الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

الكنز الضائع.. أكاديميات الكرة منجم مواهب غير مستغلّ

الكنز الضائع.. أكاديميات الكرة منجم مواهب غير مستغلّ

الأكاديمات عصب تطور كرة القدم الحديثة. (أرشيفية)

مع دخول كرة الإمارات عصر الاحتراف قبل 12 عاماً، ارتفع سقف طموحات الكثير من الجماهير، وتعلق الجميع بحلم الطفرة الكروية الشاملة، أبرزها جانب تأهيل صغار اللاعبين، وإعدادهم للمستقبل، وهو أمر جاء في إسناد مهمة الإشراف على الأكاديميات إلى الأندية، تماماً مثلما يحدث في العالم، إذ غزت أندية مثل برشلونة وريال مدريد ومانشستر سيتي العالم كروياً بفضل ما أنتجته لها تلك الأكاديميات. لكن الوضع في دورينا لا يبدو مطمئناً، بناء على الأرقام التي، ربما، جاءت صادمة للكثيرين.



بنظرة سريعة على قوائم فرق دوري الخليج العربي، وإحصاء المواهب المنتجة من أكاديمياتها، يبدو الأمر مقلقاً، على الأرجح، لوجود 23 لاعباً فقط، في أنديتنا من خريجي أكاديمياتها، وهو وضع لا يقرأ فقط في سياق تدهور

مواهب تلك الأندية، وإنما ينعكس إجمالاً على مستقبل كرة الإمارات، وتحديداً المنتخب الأول، الذي يحتاج لتعاقب الأجيال باستمرار، حتى يضمن المنافسة على الألقاب الكبيرة.



وحتى النصف الأول من هذا الموسم شارك اللاعبون الـ23 مع أنديتهم بإجمالي دقائق لعب لهم بلغت 12 ألفاً و227 دقيقة.



وبمقارنة تلك الأرقام مع أندية الدوري الإنجليزي لكرة القدم، فإن أكاديميات الأندية الـ20 المنافسة في البريمييرليغ، خرّجت للصف الأول نحو 79 موهبة، ولم يتوقف الأمر هنا، بل حظيت تلك المواهب بـ66 ألفاً و631 دقيقة لعب بالموسم الأخير في البطولة.

إحلال وتبديل

وتفتقر أندية دوري الخليج العربي حالياً، إلى العديد من اللاعبين المميزين في بعض المراكز، إذ ظلت تبحث عن الأجانب والمقيمين ومواليد الدولة لسد تلك النواقص، الذين يتم استجلابهم من الخارج عبر وكلاء اللاعبين، وإبرام الصفقات الطويلة معهم، دون أن تكلف نفسها عناء البحث عن مواهب أكاديمياتها، وتأهيلهم ليكونوا البدلاء الجاهزين لعملية الإحلال والإبدال وسد الفجوات. وبإلقاء نظرة سريعة على قوائم الفريق الأول في أندية دوري المحترفين في موسم 2020 ـ 2021، تبدو أرقام خريجي تلك الأكاديميات مخجلة ومتواضعة.



وتعد أكاديميات كل من الوحدة والجزيرة والعين وشباب الأهلي، الأكثر رفداً لتشكيلة الفرق الأولى في هذه الأندية، لكن مجموع الصاعدين من الأكاديميات في كل نادٍ لا يتعدى 5 لاعبين. ومنحت أكاديمية الشامخة التابعة للجزيرة، تشكيلة فخر أبوظبي (محمد العطاس، خليفة الحمادي، زايد العامري، عبدالله رمضان، يوسف أيمن).



وينطبق الأمر نفسه على الوحدة الذي رفدته أكاديميته في الشهامة بعدد من النجوم الذين وجدوا طريقهم إلى الفريق الأول، هم: (محمد حسن الشامسي، طحنون الزعابي، عبدالله الكربي، منصور الحربي).



