الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

مانشستر سيتي ينتصر على مزاعم «يويفا» ويضع جبروت «اللعب المالي» على المحك

قبل نحو عامين من الآن، وتحديداً في سبتمبر 2018، احتفلت جماهير مانشستر سيتي بمرور 10 أعوام على تحول ملكية ناديها إلى سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وبدت كلمات مثل الفخر والمجد ملازمتين لجميع محبي السماوي، وذلك بعد نجاح النادي في تحقيق 9 ألقاب محلية، 3 منها في البريميرليغ مقارنة بـ12 بطولة للنادي طوال 128 عاماً من تاريخه.

وبدوره، لم يغب سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان عن الجماهير في تلك المناسبة، إذ وجه إليها رسالة تاريخية، ذيّلها بعبارة لفتت جميع وسائل الإعلام، والتي اعتبرتها بمنزلة إعلان لعهد جديد من النجاحات، إذ قال سموه مخاطباً محبي النادي،وقتها: «ما الذي تحمله السنوات العشر المقبلة إذن؟ أعلم أنكم جميعاً طموحون، وأنا كذلك. أشعر بأننا في منتصف الطريق لبلوغ قمة إيفرست الخاصة بنا، وهناك مهمات عدة يجب إنجازها، وبطولات يجب أن تُحرز».

في سياق تفاعلها مع الحدث، لم تجد الصحافة البريطانية وقتها، أفضل من اقتباس ما كانت تردده الجماهير، وقتها، بأن سيتي غروب أحدثت ثورة شاملة في النادي على المستويات كافة، وأجمعت على أن الطفرة الأخيرة في بطولة الدوري الإنجليزي، كان أحد أسبابها مانشستر سيتي الذي تعاقد مع أفضل المواهب كما جلب المدرب الفيلسوف الإسباني بيب غوارديولا لقيادة مشروعه الكبير.

ولم يخيّب سيتي غوارديولا أمل المراهنين عليه، وذلك بهيمنته على البريميرليغ لموسمين، قبل أن يبدأ في هذا الموسم رسم خطته لنقل السيطرة على البطولات الأوروبية، لكنه تفاجأ في فبراير بقرار غريب من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) بحرمانه من المشاركة في مسابقتي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي لموسمين، مع غرامة مالية تبلغ 30 مليون يورو.

وقرر سيتي استئناف القرار لدى محكمة التحكيم الرياضي (كاس) التي أعلنت الاثنين إلغاء القرار وإعادة النادي للظهور أوروبياً، مع تخفيض الغرامة إلى 10 ملايين يورو.

وكانت المفاجأة في قرار «كاس» التي قالت في بيان: «معظم مزاعم الانتهاكات التي أبلغت عنها الغرفة القضائية لمراجعة قواعد اللعب المالي النظيف إما غير مثبتة أو سقطت بالتقادم».

وبدروه، رحب النادي بالقرار وقال في بيان: «لم يراجع مانشستر سيتي ومستشاروه الحُكم الكامل من محكمة التحكيم الرياضية حتى الآن لكن النادي يرحب بالنتائج المترتبة على حُكم اليوم ويود أن يشكر هيئة المحكمة على اجتهادها خلال العملية».





قانون جدلي

أعاد قرار كاس وتبرئتها لمانشستر سيتي بشكل كامل، الجدل مجدداً حول قانون اللعب المالي النظيف، والذي كان، بحسب مراقبين، مسلطاً على رقاب الكثير من الأندية، متخذاً من مبدأ «التوازن بين مصروفات الأندية وإيراداتها» مسوغاً قانونياً لفرض عقوبات الحرمان والعقوبات على أندية بعينها، بحسب ما أكد محللون في سياق انتقادهم للقانون في وقت سابق.

ومثلما كان أحد أبرز أسباب الثورة الفنية في الدوري الإنجليزي، والتي جعلته الأغلى في حقوق البث بين الدوريات بنحو 7 مليارات دولات لكل 3 أعوام، يبدو أن قدر مانشستر سيتي المتسلح بالمؤسسية هو أن يقود ثور أخرى، لكن هذه المرة بصورة أكبر وضد «يويفا»، وقانون اللعب المالي النظيف، والذي سجل بالفعل أولى انتصاراته عليه الاثنين.

والآن، يجد قانون اللعب المالي النظيف، الذي سنه يويفا في 2009 إبان عهد الرئيس السابق ميشيل بلاتيني، نفسه تحت الضغوط، وذلك بعد الضربة القانونية الموجعة التي سددها له السيتي الاثنين.

