الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

خميس إبراهيم.. رُبان رياضة التوجه بالبوصلة في الإمارات

لا يكاد جدل تغول التكنولوجيا الحديثة على قطاعات عدة مهمة في الحياة ينتهي، حتى يعود للساحة مجدداً، تارة بإنهائه بعض الوظائف والحرف السابقة، وأخرى بتأثيره فيها، لكن في خضم سطوته تلك، ترفض بعض الرياضيات التواري عن المشهد، رغم تغير الكثير من المفاهيم حولها، محتفظة بحقها في التواجد كلعبة تاريخية ضاجة بالأصالة، ومنها تبرز رياضة التوجه بالبوصلة، والتي تصبو رفقة ربانها وحامل لوائها الإماراتي خميس إبراهيم للمزيد من الانتشار في دار زايد، والبحث عن شعبية جديدة خارج دائرة القوات المسلحة التي احتضنت الرياضة منذ مدة.

بعودة سريعة إلى تاريخ الرياضة، فإنها تمت ممارستها في الجيش النرويجي، في حين جري تنظيم أول مسابقة للتوجه بالبوصلة عام 1897 في النرويج، قبل أن تحتضن النرويج ذاتها وتحديداً في العاصمة كوبنهاجن أول اتحاد دولي لها وكان ذلك في 1961، بعضوية بلغت 70 دولة.

وفي الإمارات تمت ممارسة الرياضة في 2003، من خلال القوات المسلحة، في حين أقيمت أول بطولة للتوجه بالبوصلة في عام 2005، كما تعد الإمارات الأولى خليجياً وعربياً وآسيوياً في تكوينها أول منتخب يشارك خارجياً في البطولات الكبيرة.

كيف تلعب؟

وعن الرياضة وقوانيها، يقول خميس محمد إبراهيم: «التوجه بالبوصلة رياضة تنافسية يقوم فيها المتسابق بالانتقال من نقطة إلى أخرى باستخدام الخارطة والبوصلة، ويفوز بالسباق المتسابق الذي يمر على جميع النقاط (الأهداف) في ترتيبها الصحيح، وفي أقل من زمن ممكن".

وأضاف: «إنها رياضة تناسب جميع الأعمار وتناسب تضاريس دولة الإمارات وتعتمد على التركيز الذهني والتحمل البدني وقراءة المعالم الطبيعية».

تحديات

مع تطورات العصر وظهور (الملاح الإلكتروني) والـ«جي بي أس» و«خرائط غوغل» وغيرها من تطبيقات التعريف بالاتجاهات، توقع البعض أن تنتهي معها رياضة التوجه بالبوصلة، لكن ذلك يبدو أمراً بعيداً بحسب خميس محمد إبراهيم، وقال: «لا أتصور أن تحجب التطبيقات الحديثة من البوصلة وقيمتها التراثية والمجتمعية، وذلك لأسباب عدة أبرزها أنها ليست مجرد لُعبة، بل رياضة تتطلب عملاً وجهداً وتدريباً وبها متعة استثنائية يعيشها كل من مارسها».

البداية

قبل التفرغ لرياضة التوجه بالبوصلة، دشن خميس محمد إبراهيم مسيرته الرياضية من بوابة ألعاب القوى عام 1976 في مضمار سباق الـ 400 متر فلات وحواجز، وكان مسافته المفضلة التي حقق بها العديد من الإنجازات، أهمها نيله شرف تمثيل دولة الإمارات في أولمبياد لوس أنجلوس 1984.

وعن تلك اللحظة يقول خميس: «كان شرفاً كبيراً ولحظة استثنائية وتدويناً لتأريخين بأحرف من ذهب تاريخ مشاركة بلادي والثاني شخصي أفخر به كثيراً فهو تمثيل بلادي في أهم المحافل الأولمبية العالمية».

تدريب أصحاب الهمم

فور توقف خميس محمد إبراهيم عن ممارسة ألعاب القوى، دشن مرحلة جديدة بحياته الرياضية في عام 1996 بأن أصبح مدرباً لألعاب القوى بنادي الوصل، ومدرباً بنادي دبي لأصحاب الهمم مسهماً بخبراته وتجاربه في تطوير برامج الرياضات البارالمبية لأصحاب الهمم، كما أسهم في إنشاء جمعية متلازمة دآون.

وفي 2003، كانت نقطة التحول، وذلك بانضمام خميس إلى مضمار مختلف كلياً، حيث بدأ ممارسة رياضة التوجه بالبوصلة، مستفيداً من وجوده جندياً بالقوات المسلحة، ليهضم قوانين الرياضية الحديثة، ويبدأ في الترويج لها، بل وضم اللاعبين إليها وصقلهم وتدريبهم لممارستها كرياضة ممتعة ومثيرة، فتوالى انضمام عدد من اللاعبين، ثم دشن مرحلة إقامة المسابقات لرياضة التوجه بالبوصلة ضمن روزنامة الموسم الرياضي العسكري.

ويحكي خميس عن تلك المرحلة: «في بداية الأمر استغرب الناس أن يُصبح استخدام البوصلة رياضة قائمة بذاتها مثل بقية الرياضات، وكان الأمر يتطلب شرحاً مستمراً حتى كونت عدة فرق من ممارسي اللعبة وسط العسكريين، وبعدها تكونت فرق عدة وزاد عدد الممارسين من خارج المؤسسة العسكرية».

وحول اختياره للعبة، يُوضح خميس: «وجدتها لُعبة ممتعة من صميم ثقافة مجتمعنا وتراثه الصحراوي الذي يعتمد على وسائل عدة في تحديد الاتجاهات والمواقع من بينها النجوم والبوصلة، وكانت ردة فعل الكبار والصغار رائعة فتعلموها سريعاً بعد تدريبات كثيرة فهي رياضة تعتمد على اللياقة البدنية والذهنية وتكامل الاثنتين معاً من أجل تحقيق الهدف ووصول الموقع المطلوب الوصول إليه، وتمارس في الغابات والحدائق والمدن».

أمنية

وأوضح خميس أنه ظل يُمني النفس بأن يتم تأسيس اتحاد خاص للرياضة يستثمر أقدمية دولة الإمارات في هذه اللعبة، وزاد:«إنشاء اتحاد إماراتي للعبة أو جمعية سيؤكد أسبقية الإمارات التي بدأتها منذ 2003 بإقامة بطولات عدة للقوات المسلحة التي شاركت منتخباتها في البطولات الدولية، ثم انتشارها على المستوى المدني، فإنشاء اتحاد إماراتي سيمكن الدولة من الانضمام للاتحاد الدولي لرياضة التوجه بالبوصلة خصوصاً وأن الإمارات هي الأولى خليجياً وعربياً وآسيوياً في هذه اللعبة».