الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

غرباء في زمن كورونا.. لاعبون أجانب يفتقدون عائلاتهم وكرة القدم

غرباء في زمن كورونا.. لاعبون أجانب يفتقدون عائلاتهم وكرة القدم

بيدرو رودريغيز. (أ ف ب)

جذبت كرة القدم مواهب من حول العالم، تركت بلدها بحثاً عن مزاولة اللعبة الشعبية للالتحاق بأندية كبيرة واللعب أمام مدرجات تغص بالمشجعين، ورفع كؤوس وألقاب، وجني مبالغ طائلة.. لكن هذه الصورة تبدلت جذرياً في الأسابيع الماضية، حيث وجد العديد من اللاعبين أنفسهم عالقين في بلاد غريبة، بعيداً عن عائلاتهم وعن الكرة، في ظل الأزمة التي فرضها فيروس كورونا المستجد.

ودفع وباء «كوفيد-19» الذي تسبب بنحو 30 ألف وفاة معلنة حتى السبت في مختلف دول العالم، إلى تجميد النشاط الرياضي بشكل شبه كامل، وفرض قيود صارمة على حركة التنقل والسفر للحد من تفشيه.


ومنذ نحو 3 أسابيع أو أكثر، يجد لاعبو كرة القدم لا سيما في أوروبا، أنفسهم خارج روتين حياتهم اليومية، من ضغط التدريب والمباريات وصخب الملاعب، لكنهم استعاضوا عنه بتمارين محدودة للحفاظ على اللياقة البدنية، والتزام البقاء في المنازل والتواصل مع الآخرين عبر تقنية الفيديو لا أكثر.



وفي ظل الصورة المبهمة بشأن الآتي من الأيام ومتى تسمح الظروف الصحية عالمياً بمعاودة المباريات، تبحث الفرق عن الحفاظ على رابط أساسي بين أفرادها، وإن بتواصل افتراضي عن بعد.



ويقول مدرب فريق برايتون الإنجليزي غراهام بوتر، إن التواصل عبر الفيديو «هو طريقة للحفاظ على الاتصال ببعضنا البعض، لنؤسس نسقاً معيناً لأنني أعتقد أن هذا الأمر مهم، كل لاعبينا هم هنا في المملكة المتحدة. لهذا من المهم بالنسبة إلينا أن نبقى على تواصل ونجري حوارات دورية ونتأكد من أن الجميع في صحة جيدة».



ويتابع أن العديد من لاعبيه «بعيدون عن عائلاتهم، يفتقدون أفرادها وهذا أمر نتفهمه. نتعاطف مع ذلك، لكننا ارتأينا أن الخطوة الصحيحة هي الحد من السفر الدولي، والبقاء في المنزل بسلام».

وأتاحت أندية أخرى لعدد من لاعبيها الأجانب العودة إلى بلادهم في ظل توقف المباريات على المستويين المحلي والقاري في أوروبا، وقبل التشدد الكبير الذي فرض على صعيد حركة النقل الجوي.



فثلاثة من نجوم باريس سان جرمان الفرنسي، هم البرازيليان نيمار وتياغو سيلفا والأوروغوياني إدينسون كافاني، عادوا إلى بلادهم قبيل دخول فرنسا مرحلة العزل المنزلي الإلزامي.



في المقابل، وجد الإسباني بيدرو لاعب تشيلسي الإنجليزي نفسه عالقاً في لندن بعيداً عن عائلته، وفي حجر صحي أيضاً بدأ قبل حتى الإجراءات الرسمية المحلية، بعد ثبوت إصابة زميله الشاب في الفريق كالوم هودسون-أودوي بفيروس كورونا.



وقال اللاعب البالغ من العمر 32 عاماً: «من الصعب عدم رؤية أولادك، ذويك، أقربائك، عدم التواجد بقربهم في زمن معقد وصعب علينا جميعاً».



وفي تصريحات لإذاعة «كادينا سير» الإسبانية، أكد اللاعب السابق «أقول لهم ابقوا في المنزل، وإنني مشتاق إليهم».



