السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

المال أم الطموح؟ لا توقع لأكثر من عامين كي لا تندم

مع انطلاق نافذة تسجيلات وتنقلات اللاعبين التكميلية (ميركاتو الشتاء) مطلع هذا الشهر، أعلن مهاجم نابولي والمنتخب الإيطالي لورينزو إنسيني، إكمال انتقاله إلى نادي تورنتو الكندي المشارك في الدوري الأمريكي، بعقد مدته 4 مواسم، بعد دخوله فترة الستة أشهر الأخيرة في عقده، وعدم حماس نابولي للتجديد له.

وبحسب تقارير، فإن إنسيني المتوج مع الآزوري بيورو 2020 في لندن الصيف الماضي، والبالغ من العمر 30 عاماً، سوف يحصل على نحو 15 مليون دولار بدون الضرائب كراتب سنوي، أي نحو 8 ملايين دولار صافية، ليصبح بذلك صاحب أعلى راتب في الدوري الأمريكي لكرة القدم.

سفير الكالشيو

في إيطاليا، بدت الصفقة محل اهتمام كبير في الصحف الإيطالية، إلى جانب حالة من الرضا والسعادة اعترت رابطة الدوري الإيطالي (الكالشيو)، إذ تنظر الرابطة إلى إنسيني كسفير فوق العادة للكرة الإيطالية في البطولة الأمريكية، والتي تسير بثبات نحو التحول لمسابقة كبيرة.

وسيواصل إنسيني مهتمته المزدوجة في الارتقاء بمستوى تورنتو الكندي وتمثيل إيطاليا حتى عام 2026، وسيصبح حينها بعمر 35 عاماً.

بين النقد والمنطق

عطفاً على مستوى إنسيني مع منتخب بلاده ونابولي، طالت اللاعب بعض الانتقادات، مفادها تفضيله المال على حساب الشغف والبحث عن بطولة تنافسية قوية، في وقت بدا فيه آخرون أكثر تأييداً لخطوة اللاعب، التي وصفوها بالمنطقية.

وتقوم فكرة تبريرهم على وصول اللاعب إلى سن الـ30، إلى جانب المقابل المادي الجيد، والذي لن يجده- على الأرجح - في بطولات أخرى في القارة العجوز، ليضمن بالتالي تقاعداً جيداً على المستوى الاقتصادي.

نموذج هاري كين

على الرغم من منطقية الطرح بخصوص تشجيع اللاعبين على مثل هذه العقود الطويلة بحال تزامنت مع رواتب جيدة، فإن هنالك حالة عكسية، جديرة بالتأمل، بطلها هاري كين والمنتخب الإنجليزي هاري كين نجم توتنهام والمنتخب الإنجليزي، ففي موسم 2017 ـ 2018 أنهى النجم الإنجليزي الموسم في وصافة هدافي البريمييرليغ برصيد 30 هدفاً و(41 هدفاً بجميع المسابقات)، خلف المصري لاعب ليفربول محمد صلاح الهداف بـ32 هدفاً، فيما جذب كين الأنظار بشدة وهو البالغ لتوه 24 عاماً.

لكن بمجرد وصول نادٍ ما إلى توتنهام لضمه سيُصدم بمدة عقده، إذ لا يزال وقتها مرتبطاً مع السبيرز بعقد مدته 4 سنوات.

ومع نهاية الموسم فاجأ كين الجميع بتمديد عقده الطويل- أصلاً- مع توتنهام لعامين إضافيين، لينتهي في 2024، إذ أغراه رئيس النادي وقتها دانيال ليفي براتب أسبوعي قدره 270 ألف دولار، ليصبح بالتالي أعلى نجوم السبيرز راتباً.

ندم وورطة

بمجرد نهاية موسم 2020 دخل مانشستر سيتي طرفاً قوياً في ضم هاري كين، قبل أن يُصدم بمدة العقد، وفي ميركاتو 2021 قدم السيتي بطل الدوري الإنجليزي عرضاً لتوتنهام بقيمة 102 مليون دولار إضافة إلى 34 مليون دولار متغيرات، لكن دانيال ليفي رئيس توتنهام رفضها بسبب عقد اللاعب مع النادي.