بدورها، خرجّت أكاديمية نادي العين عدداً من اللاعبين المميزين الموجودين في قائمة الفريق الأول حالياً، هم: (سعيد جمعة، يحيى نادر، محمد خلفان، سالم عبدالله).



وفي شباب الأهلي، صعد كل من (حارب سهيل، محمد جمعة، عيد خميس، أحمد جميل) إلى تشكيلة الفرسان. أما أكاديمية بني ياس فخرجت لاعبين اثنين، هما: (سهيل النوبي، سلطان الشامسي)، فيما خرجّت أكاديمية الشارقة للفريق الأول (ماجد سرور) فقط.



ولم تقدم بقية الأكاديميات أي وجوه تذكر في الفريق الأول ومنتخب الإمارات بخلاف أكاديميات أندية الوصل والنصر، اللتين رفدتا فرقهما بلاعب لكل نادٍ، هما: علي صالح (الوصل)، جاسم يعقوب (النصر)، وأكاديمية نادي اتحاد كلباء التي رفدت الفريق الأول بماجد راشد قائد المنتخب الأولمبي.



تأسيس إلزامي

بحسب المشرف على مدرسة الكرة في نادي حتا ومدرب فريق الرديف الأسبق إيهاب ميرغني، فإن تسمية الأكاديميات جاءت بعد تطبيق الاحتراف في كرة الإمارات، إذ كان يطلق عليها سابقاً مدارس الكرة بحسب القطاعات الموجودة آنذاك: (براعم، ناشئين، شباب).



أما الاختلاف بين الماضي والحاضر، فإنه في السابق لم تكن الأندية ملزمة بإنشاء أكاديميات، في حين باتت الآن جميع الأندية في دوري المحترفين ملزمة بتأسيس أكاديمية، تلعب فيها جميع الفئات العمرية.



وتندرج تحت الأكاديميات الفرق من عمر 6 سنوات حتى الرديف تحت 21 سنة، بيد أن نشاط مدارس الكرة كان أكثر من الأكاديميات، إذ كان الاتحاد في عهد مدارس الكرة ينظم مسابقاته للمراحل السنية بداية من عمر 14 عاماً،

والآن في عصر الأكاديميات تبدأ المسابقات من عمر 12 سنة.



ووفقاً للميرغني، كانت هناك دورة لنادي الوحدة في سن 11 عاماً، وهي تعد من أنجح وأفضل الدورات في قطاع مدارس الكرة، وهذه الدورة اكتسبت أهميتها لكونها أسهمت في بروز الكثير من نجوم الألفية الجديدة بداية

بإسماعيل مطر وأحمد خليل ومروراً بخلفان مبارك، وغيرهم من اللاعبين، لأن هناك اهتماماً كبيراً من أنديتهم، خصوصاً من ناديَي الأهلي والشباب سابقاً (شباب الأهلي حالياً)، إضافة للدورات التي تقيمها المجالس الرياضية

بانتظام وكذلك الأندية.



منتخبات المراحل.. إخفاقات 10 سنوات تستمر


نتيجة لضعف عمل الأكاديميات تأثرت نتائج المنتخبات الوطنية في مراحلها الثلاث (الناشئين، الشباب، الأولمبي)، إذ لم تحقق الإمارات أي إنجازات تذكر في السنوات العشر الأخيرة، بل تراجعت كثيراً حيث فشل الأبيض الأولمبي في تحقيق حلم الصعود إلى دورة الألعاب الأولمبية في مناسبتين بعد إنجاز نسخة لندن 2012، إذ فشل في أولمبياد ريو دي جانيرو (2016)، وأولمبياد طوكيو (2021)، وكذلك منتخب الشباب لم يحقق حلم الوصول إلى كأس العالم بعد المشاركة الأخيرة في نسخة مصر 2009، وأخفق في جميع النسخ اللاحقة لها.



