الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

كرة القدم الأوروبية تكافح للجم العنصرية.. وردود الفعل الحكومية في تزايد

كرة القدم الأوروبية تكافح للجم العنصرية.. وردود الفعل الحكومية في تزايد

موسى ماريغا. (الرؤية)

كان خروج لاعب من الملعب خلال مباراة بالدوري البرتغالي والقبض على مشجع في ألمانيا بعد تحديد هويته من قبل متفرجين آخرين بالمدرجات مطلع الأسبوع، بمثابة الحلقة الأحدث في مسلسل طويل من أحداث الإساءات العنصرية في ملاعب كرة القدم الأوروبية.

وبعد أن سجل المالي الدولي موسى ماريغا هدف الفوز 2 ـ 1 لبورتو خلال الشوط الثاني من المباراة أمام فيتوريا جيمارايش في الدوري البرتغالي، خرج اللاعب من أرضية الملعب احتجاجاً على تعرضه لإساءة عنصرية.

وأبدى رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا دعمه للاعب قائلاً عبر موقع شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" :"يجب ألا يتعرض أحد لمثل هذه الإهانة".


كذلك فرض نادي مونستر المنافس بدوري الدرجة الثالثة الألماني، أمس الاثنين، عقوبة بحق مشجع، تقضي بحرمانه من حضور المباريات لمدة 3 أعوام، وذلك بعد أن جرى تحديد هويته من قبل مشجعين آخرين وجرى القبض عليه خلال مباراة ردد فيها تقليداً لأصوات القردة متعمداً الإساءة للاعب بالفريق المنافس.


ولا تبدو أي دولة في أوروبا محصنة من تلك الإساءات العنصرية في ملاعب كرة القدم، حيث عانت الأندية من أجل احتواء هذه المشكلة رغم الجهود المكثفة من قبل سلطات كرة القدم.

كذلك أثارت الأحداث العنصرية ردود فعل متزايدة من قبل الحكومات الأوروبية.

فقد أطلقت الحكومة الهولندية والاتحاد الهولندي لكرة القدم، مؤخراً، برنامجاً يستمر على مدى 3 أعوام بتكلفة 14 مليون يورو (15 مليون دولار) لمكافحة العنصرية.

وجاء ذلك بعد سلسلة من الأحداث العنصرية في الدوري الهولندي، من بينها ترديد هتافات عنصرية تجاه لاعب بفريق إكسيلسيور في نوفمبر.

وفي إنجلترا، قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن العنصرية "ليس لها مكان في كرة القدم أو في أي مكان آخر، وعلينا التصدي لهذا السلوك الخسيس"، وذلك بعد أحداث عنصرية وقعت مؤخراً في مباريات بالدوري الإنجليزي الممتاز.

وأضاف "من الواضح أنه لا يزال هناك المزيد من العمل الذي يفترض القيام به من جانب سلطات كرة القدم للتصدي لهذه القضية، ونحن نتعهد بالعمل معهم من أجل القضاء على هذا الأمر."

وتجدر الإشارة إلى أن العنصرية في كرة القدم لا تشكل ظاهرة جديدة.

ففي الستينات من القرن الماضي، وجهت إساءات عنصرية للاعب ألبرت جوهانسون، وهو أول لاعب ذي بشرة سمراء يشارك في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، وذلك ضمن صفوف ليدز يونايتد في مواجهة ليفربول عام 1965.

وظلت العنصرية وكذلك إثارة الشغب، بمثابة مشكلة كبيرة في كرة القدم خلال العقود التالية.

ومع ذلك، ازداد الوعي العام بهذه القضايا مع اكتساب مسابقات دوري محلية للشهرة العالمية، وتزايد عدم تسامح لاعبي كرة القدم إزاء التمييز بكل أشكاله.

وفي وقت سابق، ربما كانت مؤسسات كرة القدم تتحرك ببطء على طريق مكافحة التمييز، لكن الأمر بات الآن يشكل أولوية.

ويؤكد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أنه ليس لديه أي تسامح إزاء العنصرية وقد حث في العام الماضي كل الاتحادات الوطنية، بفرض إجراءات من 3 مراحل في التعامل مع الأحداث العنصرية.

وتقضي تلك الإجراءات بقيام حكم المباراة بإيقاف اللعب عند وقوع إساءة عنصرية، مع توجيه الإذاعة الداخلية للاستاد إنذاراً.