ومن جهته، بدا هاري كين نادماً على خطوته بتوقيع عقد طويل الأمد، إذ على الرغم من كسبه راتباً كبيراً وقتها، فإنه في الصيف الماضي خسر أموالاً أكثر، بل وفرصة لدخول المجد، إذ يمتلك مانشستر سيتي مشروعاً يطمح له أي لاعب في العالم، إلى جانب تحول النادي إلى صديق دائم لمنصات التتويج محلياً، وقريباً المنصات القارية، حيث وصل العام الماضي إلى نهائي دوري أبطال أوروبا.

جدلية الاختيار

مع استعراض نموذج هاري كين «المحبط» ونموذج إنسيني «الموفق»، وما يمكن أن يسبباه من ربكة بين اللاعبين المقبلين على تعاقدات في الميركاتو الحالي، والمقبل في الصيف، رأى موقع «ذا أثلتيك» في تقرير مطول، ضرورة ابتعاد اللاعبين المتألقين والصغار في السن عن مهر العقود طويلة الأمد، في حين حثت عليه اللاعبين الذي تجاوزت أعمارهم 30 عاماً.

وطالب التقرير اللاعبين الصغار بالسير على خُطى نجوم كرة السلة الأمريكية، والذين قلما يوقعون عقوداً أكثر من عامين، رغم ارتفاع المقابل المادي في عالم الـ«NBA».

ذكاء دورانت

في 2016 أنهى أسطورة السلة الأمريكية كيفين دورانت الموسم بعقد منتهي مع أوكلاهوما سيتي ثاندر، ليصبح حراً، وهو أمر استغله دورانت ليتفاوض مع أندية كل من غولدن ستيت ووريورز، سان أنتونيو سبيرز، ميامي هيت، لوس أنجلوس كليبرز وبوسطن سلتيكس.

وبعد شد وجذب، اختار دورانت الانضمام لوريورز، لينضم إلى نخبة النجوم هناك مثل ستيفن كوري كلاي تومبسون، بيد أنه أصر على عقد لمدة عامين فقط، مقابل 54.3 مليون دولار.

وبعد نهاية العقد في 2018، جدد دورانت لورويورز لعام واحد مقابل 61.5 مليون دولار، وفي 2019 انتقل إلى بروكلين نتس، قبل أن يمضي معه خمسة أشهر فقط، ويطلب منهم التجديد له لخمسة مواسم مقابل 198 مليون دولار، وهو قرار اتخذه بعد أن وصل إلى سن الـ33.

وجهة نظر أخرى

على الرغم من تصدر الطرح المائل نحو عدم وقوع صغار اللاعبين في فخ العقود الكبيرة، فإن هنالك على الأرجح فوائد عدة لمثل هذه العقود الطويلة.

ومن أبرز تلك الفوائد، حالة الاستقرار، التي يجدها اللاعب وأسرته، وهو أمر جعل رحيل ميسي، على سبيل المثال، من برشلونة إلى باريس سان جيرمان، أكثر صعوبة على أسرته وأبنائه من هجر البرغوث لملعب كامب نو، إذ تتواجد أسرته منذ مدة طويلة في إقليم كتالونيا.

وهنالك نموذج آخر مثل البلجيكي كيفين دي بروين الذي اختار التوقيع أخيراً على عقد لمدة عامين، ليستمر مع مانشستر سيتي حتى 2025، ويكمل معه 10 أعوام كاملة منذ انضمامه له في 2015 قادماً من فولفوسبورغ، وهو أمر لن يلومه فيه أحد، لجهة مكانة السماوي الحالية، بمعنى أنه لن يجد فريقاً أكبر منه يمكن أن يحلم بالانتقال له، ليجد بالتالي نفسه، قد حقق مكاسب على أكثر من صعيد، إذ حقق الاستقرار له ولأسرته، ونال عائداً مادياً مجزياً، إلى جانب ضمانه اللعب لفريق يعد الآن من أكبر الفرق بالعالم، ويطمح ليكون الأول بلا منازع ولمدة طويلة.