وفشل المنتخب ذاته، أخيراً في بلوغ النسخة المقبلة لكأس آسيا التي جرى تأجيلها لتكون في 2021، بدلاً عن موعدها السابق بسبب جائحة كورونا، والحال نفسه مع منتخب الناشئين الذي لم يستطع التواجد في كأس العالم للصغار بعد مشاركته في 2013 باعتباره البلد المستضيف.



وإزاء تلك النتائج السلبية يجد اتحاد الكرة نفسه، في مأزق يتطلب منه الكثير من العمل للارتقاء بعمل قطاع الأكاديميات وتطويرها حتى يضمن تدفق اللاعبين بشكل سليم في كافة المراحل وصولاً للمنتخب الأول، ورفده بعناصر مؤسسة بصورة صحيحة وقادرة على تحقيق الإنجازات لكرة الإمارات.

ضياع جيل مونديال 2013

من الأشياء اللافتة في الفترة الماضية هي ضياع جيل مونديال 2013، الذي شارك في نسخة الإمارات لكأس العالم للصغار حيث كان يعول على نجوم ذلك الجيل لكي يصبحوا النواة المستقبلية لمنتخب الإمارات الأول، إلا أن ذلك الهدف لم يتحقق، بعد أن تسربت المواهب.



ومن قائمة أبيض الناشئين في مونديال 2013 صمدت 7 أسماء فقط حتى الآن على مستوى الفريق الأول ومنتخب الإمارات، بوصولهم إلى الفريق الأول لأنديتهم مستمرين حتى الآن بصورة أساسية وهم: زايد العامري (الجزيرة)، أحمد راشد ومحمد حسن الشامسي (الوحدة)، وسهيل النوبي وسلطان الشامسي (بني ياس)، وعبدالله كاظم (حتا) إضافة للاعب الوحدة السابق والوصل حالياً المصاب محمد العكبري.



فيما غابت بقية العناصر ولم تستطع إكمال مسيرتها بالشكل الذي كان متوقعاً خصوصاً قائد المنتخب وقتها حميد سالمين الذي يعد حالياً بدون ناد بعد فسخ نادي حتا عقده معه في فترة الانتقالات الصيفية الماضية، بعدما تعاقد معه قادماً من الوصل، إلا أن إدارة حتا سرعان ما فسخت العقد دون أن يشارك اللاعب في أي مباراة رسمية، علماً بأن لاعب أكاديمية نادي الفجيرة السابق حميد سالمين تنقل بين أندية (الأهلي سابقاً شباب الأهلي حالياً، والإمارات، الفجيرة، الوصل) وقضى فترات متقطعة في تلك الأندية.



وهو الحال نفسه مع باقي زملائه في المنتخب الذين غادر البعض منهم أنديته بحثاً عن فرص المشاركة مع أندية أخرى، ولكن محاولاتهم بات بالفشل ورضي كثيرون منهم بالجلوس على مقاعد الاحتياط أو اللعب لفرق الذيلية،

متنازلين عن طموحاتهم، ومن أبرز الأسماء التي كان يتوقع لها مستقبلاً باهراً لاعب الوصل وقتها وحتا حالياً عبدالله كاظم، ولاعبا نادي العين آنذاك خالد خلفان وفراس الخصيبي، لكنهما الآن لا يلعبان لأي ناد، ولاعب النصر إبراهيم لشكري، وفيصل حسين خوري، وغيرهم من الأسماء المميزة آنذاك، الأمر الذي ينذر بكارثة كبرى على مستقبل كرة الإمارات، ما يستدعي تدخلاً عاجلاً لتداركه مستقبلاً.



أسباب متفرعة

وبدوره، يرى مدير منتخب الناشئين المشارك في مونديال 2013 وعضو مجلس إدارة شركة الشارقة لكرة القدم حالياً بدر أحمد، أن تواجد 7 لاعبين من منتخب كأس العالم للصغار على مستوى الفريق الأول ومنتخب الإمارات حالياً، يعد أمراً جيداً مقارنة مع منتخبات أخرى لم يتبق منها شيء.