ثقة

ويبدو أن القانون اختار الخصم الخطأ هذه المرة، وذلك باصطدامه بنادٍ مؤسسي، لم يبدِ أي تخوف أو مهادنة له، إذ رفضه مانشستر سيتي منذ البداية، كما بدا الجميع واثقين من براءة النادي.

وعادة ما تدخل إدانات يويفا بقانون اللعب المالي النظيف الأندية في ربكة، إذ تلجأ الكثير منها إلى قبول التسوية، أو الانصياع للعقوبة، وهو ما لم يحدث مع السيتي الذي اختار الصدام عبر القانون، قبل أن يؤكد صواب رهانه بقرار كاس أمس.

وفي هذا السياق قال المعلق الرياضي الإماراتي حامد الحارثي في حديثه لـ«الرؤية»: «بدا من الثقة الكبيرة التي ظهرت على إدارة مانشستر سيتي منذ صدور قرار الإيقاف في فبراير الماضي أن يويفا في طريقه للخسارة، والسبب أن السيتي نادٍ يعمل بمؤسسية، كما أنه واثق تمام الثقة، من استراتيجيته الاستثمارية والتي تعتبر ناجحة بكل المقاييس، وأيضاً كانت جميع تعاملاتهم مع الاتحادين الإنجليزي والأوروبي على درجة عالية من المسؤولية والشفافية، كما لفت انتباه الجميع الثقة الكبيرة لمدربه بيب غوارديولا وتصريحاته».

ورأى الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة ليفربول كيران ماغواير في حديث لصحيفة ديلي تلغراف الاثنين: «إن مانشستر سيتي وجّه بالفعل ضربة قوية ليويفا، كما أعتقد أن قانون اللعب المالي النظيف فقد الكثير من سطوته بقرار كاس اليوم».

وبدوره، توقع روب هاريس الصحفي في وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية في حديثه لـ«الرؤية» أن يواجه قانون اللعب المالي الكثير من الضغوط، مشيراً إلى أن سيتي فتح هذا الباب بعدما كسب المعركة.



وأضاف هاريس: «بلا شك سيتي استفاد كثيراً من هذا القرار، لم يستلسم لإدانته وصعد الأمر للجهات العليا، الآن سيشعر براحة كاملة في الطريقة التي يراها مناسبة لتمويله، كما أن هنالك تساؤلات كثيرة ستصاحب قانون يويفا، وتحديداً عن مقدرة قانونه على الصمود في وجه احتجاحات الأندية».

«ما بُني على باطل فهو باطل»

منذ إعلان يويفا عقوبته على السيتي في فبراير، واجه الكثير من الهجوم من قبل الصحافة والمختصين، وذلك بسبب اعتماد يويفا على معلومات مسربة في صحيفة دير شبيغل الألمانية، التي ادعت أنها حصلت على وثائق من الهاكر البرتغالي روي بنتو، الذي يواجه عقوبات بالسجن، كما اتضح فيما بعد أن معظم ما يزعمه ما وثائق زائف.

وبسبب تهافتها على الوثائق المسربة، وضعت لجنة التحقيقات في يويفا الاتحاد القاري الكبير في ورطة، وخصوصاً أن قانون اللعب المالي النظيف ظل على الدوام تحت مرمى الانتقادات.



وفي هذا السياق، قال حامد الحارثي لـ«الرؤية»: «أعتقد أن من ينظر للقرار في بدايته، ربما يلحظ أنه إكمال لعملية استهداف للسيتي، لأنه سبقته الكثير من التصريحات في هذا الاتجاه، أبرزها تلك التي أدلى بها رئيس رابطة الليغا، خافيير تيباس، لا أريد أن أتحدث عن مؤامرة، لكن من الواضح، أن القرار منذ البداية بدا وكأنه استهداف».

دفعة معنوية للأبطال

في ظل تقدمه في نسخة الموسم الحالي من دوري أبطال أوروبا، وحجزه مقعده في النسخة المقبلة عبر نيله المركز الثاني في البريميرليغ، جاء القرار ليمنح السيتي دفعة معنوية كبيرة، ويخفف أيضاً الكثير من الضغوط عليه عندما يواجه ريال مدريد في إياب الأبطال، بعد فوزه على الملكي بمعقله 2 ـ 1 في الذهاب.



وفي هذا السياق، أفاد المعلق الرياضي الإماراتي علي سعيد الكعبي «الرؤية»: «أعتقد أن تواجد مانشستر سيتي في دوري الأبطال الموسم المقبل والمواسم الأخرى، هو في صالح كرة القدم ودوري الأبطال أكثر من النادي، والسبب التطور الكبير الذي يمر به الفريق فنياً».