«عالق بين عالمين»

أما مدرب برمينغهام الإسباني بيب كلوتيت، فأعاد عائلته إلى إسبانيا عندما كان ذلك لا يزال متاحاً، وبقي هو في إنجلترا للاهتمام بعمله.



وأوضح: «أنا عالق بين عالمين، أشعر بأنني غير قادر على أداء وظيفتي بالشكل الملائم. أفكر دائماً ربما يجدر بي العودة (إلى إسبانيا للتواجد مع عائلته)، لكنني غير قادر على ذلك لارتباطي بعملي».



بالنسبة إلى العديد من لاعبي كرة القدم، التحدي الأبرز في الوقت الراهن هو سبل ملء الوقت الشاغر.



وكانت إيطاليا الدولة الأولى بين البطولات الخمس الكبرى (مع إسبانيا وفرنسا وألمانيا وإنجلترا)، تعلن في مارس تعليق كامل النشاط الرياضي حتى الثالث من أبريل، وهو موعد يبدو في حكم الممدد حالياً بعدما باتت البلاد الأكثر تضرراً عالمياً بـ«كوفيد-19»، وأعلنت حتى مساء السبت عن تسجيل أكثر من 10 آلاف حالة وفاة معلنة بسببه.



ويقول حارس مرمى نادي يوفنتوس البولندي فويتشيخ تشيزني في تصريحات لشبكة «سكاي إيطاليا» الرياضية، «بطبيعة الحال أعاني من الضجر بعدما مر أكثر من أسبوعين على العزل المنزلي» الذي فرضه النادي على أفراده بعد تأكد إصابة مدافعه دانييلي روغاني بالفيروس.

ويتابع «أنا بمفردي في تورينو لأن عائلتي عادت إلى بولندا. على رغم ذلك، يمكنني القول إنني أمضي وقتا مسالماً. أنام كثيراً».



اعتاد اللاعبون المرتبطون بأندية خارج بلادهم، السفر بشكل دائم، إما لرؤية أفراد عائلاتهم وتمضية إجازات، أو الالتحاق بصفوف المنتخب الوطني في فترات المباريات الدولية.

لكن توقف المنافسات على مختلف الصعد المحلية والقارية والدولية، يمنح هؤلاء وقت راحة إضافياً لم يكن في الحسبان.



من هؤلاء، الأرجنتيني إيفر بانيغا لاعب إشبيلية الإسباني، والذي من المقرر أن ينتقل إلى الشباب السعودي في الموسم المقبل. خاض ابن الـ31 عاماً، 65 مباراة دولية مع الأرجنتين، وكان يضطر للسفر عبر المحيط الأطلسي غير مرة خلال الموسم للالتحاق بالمنتخب.

وقال بانيغا لوكالة فرانس برس: «الأمر غريب لأن كرة القدم موجودة دائماً معنا. عندما تتوقف منافسات الليغا (الدوري الإسباني)، ثمة مباريات دولية. حتى في الصيف، نخوض مباريات ودية قبل انطلاق الموسم».



وفي حين يشير إلى أن هذا النمط كان يولد «شوقاً كبيراً لأحبابنا»، يوضح أنه في ظل الوقت المتوافر لديه الآن «أغلب ما أقوم به هو استغلال الوقت مع زوجتي وأولادي والاستمتاع بتمضية الوقت مع العائلة».



السؤال الأكبر المطروح حالياً هو متى يمكن لعجلة مباريات كرة القدم أن تعاود الدوران. لكن أحداً لا يحمل إجابة حاسمة في ظل وضع صحي يتطور بشكل أو بآخر يومياً. لكن المؤكد أن اللاعبين، وخصوصاً المقيمين بمفردهم، باتوا يفصحون عن حنينهم لرياضتهم على رغم كل تعبها.

ويقول الفرنسي كريستوفر جوليان لاعب نادي سلتيك الاسكتلندي «تستيقظ ولا تعرف ما العمل (...) حالياً نحن نعيش حياة مختلفة، تجعلك تدرك كيف هي الحياة كل يوم من دون كرة قدم. اشتقت لكرة القدم».