الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

تطبيقات ذكية وأجواء جماهيرية افتراضية.. الرياضة تهزم كورونا بالابتكار

تطبيقات ذكية وأجواء جماهيرية افتراضية.. الرياضة تهزم كورونا بالابتكار

نظارة الواقع الافتراضي عوضت الجماهير عن الأجواء الجماهيرية بسباقات السيارات. (رويترز)

رغم عودة الجماهير للملاعب في مختلف أنحاء أوروبا أخيراً، إلا أن الجميع لا يزالون يتذكرون الصدمة الكبيرة التي خيمت على الرياضة بداية من مارس 2020 موعد تحول كورونا إلى وباء عالمي وحتى يونيو من العام ذاته، قبل أن يفيق الجميع تدريجياً، ويبدأوا في بحث إمكانية التعايش مع الواقع والعودة إلى أنشطتهم السابقة.

كرة القدم،اللعبة الشعبية الأولى في العالم، بدت الأكثر ثباتاً في وجه كورونا عندما عادت مبكراً من بوابة الدوري الألماني، بفضل بروتوكول صحي صارم طبقه الأخير، قبل أن تلحق به غالبية المنافسات الكبيرة، التي أنهت على غرار البوندسليغا منافساتها، لتنقذ موسمها من خطر تنصل القنوات التلفزيونية من التزاماتها المالية التي كانت بمنزلة العائد الوحيد في بند الميزانيات.



وتراوحت بقية الرياضات بين تخفيف روزناماتها وإلغائها، ليبدأ الجميع في ترقب الموسم الجديد الذي بدأ في أكتوبر الماضي، لكن عناد كورونا استمر، ليصل التحدي ذروته، لتتفجر معه أسئلة عريضة حول ضرورة اجتراح تلك الألعاب حلولاً مبتكرة تُبقي بها منافساتها مستمرة، وفي الوقت نفسه تحتفظ بشغفها بين الجماهير المحرومين من الحضور إلى أماكن المنافسات، إلى جانب الأهم وهو تعويض بند الخسائر الكبيرة في ميزانياتها.

بداية عاطفية

مع عودة دوريات كرة القدم لتستكمل منافساتها العام الماضي، لفت نادي بروسيا مونشنغلادباخ الألماني الأنظار بمبادرة عاطفية تقديرية لجماهيره، وذلك بعدما استقبل آلاف الصور الفوتوغرافية لجماهيره قبل أن يضعها في قوالب كرتونية على مقاعد المدرجات، مقابل رسوم رمزية، وهو أمر لاقى استحساناً، قبل أن تتبناه أندية كثيرة حول العالم.



ورغم تصنيف البعض للمبادرة في خانة الإبداع في ذلك الوقت، فإنها، بحسب محللين، لم ترتق لما ترغب به الأندية من وسائل تعوضها عن فقدانها أهم ركيزة في دخلها وهو الجمهور.



تطبيقات للمشجعين

مع اقتراب الدوري الألماني من نهايته في موسم كورونا الماضي، طورت شركة ألمانية تطبيقاً ذكياً مذهلاً هدف في الأساس لربط المشجعين بفريقهم خلال الحجر الصحي، مقابل دفع مبلغ قليل للشركة، على أن تدفع الشركة بدورها أموالاً للنادي مقابل ترويجه للتطبيق.



ويمتلك التطبيق الذي عرف بـ«myapplause» ميزات عدة، إذ يسأل المشجع أولاً عن الفريق الذي يشجعه، ومن ثم يختار المشجع خيار التفاعل مع المباراة التي انطلقت للتو، سواء بـ«هتاف» أم «غضبة على لاعب» أم «غناء» أم «صافرة استهجان»، ومن ثم يقوم التطبيق بعرضها مجتمعة في الإذاعة الداخلية والشاشات الجانبية في الملعب.



وأغرى نجاح التطبيق أندية عدة في الدوري الإنجليزي بالتعاقد مع الشركة المطورة له والتي يوجد مقرها في مدينة ميونيخ الألمانية، أبرزها مانشستر سيتي وأرسنال وليفربول.



ولم تتجاوز العبقرية الاقتصادية في كرة القدم ذلك التطبيق، إذ فيما يبدو أغرتها الأخبار الإيجابية بشأن اللقاح منذ بداية العام الحالي، والحديث عن العودة الوشيكة للجماهير للمدرجات بالتوقف وانتظار الفرج والتحرر من قبضة كورونا، من أجل تعويض خسائر اقتربت من الأربعة مليارات دولار في الدوريات الكروية الكبرى عالمياً.



الفورمولا1 تتألق

في ظل الخسائر الكبيرة التي منيت بها رياضة سباقات السيارات الفورمولا1 في 2020، والتي شارفت على الـ400 مليون دولار، وجدت المنافسات الأخرى التي تقل عن زخم الفورمولا1 نفسها في صراع وجودي، وذلك بسبب صعوبة تنظيم منافساتها تحت صرامة الإجراءات الاحترازية لكورونا.



ومن أهم تلك الرياضيات الفورمولا إي وسباقات الدراجات النارية، والراليات، إلى جانب المولود الجديد سباقات «إكستريم إي» التي تشارك فيها سيارات دفع رباعي كهربائية، وتنظم في المناطق التي تأثرت بالتغيير المناخي في العالم، من أجل التوعية بضرورة الحفاظ على المناخ.



وعلى الرغم من عدم شهرة سباقات «إكستريم إي»، عالمياً مقارنة بالفورمولا1، إلا أنها اكتسبت احترام الجميع، إذ لا تتوقف الصحافة العالمية مؤخراً عن وصفها بأنها الرياضة الأكثر ابتكاراً في عصر كورونا الكالح.



وسبب احتفاء الصحف بالسباقات التي استضافت المملكة العربية السعودية إحدى نسخها في أبريل الماضي بمدينة العلا، هو تعاقدها مع شركة مختصة في الحلول البديلة، لتخرج بمشروع مهم اسمته الضيافة الافتراضية.



ويقوم المشروع على ربط عشاق هذه السباقات بما يدور في أماكنها، وذلك بمنحهم تجربة افتراضية لمتابعة السباق، وأيضاً معايشتهم للأجواء عبر طرحهم أسئلة على المتسابقين، وطلب توقيعاتهم.



وبما أن رياضات مثل سباقات السيارات والغولف والتنس، تكسب عوائدها أساساً من الضيافة (شراء الأطعمة خلال المنافسات)، وشراء الأشياء الموقعة من النجوم، والتذاكر، قامت الشركة بتوفير ضيافة افتراضية، على أن يعايش المتابع من منزله ما يطبخه الطهاة في مضمار السباق، على أن يطلب منهم ما يرغب به ليصله عبر البريد، لاحقاً، أو إرسال أحد الطهاة لمنازلهم إن رغبوا.



وإلى جانب ذلك يطلب المتابع عبر نظارته الافتراضية التي تضعه في قلب الحدث، توقيعات من نجوم مشاركين في سباقات إكستريم إي مثل هاميلتون وبوتاس توقيعاتهم، على قميص أو قبعة يقومون بشرائها أون لاين، لتصلهم عبر البريد أيضاً.



ونجح المنظمون لهذه السباقات بفعل مبادرة الضيافة الافتراضية في جني الكثير من الأموال، كما ضمنوا أيضاً استمرار جماهيرهم وشغفهم للسباق الملهم، ليفتحوا الباب لرياضات وألعاب أخرى بالسير على خطاهم، بحال حدوث أي طارئ صحي مستقبلاً أو عهد كورونا الحالي.