وأرجع في حديثه لـ(الرؤية) ابتعاد نجوم تلك الحقبة عن مواصلة نشاطهم الكروي لعدة أسباب، منها ما يتعلق باللاعبين أنفسهم وأخرى بالمنظومة الكروية، ومن الأسباب الخاصة باللاعبين عدم محافظتهم على أنفسهم، وافتقادهم للحماس والشغف المطلوبين في اللاعب الناشئ.

وتابع: «من الأسباب التي تتعلق بالمنظومة هي إغلاق الأبواب وانسدادها أمام بعض هؤلاء اللاعبين في أنديتهم حيث لم يحصلوا فرصاً للعب، ما أثر على مستوياتهم، إذ لم يستطيعوا التعامل بحنكة مع هذا الوضع نسبة إلى أنهم كانوا مميزين في المرحلة السابقة ووجدوا إهمالاً في مراحل لاحقة».

ولإيجاد حلول مستقبلية ولتفادي عدم تكرار ما حدث مع منتخب الناشئين جيل 2013 طالب بدر أحمد، بضرورة توحيد الرؤى والأفكار بين مدربي المراحل السنية في اتحاد الكرة ومدربي قطاع المراحل في الأندية حتى لا يكون هناك أي تضارب يضر بمستقبل الكرة الإماراتية، باعتبار أن الفئات العمرية هي عماد وأساس المستقبل سواء للأندية أو المنتخبات.

خارطة طريق.. لمعانقة البريق

في خضم الأرقام غير المشجعة للمواهب التي خرجتها أكاديميات أندية، ارتفعت الأصوات المطالبة لاتحاد الكرة بالتدخل على أكثر من صعيد، تارة بإنشاء مسابقات لجميع فئات الأكاديميات، وعدم التركيز على دوري تحت (21 عاماً) فقط، وأخرى بوضع تشريعات جديدة للنهوض بصناعة الأجيال الكروية، قبل أن يتفرغ رياضيون لتحليل أسباب الأمر ووضع الحلول له.

محمد مطر غراب: الحل في تنظيم مسابقات في مستوى دوري الرديف

بدوره، طرح رئيس أكاديمية نادي شباب الأهلي السابق محمد مطر غراب، رؤية مختلفة نسبياً عما تطرق إليه ميرغني والعوضي، وتحدث عن نتائج إيجابية لعمل أكاديميات الأندية، وتحديداً الفرق الكبيرة، ولكن المشكلة تكمن في عدم النجاح في إبراز تلك المخرجات في دوري المحترفين، وهذه مسؤولية اتحاد الكرة بحسب غراب باعتباره مطالباً بإيجاد مسابقات تتناسب مع أعمار ما بعد التكوين للاعبين.

وأضاف: «المرحلة التي تلي تكوين اللاعب تحتاج إلى أكثر من مسابقة، والآن توجد مسابقة وحيدة هي دوري تحت 21 (الرديف)، فالمسافة بين آخر مرحلة في تكوين اللاعب ومستوى دوري المحترفين نجد هناك فوارق كبيرة جداً تتمثل في الجوانب البدنية والمهارية للاعبين، وهذا يحتاج إلى عملية جديدة يمكن أن نطلق عليها استكمال التكوين، حيث يجب إنشاء مسابقات جديدة للاعبين في هذه المرحلة، والاكتفاء بدوري الرديف كما هو متبع حالياً غير صحيح، فدوري الرديف يخدم دكة احتياطي الفرق ولا يبرز لاعبين جدداً مميزين».



وتابع غراب: «استكمال تكوين اللاعبين على أقل تقدير يحتاج إلى مسابقتين بعدد مباريات كافية يسهم في رفع قدرات اللاعبين وتأهيلهم ليكونوا قادرين على اللعب في دوري المحترفين، نسبة إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في ضياع العناصر المكونة في الأكاديميات بين آخر مرحلة للتكوين والوصول إلى الفريق الأول، وبهذا تخسر الأندية كل الذي فعلته في المراحل السنية، وهناك نسبة كبيرة تخرج إلى الشارع وتنتهي علاقتها بكرة القدم مبكراً ما يؤدي لحدوث نقصان في القاعدة الكروية بالدولة».



