الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

مبابي أمل الكبار للهروب من سطوة المال

منذ ميركاتو صيف العام الماضي، لا يكاد أسبوع أو أكثر يمر دون أن يسيطر النجم الفرنسي كيليان مبابي على واجهة الصحف العالمية، أحياناً بسبب تألقه وتمزيقه شباك الخصوم سواء مع منتخب الديوك أو باريس سان جيرمان، وفي أكثر الأحيان بسبب انتقاله من ناديه الحالي إلى نادٍ آخر، وغالباً ما كان هذا النادي هو ريال مدريد الإسباني.

ولا يخفي ريال مدريد ومبابي نفسه رغبة كل منهما في الآخر، قبل أن يفصح النادي الملكي عن هذه الرغبة علناً في ميركاتو صيف 2021، ويتقدم بعرض رسمي بقيمة 200 مليون يورو لضم مبابي، قبل أن يرفضه النادي الباريسي، معلناً تمسكه باللاعب من أجل تحقيق حلمه بالفوز بلقب دوري أبطال أوروبا.

الآن، وبعد دخول اللاعب البالغ من العمر 23 عاماً في الستة أشهر الأخيرة من عقده منذ يناير الماضي، وأيضاً تبخر حلم النادي الباريسي في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، بعد خروجه بريمونتادا تاريخية من الريال بالذات، بدأ الحديث عن الريال وتقدمه في سباق التوقيع مع اللاعب، في وقت ما يزال فيه ناديه الحالي، يرفض الاستسلام.

سان جيرمان في سباق مع الزمن

على الرغم من الضغوط الإعلامية التي يواجهها نادي باريس سان جيرمان، إذ تؤكد غالبية الصحف أن مبابي وقّع بالفعل للريال منذ يناير الماضي، فإن النادي الملقب بـ«بي إس جي» ما يزال يرفض رفع الراية البيضاء، وبدأ في سعيه تجاه اللاعب باستخدام العديد من الأساليب، غير أن أكثرها بروزاً الآن، هو أسلوب العصا والجزرة (عصا الهجوم الإعلام والركن بالدكة)، وجزرة (الراتب الذي لا يقاوم).

ووفقاً لتقارير عدة، فإن باريس سان جيرمان، منح مبابي عرضاً ربما لم يحدث في عالم كرة القدم من قبل، وذلك بعد أن نقلت صحيفة ماركا الإسبانية مؤخراً، خبراً عن منح النادي الباريسي مبابي عقداً بشيك على بياض، من أجل كتابة المبلغ الذي يحلم به، وذلك من أجل البقاء وتجديد عقده مع الفريق لعامين، مع إمكانية السماح له بالرحيل بعد مونديال 2022، في خطوة يسعى من خلفها النادي إلى عدم التفريط فيه مجاناً، بعد شرائه في 2017 بـ180 مليون يورو من موناكو الفرنسي.

التمسك بالحلم

في سياق البحث عن أسباب رفض اللاعب العرض الخرافي، يسود في الإعلام حالياً شبه إجماع بأن مبابي يربطه بالريال حلم حياة، إذ عشق الصبي اليافع القميص الأبيض منذ صغره، وهو زعم لا تكذبه الوقائع، إذ سبق أن رأى الكثيرون صوراً لغرفة مبابي في صغره، بجدران مغلفة بصور الريال، وتحديداً أسطورة الملكي، وملهم مبابي البرتغالي كريستيانو رونالدو.

ابتسامة وأمل

بعيداً عن اتفاق ريال مدريد، ربما بدأ النادي الملكي، ومعه الكثير من الأندية الكبيرة في حالة سعادة غير مسبوقة، كونهم ينظرون لهذا السجال من زاوية أخرى، ربما تتجاوز سياق مفاوضات بين لاعب راغب في الرحيل ونادٍ يرفض تقديم جوهرة كروية مجاناً لنادٍ آخر.

ولعل الصورة الأكثر وضوحاً من منظورهم ذاك، هي اعتقادهم، على الأرجح، بأن معركة الإغراء والرفض الحالية بين مبابي وسان جيرمان، أكبر من هذا التوصيف، بل هي أقرب إلى معركة تحرر من ظاهرة طارئة بدأت تطل برأسها في الآونة الأخيرة وتقض مضجعهم، وتحديداً منذ انتقال البرازيلي نيمار إلى سان جيرمان نفسه في 2017.

وفاجأ نيمار في صيف 2017 العالم، بإعلانه الانتقال إلى باريس سان جيرمان، بعد كسر الأخير الشرط الجزائي في عقده مع برشلونة والبالغ 222 مليون يورو، قبل أن يوقع لبي إس جي، بما يقارب النصف مليار يورو إجمالاً.

