السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

نفوذ اللاعبين يهدد شريان الساحرة المستديرة

نفوذ اللاعبين يهدد شريان الساحرة المستديرة

رونالدو خلال مؤتمر صحافي في يورو 2020. (رويترز)

وسط موجة الاتهامات العاتية له بالفساد وإفساد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، بدا رئيس السويسري جوزيف سيب بلاتر غير مبالٍ بتلك الجلبة، إذ كشف في حوار أجراه مع صحيفة لو موند الفرنسية في 2015، موعد تفجر أزمة فيفا غيت، أنه لو اكتفى بإنجازاته في الملف المالي وما حققه فيفا من زيادة صاروخية في الدخل، لمنحه ذلك صك النجاح في سنواته الـ17 التي قضاها في رئاسة أكبر مؤسسة كروية في العالم.

وبالفعل صعدت إيرادات فيفا من ملايين الدولارات في عهد الرئيس الأسبق البرازيلي الراحل جواو هافيلانغ، إلى أكثر من 3 مليارات دولار في عهد بلاتر الذي تدرج بالإيرادات، قبل أن يرفعها بصورة مطردة بفضل فكرة البث التلفزيوني واستقطاب الشركات العملاقة مثل كوكا كولا وماكدونالز وكبريات بيوت المال العالمية.

بلاتر في غمرة نشوته بالدخل المالي المتصاعد، بدا أكثر سخاء على دعم الاتحادات الكروية من أجل تفريخ المزيد من المواهب، قبل أن يلهم بأفكاره التسويقية تلك دوريات واتحادات لتحذو حذوه، ليصبح العقد الماضي عقد النجاحات الاقتصادية في كرة القدم والتي انعكست بالتالي على زيادة متابعيها.

بدورهم، كان نجوم الساحرة المستديرة والضلع الأقوى في اللعبة الأكثر استفادة من الوضع الاقتصادي الجديد، فزادت بالتالي رواتبهم ومداخيلهم من الرعاية والترويج.

ولم تنحصر فوائد الوضع الجديد على النجوم في التربح المالي، وإنما تخطاه، إذ جمعوا حولهم قاعدة مليونية من البشرية، صنفت في خانة جماهيريهم، ومنحتهم بالتالي نفوذاً كبيراً، ربما يتخطى نفوذ أعتى المؤثرين عالمياً في عالم السياسة والاقتصاد وبقية المجالات.

استعراض النفوذ

طوال الأعوام السبعة الماضية، لا يكاد يمر عام دون أن يثير لاعب أو آخر جدلاً عالمياً بخصوص موقفه شخصي من أمر أو ظاهرة ما سياسية أو اقتصادية، قبل أن يجبر سلطات على اتخاذ قرارات تصب في صالح الاتجاه الذي دعمه.

وبدا الزعيم والمناضل الجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا أكثر فطنة، عندما نوه في عام 2000 بدور والسلطة القادمة للرياضيين، إذ قال في تصريح شهير: «الرياضة باتت لديها سلطة قادرة على تغيير العالم»، ليحول أنظار الجميع إليها.

وكان العام الماضي التأكيد الأبرز لمقولة مانديلا تلك، إذ تبنى الرياضيون حول العالم، بصورة واضحة ومؤثرة قضية مقتل المواطن الأمريكي الأسمر جورج فلويد تحت تعذيب الشرطة، لينطلقوا منها إلى مهاجمة العنصرية دون هوادة.

واقعة رونالدو

مع بدايات بطولة يورو 2020 الحالية، أثار النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الجدل، عندما أزاح من أمامه زجاجتي كوكا كولا خلال مؤتمر صحفي، وأتبع تصرفه ذلك بعبارة: «إيغيا» بالبرتغالية وتعني «الماء».

وقصد رونالدو من فعلته تلك لفت النظر إلى ضرورة الحفاظ على الصحة، قبل أن ينعكس ذلك الأمر على مضمار آخر، وهو وضع الشركة الاقتصادي.

ونشرت وقتها وسائل إعلام أن رونالدو كلف بتصرفه ذلك شركة المياه الغازية ما قيمته 4 مليارات دولار، قبل أن تفنِّد ذلك تقارير أخرى، قالت مجتمعة إن أسهم قيمة الشركة استفادت من الأمر وسجلت ارتفاعاً.



تأثير

وبعيداً عن جدل الربح والخسارة للشركة المعنية، عادت قضية نفوذ الرياضيين المتصاعد بقوة إلى الجدل، وهو أمر مرشح لإحداث الكثير من التغييرات في معادلة السلطة في عالم المستديرة، بل وعلاقاتها مع بقية المجالات الحياتية الأخرى.

يذكر أن رونالدو نفسه، كان مثار حديث البورصات من قبل وذلك، عندما تخطت القيمة السوقية لنادي يوفنتوس الإيطالي عتبة المليار يورو للمرة الأولى منذ إدراجه في البورصة قبل 17 عاماً، وذلك بعد مدة قصيرة من انضمام اللاعب إلى الفريق الإيطالي.

توقعات

الآن، لا يكاد أي متابع للشأن الاقتصادي الدولي يخطئ الأموال الضخمة التي يجنيها الاتحاد الدولي من قبل الشركات الراعية لبطولاته، والتي أبرزها شركة كوكا كولا.

وفي هذا السياق، نشر موقع (موني كونترول) تقريراً تحليلاً لمستقبل الشركات الراعية في عالم الكرة ورأى أن حادثة رونالدو سيكون لها ما بعدها في هذا المجال، متوقعاً ألّا تقدم أي شركة على دفع أموال رعاية إلا بعد دراسات مستضيفة لتوجه الأجيال الجديدة من اللاعبين، خوفاً من ردات فعل يمكن أن تكلفهم باهظاً مستقبلاً.



ومن المنتظر أن يواجه فيفا وغيره من الاتحادات صعوبات جمة مع الرعاة، إذ سيتردد، على الأرجح، أكثرهم قبل دفع الكثير من الملايين.