وطالب غراب اتحاد الكرة بضرورة لعب دور في حل هذه المشكلة، بعد دراستها من كل الجوانب ووضع الحلول لها بالتعاون مع الأندية، خصوصاً أن أبرز العناصر المتميزة في الأكاديميات يكون في منتخبات المراحل السنية التي يشرف عليها اتحاد الكرة.



إيهاب ميرغني: «البطولات المجمعة» الأفضل للمراحل السنية

أرجع مشرف مدرسة الكرة الأسبق لنادي حتا إيهاب ميرغني، تراجع مخرجات أكاديميات عصر الاحتراف، إلى العديد من الأسباب أبرزها افتقاد بعض الأكاديميات إلى المتخصصين والخبراء في مجال المراحل السنية.

وأوضح: "اتحاد الكرة يشترط حصول المدرب على الرخصة (C الآسيوية) حتى يتمكن من العمل مدرباً لقطاع الأكاديميات، وهذا هرم مقلوب فالصحيح هو أن يشترط في مدرب المراحل السنية أن يكون حاصلاً على الرخصة (A) نسبة إلى حساسية المرحلة العمرية التي يمر بها اللاعب فهي فترة التكوين وتحتاج إلى مدربين مؤهلين بشهادات عليا".



وأردف: "من هنا أناشد اتحاد الكرة بضرورة أن يمنع المدربين غير الحاصلين على شهادة (A الآسيوية) من العمل في المراحل العمرية (6، 7، 8، 9، 10، 11)، ومن فئة الـ12 سنة، يمكن للمدربين الحاصلين على شهادة (C) العمل معهم باعتبار أن اللاعبين تجاوزا سنة التأسيس بشكل صحيح".



ويرى إيهاب ميرغني، أن نظام البطولات المجمعة يعتبر هو الأفضل للاعبي المراحل السنية عوضاً عن الدوري المنتظم، خصوصاً أن السفر بين الإمارات للأطفال مرهق، وبالتالي يمكن أن تنظم مسابقات المراحل بنظام البطولات المجمعة أسبوعياً في إحدى الأندية، مع ضرورة إلزام المدربين بإشراك جميع اللاعبين دون محاباة، حتى لا تتسلل الروح الانهزامية لنفوس اللاعبين وتؤثر عليهم سلباً، وكذلك عدم استهداف تحقيق النتائج وأن يكون الهدف هو بناء لاعبين للمستقبل.

وأكمل، البطولات المجمعة تقلص مسافات السفر بين الإمارات للاعبين الصغار، وتضمن تدوير اللاعبين باعتبار أن البطولات المجمعة مضغوطة، وفي أيام قليلة، وهذا الأمر ينعكس على ضمان استمرارية انتقال اللاعبين من مرحلة إلى أخرى، دون أن يكون هناك فقد، إذ حالياً نجد الأعداد لا تنتقل كاملة من فئة لأخرى، فنسبة الفقدان حالياً كبيرة.



زكريا العوضي: تهافت الأندية على «المُقيم» أضرّ بالمواهب

مشرف حراس أكاديمية نادي بني ياس زكريا العوضي، يؤكد أن هناك تراجعاً كبيراً في عمل الأكاديميات تحديداً في الأندية الكبيرة، التي كانت تعتمد عليها المنتخبات الوطنية برفدها بالعناصر المميزة، وهو الأمر الذي تلاشى مؤخراً، إذ لم تعد تلك الأندية قادرة على الاستمرارية في العطاء وتقديم المواهب مثلما فعلت مدارس الكرة سابقاً بإهداء الجيل الحالي لكرة الإمارات، من قبيل عموري ومبخوت وخليل، دون أن تلوح في الأفق أي أسماء لخلافتهم.