وكان مصدر المفاجأة والدهشة لدى الكثيرين هو ترك اللاعب لبرشلونة بإرثه الكبير، وأيضاً تتويجه قبل عامين فقط، من واقعة الانتقال الجدالي، بسداسية تاريخية، ليختار بذلك المال على بريق المشروع الرياضي والتاريخ الكروي الناصع.

ويذكر أن باريس سان جيرمان تأسس في عام 1970، ولم يتوج بدوري الأبطال حتى الآن، في حين يمتلك برشلونة 5 ألقاب في الأبطال و26 لقباً في الليغا و31 لقباً.

ووجه البرازيلي بانتقاله الكثير من الضربات للنهج القديم السائد، والمتعلق برغبة أي موهبة للانتقال إلى نادٍ كبير، يتسلح بإرثه كلما واجهته المصاعب، وأيضاً يقربه باستمرار من الألقاب، والجوائز الشخصية الكبيرة، إلى جانب وضعه تحت الأضواء بلا توقف.

عودة الجاذبية للكبار

من واقع الزخم الكبير لمبابي، وترشيحه الآن بأن يصبح خليفة للثنائي الأسطوري كريستيانو رونالدو وميسي، فإن انتقاله مجاناً لريال مدريد، يمكن أن يقود خطاً معاكساً لما ابتدعه نيمار بهجرته العكسية، إذ ستعود الأمور إلى نصابها، أي الهجرة من أندية الوسط، والأندية الصغيرة، إلى الأندية الكبيرة، حتى لو اضطر ذلك الراغبين للتنازل عن مبلغ مالي كبير.

وتنتظر الأندية الكبيرة خبراً مهماً آخر، وهو سير النجم النرويجي هالاند في الاتجاه نفسه، والتوقيع لأي من مانشستر سيتي أو ريال مدريد أحد أبرز الراغبين في ضمه.

وعلى الرغم من عدم تتويج السيتي بالأبطال، فإنه يمتلك الآن، على الأرجح، مشروعاً جاذباً، يتفوق على كبار الأندية بالعالم، إذ لم يتوقف السماوي عن التطور منذ سيطرة أبوظبي عليه في 2008.

ومنذ 2016 فرض السيتي نفسه كواحد من أفضل الأندية العالمية، كما ظل يقدم رفقة مدربه الفيلسوف بيب غوارديولا أفضل العروض الكروية في العالم، فيما تصمم إدارة النادي على تحقيق المزيد من التقدم.

ومن المتوقع أن يصل هالاند إلى السيتي مقابل راتب أسبوعي يقترب من 500 ألف استرليني أسبوعياً، لقيود رفقة زملاء دي بروين تحليق السيتي نحو المجد الكروي.

فيرنادينيو وأمثلة أخرى

ربما لن يكون مبابي، بحال تفضيله مشروع الريال وإرثه، هو المثال الوحيد في هذا المضمار، إذ سبقه إليه عدد من النجوم، لكن يبقى البرازيلي فيرناندينو مثالاً حياً على ذلك.

وفي 2013 عرض مانشستر سيتي 34 مليون استرليني على شاختار من أجل ضم لاعب الوسط البرازيلي، قبل أن يرفض شاختار ويتمسك بضرورة دفع النادي الإنجليزي 4 ملايين استرليني عبارة عن رسوم الانتقال، والتي كادت أن تعصف بالصفقة.

وما كان من فيرناندينو إلا أن دفع المبلغ المطلوب، من أجل تيسير عملية انتقاله إلى السيتي، ليحقق رغبته في الانتقال لفريق ظل يتطور باستمرار.

ولعل النموذج الثاني هو البرازيلي فيليب كوتينيو الذي دفع نحو 11 مليون استرليني لليفربول من أجل قبول عرض برشلونة لضمه.

وفي 2009، واجهت صفقة انتقال المدافع الكرواتي دانييل برانيتش من هيرنفين الهولندي إلى بايرن ميونيخ الألماني مقابل 7 ملايين يورو الكثير من المصاعب، قبل أن يتدخل اللاعب، ويطلب من وكيله دفع 700 ألف يورو لتسهيل الصفقة لينتقل إلى العملاق البافاري.

ويعد الإنجليزي كولين فلات أول من فتح مشروع الهجرة إلى المشاريع الكروية، وخطب ود الأندية الكبيرة، وذلك عندما دفع 200 ألف استرليني لفريقه ويسبيتش الصغير لكي يسمح له بالانتقال إلى نادي رومفورد، وذلك في عام 1967.