وأضاف: «في تقديري القرار سيكون في صالح السيتي في الأبطال، إذ لن يغادر أي من نجومه الفريق، وهنا دعني أعبر عن إعجابي الكبير بالمدرب الكبير بيب غوارديولا، الذي صرح بعد قرار الإيقاف مباشرة باستمراريته مع الفريق بغض النظر عن المآلات، وهذا كله سيزيد من استقرار الفريق، الذي تُعد الإدارة بقربها من اللابين والمدربين سبباً مباشراً فيه».



وبدوره، لم يبتعد رئيس قناة آس الرياضية التلفزيونية الإسبانية خافيير متالانس عما قال الكعبي، وقال إن القرار سيمنح السيتي دفعة كبيرة في الأبطال.





وأوضح خافيير للرؤية: «السيتي فريق كبير كان غيابه سيضر بالأبطال، وبعد قرار إعادته، سيكون المستفيد الأول، كونه يمضى بثبات نحو تحقيق اللقب، أتوقع له الكثير من النجاحات».

ومن جهته، قال سايمون جونز الصحفي البريطاني في «ميرور» و «ذا صن» عن القرار: «إنه انتصار سيسمح لهم بإزعاج منافسيهم الذين أملوا في استغلال الفرصة لتخطيهم».

وأضاف: «سيتي الآن سيفكر في تجديد عقود لاعبيه المهمين ويسرع من عملية إعادة بناء الفريق خاصة وأن غوارديولا يرغب في ضم جناح وقلب دفاع وظهير أيسر، وقد يجدد هو بدوره عقده لمدة عام».

وأردف: «خطة الفريق ستظل كما هي في سوق الانتقالات، لكن ذلك سيسمح لهم بجذب أفضل اللاعبين، هناك جناح سينضم بعد رحيل ساني، ثم بين تشيلويل مدافع ليستر وهم معجبون به كثيراً، وضم قلب دفاع يعد أولوية، كما أنه قد يفكر في تقوية خط الوسط والهجوم».

وفي السياق ذاته: "رأى الصحافي روب هاريس أن وقت فوز مانشستر سيتي للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا، إذ يمكن أن يكون ذلك بداية من أغسطس المقبل.

وأوضح هاريس أن قرار كاس باستمرار الفريق في الأبطال، سينعكس إيجاباً على الفريق، إذ سيحتفظ بجميع لاعبيه للمواسم المقبلة.

أكبر من مجرد نادٍ

بنظرة سريعة على الصحافة العالمية في سياق تناولها لقرار كاس بخصوص السيتي، تتبدى حالة من الإجماع على نهج إدارة مانشستر سيتي في تعاملها مع الأزمة منذ القرار، وحتى إسقاطه.

ورأت ديلي ميل البريطانية أن تماسك وثقة إدارة السيتي كان سبباً مباشراً في انتصارها على يويفا، ووضعه في دائرة الضغوط، وتوقعت أن يواجه الكثير من الاحتجاجات من الأندية مستقبلاً، إذا ما حاول استخدام سلاح اللعب المالي النظيف مرة أخرى.

وأعادت قرار كاس ونجاحات السيتي مشروعه الطموح إلى الواجهة مجدداً، إذ يتحلى النادي بإدارة متجانسة وتتعامل بمؤسسية في كل الملفات.

وعن النهج الإداري، قال رئيس النادي خلدون المبارك في مايو من العام الماضي: «الآن لدينا نظام عمل مؤسسي، السيتي الآن نادٍ ناضج، نخطط مبكراً لكل ما نود فعله، ليس هنالك مفاجآت، نحدد أولوياتنا في وقت مبكر، نستكشف.. نتحاور ونجهز حتى الميزانية مبكراً، أحياناً يحدث هذا قبل نهاية الموسم».

وبدروه، رأى المعلق الرياضي علي سعيد الكعبي في حديثه مع الرؤية أن السيتي أكبر من مجرد نادٍ، بقدر ما هو مشروع متفرد، يؤسس نهجاً لأدوار أندية كرة القدم في العصر الحالي.

وأضاف الكعبي: «سبق أن قلت إن السيتي ليس مجرد نادٍ، بل هو مشروع يهتم بالمدينة، ويبحث عن الانتشار في كل قارات العالم، وهذا ما حدث فعلاً.. لقد أخبرني صديق مقرّب يسكن في مدينة مانشستر بالقرب من النادي كيف أنه عايش التحول الكبير في الحي، بعد أن كان للفقراء، تحول إلى حي راقٍ، بعد أن اشترته إدارة السيتي، وبنته على أفضل نحو، قبل أن تملكه للفئات من ذوي الدخل المحدود بأسعار مناسبة، مقدمة خدمات اجتماعية لم يعهدها الكثيرون من ملاك أندية كرة القدم».