وعن هذه المعضلة، قال العوضي: «علينا أن نمعن النظر في واقع أكاديميات الكرة التي خلفت مدارس الكرة، فنجدها تعمل، ولكن دون تحقيق فوائد كبرى، فمخرجاتها من اللاعبين في 12 سنة مقارنة بالإمكانات التي وفرت مالية ضعيفة للغاية، ولهذا لا بد من تحليل أسباب تلك الظاهرة بداية بغياب دور الكشاف الذي كان مهمته سابقاً هو متابعة ورصد المواهب في دوريات المدارس أو الحواري، بتسليط الضوء عليها تمهيداً لضمه للنادي الذي يعمل لصالحه الكشاف، وهذا الأمر نتاج لغياب دوري المدارس ودورات الأحياء مع ضعف مردود الأكاديمية التجارية، واختصارها على لعب كرة القدم من أجل الترفيه وليس إبراز نجوم جدد».



ويرى العوضي أن تهافت الأندية نحو تسجيل المقيمين من خارج الدولة بالاستفادة من قرار صاحب السمو رئيس الدولة بإتاحة الفرصة للمقيمين على أرض الدولة والمواليد، غير سليم ويجب أن يفعل القرار بطريقة صحيحة، وليس بالنهج الحالي باستقطاب أجانب من الخارج وتسجيلهم في خانة اللاعب المقيم، وهذا أمر غير صحيح، فالمقصد من القرار هو أن يشارك المقيم الذي ولد وتربى واكتشفت موهبته في الدولة بدلاً من الإتيان بلاعبين من الخارج لزيادة عدد الأجانب في الفريق.



جمال بوهندي: أنقذوا الأكاديميات من المدربين متواضعي القدرات

المحلل الرياضي جمال بوهندي، أشار إلى اهتمام الأندية مؤخراً بات منصباً على الفريق الأول، واللاعب الجاهز في إهمال متعمد للمراحل السنية، حيث نجدها تدفع مبالغ طائلة لاستقطاب لاعبين للفريق الأول جاهزين دون أن تكلف نفسها العمل في قطاع المراحل السنية.

وأردف: «إذا كانت هناك أمانة إدارية في الأندية يجب أن تكون هناك عين على الفريق الأول وأخرى على الأكاديميات، دون أن تصب جل اهتمامها على الفريق الأول، وعليها أن تهتم بالفئات العمرية باستقطاب مدربين مميزين لهم وقادرين على إخراج أفضل ما عندهم وليس مدربين محدودي القدرات».

وأضاف: «الآن نحن ندفع في ضريبة الاحتراف، بتطبيقه الخاطئ، وفي الفترة التي سبقت الاحتراف كان الوضع أفضل، وهذا الوضع ينطبق على جميع الأندية فكلها تجد الدعم الكبيرة من الحكومات والقيادة الرشيدة، ولكن عندما ننظر للمخرجات في قطاع الأكاديميات نرى المصلحة متواضعة خالصة».

وأردف بوهندي، سابقاً المنتخبات كانت تستفيد من أكاديميات أندية (العين، الجزيرة، الوحدة) التي كانت تنظم بطولات عالمية بمشاركة نخبة الفرق الأوروبية على مستوى المراحل السنية، ما أكسب لاعبيها الخبرات كبيرة انعكست على أداء المنتخبات الوطنية، والآن هذه الدورات اختفت من المشهد الأمر الذي ينذر بكارثة على مستقبل كرة الإمارات.

ولفت بوهندي إلى أن الدور الرئيسي في النهضة بالمراحل السنية مطالبة به الأندية وليس اتحاد الكرة، فهي الجهة الأولى والأخيرة المسؤولة عن تكوين وتأسيس اللاعبين، واتحاد الكرة دوره اختيار اللاعبين المميزين من الأندية لتمثيل منتخباته فقط، وتنظيم المسابقات، وصحيح دعم وإشراف اتحاد الكرة مطلوب ولكنه ليس الأساسي وإنما فكر الأندية رأس الرمح في هذا الجانب.