المنتشرة في بقاع العالم، لتتفتح العبقرية البريطانية على عدد من الوسائل غير التقليدية لتحقيق تلك الأهداف.



وبداية، كانت اللغة الإنجليزية المنفذ الآمن لتنفيذ الهدف الاستراتيجي، غير أن التطور الذي شاب الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا، ضيَّق من هذا الخيار، لتبدأ في تجريب قوى ناعمة مختلفة، وحصرية على المملكة المتحدة.

ومن فرقة البيتلز الشهيرة في ليفربول، ومروراً بأفلام جيمس بوند المليئة بالإثارة والتشويق، بدت المملكة المتحدة أكثر اقتناعاً بهذه الوسائل الجديدة، وذلك من أجل تعزيز حضورها في عالم ظل ينمو بسرعة مذهلة في كل يوم.

ورويداً رويداً، ظهرت روايات هاري بوتر الشهيرة، لتكون رسول السلام ورمز القوة الناعمة الجديد لبريطانيا، لكن كل ذلك سرعان ما سيصبح قزماً في ظل سطوة عملاق جديد، لم يكن تأثيره مكتشف حتى ذلك الوقت، بحسب ما أكدت صحيفة الـ«فاينيشيال تايمز» البريطانية في تقرير مطول لها نشرته، أخيراً.

والمقصود هنا، كرة القدم، والتي رغم ظهورها للمرة الأولى في بريطانيا، فإن التأثير الحقيقي لها، يحدث الآن، لتصبح رمز القوة الناعمة الأقوى للمملكة المتحدة.

والآن، ربما لا يختلف كثيرون في تنصيب الدوري الإنجليزي الممتاز الـ«بريميرليغ» كأقوى دوري كرة القدم على وجه الأرض، وهو افتراض مسنود بالكثير من الوقائع.

وبعودة سريعة إلى الموسم الكروي الماضي، هيمن الدوري الإنجليزي بقوة على أوروبا، إذ فاز ليفربول بدوري أبطال أوروبا لكرة القدم على حساب مواطنه توتنهام، في حين تُوج تشيلسي بلقب الدوري الأوروبي على حساب جاره أرسنال.

وفي سباق القوة الناعمة دائماً، ربما تعيش بريطانيا حالة من الراحة الكبيرة بفضل هذه القوة الناعمة المكتسبة من عالم كرة القدم، وهو أمر ستكون بحاجة لاستمراره، خصوصاً في ظل ظروفها الراهنة

.

والمقصود هنا، هو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أي ما يصطلح عليه بـ«بريكست»، والذي يُتوقع أن يكتمل بنهاية هذا العام.



عصر ذهبي

لا شك أن الدوري الإنجليزي الممتاز بات في الفترة الحالية حديث الشارع الرياضي، فهو منذ تسعينات القرن الماضي، متربع على عرش الدوريات القوية والمثيرة كروياً، ليعيش بالتالي عصره الذهبي بامتياز.

ويعتبر البريميرليغ أغنى دوري في العالم، والأول الجاذب للنجوم (رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم أعلنت عام 2018 بيع 5 حزم من حقوق البث التلفزيوني البريطاني، من أصل 7، مقابل 6.19 مليار دولار، والتي تغطي 3 مواسم من 2019 حتى 2022)

.

وعموماً، تبرهن قوة البريميرليغ الحالية على أن بريطانيا تملك قوى ناعمة قوية وفاعلة تساهم في التسويق لكل ما تريده، وقادرة على جذب أنظار العالم إليها في أي لحظة، إضافة إلى الدخل المادي الكبير الذي يقدر بمليارات الدولارات.