أما المرحلة الثانية فتتمثل في قرار الحكم بإيقاف المباراة مؤقتاً، وفي حالة استمرار الإساءات العنصرية، تأتي المرحلة الثالثة وتتمثل في إلغاء المباراة.

ومنذ عام 2001، دخل الاتحاد الأوروبي (يويفا) في شراكة وثيقة مع شبكة "فير" (كرة القدم ضد العنصرية في أوروبا)، وذلك ضمن رسالة اليويفا "لا للعنصرية".



وشهد شهر يناير من عام 2013 إشارة قوية تفيد بأنه لم يعد لدى اللاعبين استعداد للتغاضي عن العنصرية أو تحملها، حيث خرج كيفن-برينس بواتينغ من الملعب وتبعه زملاؤه بفريق ميلان حينذاك تضامناً معه، بعد أن تعرض لإساءة عنصرية خلال مباراة ودية أمام فريق برو باتريا.

وعقب تلك الأحداث مباشرة، تلقى بواتينغ دعوة للانضمام إلى فريق عمل شكله «فيفا» لمكافحة العنصرية والتمييز، كما اختير سفيراً للأمم المتحدة لمكافحة العنصرية، لكن اللاعب صرح في عام 2018 بأن شيئاً لم يتغير.

وتضررت مكافحة العنصرية في إيطاليا بظهور تجمعات جماهيرية منظمة تبدي علناً دعمها للفاشية.

ومن بين الأحداث العنصرية التي شهدتها الملاعب الإيطالية هذا الموسم، تعرض ماريو بالوتيلي لاعب بريشيا لهتافات عنصرية خلال مباراتين أمام فيرونا ولاتسيو، كما فرض كالياري عقوبة بحق 3 مشجعين قبل أيام، تقضي بإيقافهم مدى الحياة عن حضور مباريات الفريق، بسبب إساءات عنصرية.

وقال جابرييلي جرافينا رئيس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم إن كرة القدم الإيطالية "تخوض حرباً شاملة ضد العنصرية"، بينما يختلف الأمر شيئاً ما في دول أخرى، وهو ما يظهر من خلال الأحداث العنصرية الأخيرة العديدة في مسابقات الدوري الكبرى الأخرى في ألمانيا وإسبانيا وإنجلترا وفرنسا.

كذلك سجلت أحداث عنصرية على مدى الأعوام الماضية في روسيا وعدد من مسابقات الدوري في شرق أوروبا، والتي شكلت فيها العنصرية جزءاً من أحداث شغب على نطاق أوسع، وقد ظهر أحياناً ارتباط مجموعات المشجعين المشاغبين بالجريمة المنظمة.

وفي السويد، أعلنت كل من رابطة دوري الرجال ورابطة دوري السيدات واتحاد الكرة وروابط اللاعبين، دعماً لحملة ضد العنصرية تحت شعار "امنح العنصرية البطاقة الحمراء".

ويرى فينسنت كومباني، القائد السابق لمانشستر سيتي الإنجليزي والذي كان من ضحايا العنصرية أيضاً، أن افتقاد التنوع في منظمات كرة القدم، يشكل جزءاً من المشكلة.

وقال كومباني "هذه هي القضية الحقيقية - فإذا ذهبت إلى مجالس الإدارة في اليويفا أو الفيفا أو في الدوري الإيطالي أو الإنجليزي، ستجد افتقاداً حقيقاً للتنوع".

ولا تقتصر الإساءات العنصرية على الاستادات فقط وإنما تظهر بشكل متزايد عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما دفع مؤسسة "كيك إت أوت" لمكافحة التمييز لتوجيه "دعوة للعمل" إلى الشركات المالكة لشبكات التواصل الاجتماعي.

وقال أولي جونار سولشاير المدير الفني لمانشستر يونايتد في وقت سابق "الأمر بحاجة لإيقافه... نحن نواصل كل هذه الحملات، التي ترفض العنصرية، وهم يواصلون الاختباء وراء هويات مزيفة، إن من الجنون أن نتحدث بهذا الشأن في 2019".

وقالت رويزين وود الرئيسة التنفيذية لمؤسسة "كيك إت أوت" في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي" إن تطورات سياسية، مثل خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، قد تؤثر أيضاً على سلوك الأشخاص.

وأضافت "إذا كنا نرى ارتفاعاً في جرائم الكراهية.. فهذا مرتبط بما يحدث في المجتمع في الوقت الراهن. وطالما أن ذلك قائم، فإننا سنرى صداه في كرة القدم."