الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الرواتب الضعيفة تهدد باختفاء صغار الملاكمين من الحلبات

من النفوذ والشهرة اللا محدودين لأسطورة الملاكمة الأمريكية محمد علي كلاي والذي تغنى به العالم لعقود، ومروراً بالمكانة الكبيرة التي يحظى بها الملاكم مايك تايسون، وختاماً بمكتنز المال والجواهر الثمينة حالياً فلويد مايويذر، بات الكثيرون، على الأرجح، على قناعة كبيرة بأن الملاكمة أو رياضة الفن النبيل كما يحلو لعشاقها تسميتها، فرصة البسطاء ممن ضلوا طريقهم عن كرة القدم والسلة والتنس، من أجل ارتياد عوالم جديدة من الثراء، لكن يبدو أن الوضع على أرض الواقع أبعد من هذا التصور المتفائل.

في 2015 شغل الأمريكي فلويد مايويذر العالم بعدما نقلت وسائل الإعلام حصوله على مبلغ 180 مليون دولار مقابل ملاكمته الفلبيني ماني باكياو والذي نال بدوره 120 مليون دولار، في لقاء ما اصطلح عليه بنزال القرن.

بعد النزال التاريخي نشر موقع «روسيا اليوم» تقريراً إحصائياً جمع فيه بين الطرافة والغرابة، وذلك بعد أن أحصى قيمة ما يمتلكه مايويذر الذي يطلق على نفسه اسم «موني ـ المال»، وقارنه بما يمكن أن يشتريه به في ذلك الوقت، وأكد الموقع أن الملاكم الأمريكي بإمكانه استئجار البرتغالي كريستيانو رونالدو لـ149 ألف مباراة كاملة، وذلك من واقع ما كان يتقاضاه رونالدو أسبوعياً 400 ألف دولار.

وقال الموقع نفسه إن الأمريكي بمقدوره شراء مدينة طوكيو عاصمة اليابان بأكلمها بحسابات سعر المتر المربع هناك، والذي يبلغ 1200 جنيه استرليني.

ولم يمر على ذلك النزال سوى عامين، ليعلن مايويذر خوضه نزال قرن جديداً وهذه المرة أمام الأيرلندي كونور مكجريجور، وهو النزال الذي كسبه مايويذر بالقاضية ورفع به رصيده من الانتصارات إلى 50 انتصاراً مقابل صفر هزيمة، كما رفع به ثروته أيضاً إلى مليار دولار.

معاناة

ربما أغرت مثل الأرقام الفلكية من الأموال الكثير من الملاكمين لدخول الحلبات، لكن بعيداً عنها وقريباً من الحلم تبدو الكثير من المسافات الضوئية، وذلك بعد تقارير عدة أخيراً أكدت أن معظم الملاكمين المحترفين يعيشون أوضاعاً مأساوية للغاية.

ونشر موقع سبورت كاستيغ أخيراً قصة مؤلمة بطلها الملاكم المكسيكي ماريو رودريغيز الحائز لقب بطولة العالم في الملاكمة سابقاً، والذي خلع قفازاته في 2019، بعد مسيرة مميزة خاض خلالها 43 نزالاً كسب منها 23 نزالاً، وخسر 15، وتعادل في 5.

وتحول رودريغيز إلى مدرب أطفال بعد الاعتزال، قبل أن تأتي جائحة كورونا وتوقف عمله، ليجد نفسه تحت خط العوز، ويقرر بعدها العمل في صالون حلاقة، يقص شعر زبائنه مقابل 2 دولار أمريكي فقط.

قانون محمد علي

حتى عام 2000 كان صغار الملاكمين محل استغلال من قبل مدربيهم والرعاة أيضاً، قبل أن يصادق الكونغرس الأمريكي في العام ذاته على قانون محمد علي لإصلاح الملاكمة، والذي منح بموجبه الملاكمين حق التفاوض والصرف على أنفسهم من أجل إيقاف استغلالهم من مديري النزالات.

ورغم الإيجابية التي يحملها القانون بشكل عام، فإنه ظلم في وجهه الآخر صغار الملاكمين، إذ بات الكبار يستأثرون بنصيب الأسد من النزالات، في وقت اكتفى فيه المنظمون بالنزالات الكبيرة، بعد حرمانهم من بعض العوائد التي كانوا يجنونها من تنظيم مباريات للصغار.

رواتب مخجلة

في الوقت الذي بلغ فيه راتب فلويد مايويذر السنوي قبل أعوام 400 مليون دولار، والملاكم جورج فورمان 250 مليون دولار، لا تتخطى رواتب غالبية صغار الملاكمين 35.584 ألف دولار سنوياً، وهو مبلغ صغير للغاية، خصوصاً بعد احتساب صرفهم على التدريبات والسفر لخوض النزالات.

ونسبة لأن الملاكمة لعبة فردية، فإن الرواتب هي قيمة ما يكسبه الملاكم من أجر نزالات، إلى جانب أمواله من رعاته الأساسيين، وأموال أخرى من التسويق المنفرد لمؤسسات ومنتجات.