السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

هروب النجوم إلى المنصات الشخصية يؤرق الدوريات الكبيرة

هروب النجوم إلى المنصات الشخصية يؤرق الدوريات الكبيرة

ميسي خلال حواره الحصري مع إيباي لانوس. (أ ب)

إذا سألت مشجعاً عادياً عن سرّ سطوة الدوري الإنجليزي وتطوره اللامتناهي فنياً واقتصادياً في الأعوام الخمسة الأخيرة، فلن يتردد على الأرجح، في نسب الأمر إلى العقد الملياري لبثه تلفزيونياً والذي تجاوز الخمسة مليارات استرليني عن كل 3 سنوات، وهو أمر بدا بمنزلة هدف استراتيجي لبقية الدوريات لتقليده والارتقاء بسمعتها إلى مصاف البريمييرليغ.

وفي خضم سعيها وأملها لتحقيق الرغبة «الحلم»، اصطدمت غالبية الدوريات الكروية الكبيرة بواقع لم يكن في الحسبان، والمقصود هنا إحجام القنوات عن فتح خزائنها لتلك الدوريات، وهو أمر بدا مرده ظاهرياً إلى التأثر الشديد بجائحة كورونا، التي هزت العالم وغيّرت الكثير في مفاهيمه وخططه.

وقبل انطلاق الموسم الماضي، بدا الدوري الإيطالي يغالب أزمات عدة متعلقة بالبث. وفي الوقت الذي بحث فيه عن زيادة عقد بثه البالغ 1.15 مليار يورو سنوياً، صعق بتخفيض مالكي الحقوق الحصرية عرضهم إلى 973 مليون يورو في السنة، قبل أن يعلن بث مبارياته على منصة يوتيوب في عدد من المناطق الجغرافية.

وبدوره، كان الدوري الفرنسي على موعد مع ضربة قاضية بعد انسحاب ميديا برو الإسبانية، لتترك له عائدات كانال بلس الفرنسية فقط، والتي لا تتجاوز 670 مليون يورو بدلاً عن 1.15 مليار يورو.

أما الدوري الإسباني فلم يكن أفضل حالاً، إذا لا يزال هناك جدل عن بيع حقوقه لمدة طويلة من أجل جني أموال يغطي بها على خسائر أنديته الباهظة.

من جهتهمها، لا تزال تقارير تؤكد أن الدوري الإنجليزي نفسه على موعد مع تقلص في ميزانية بثه تلفزيونياً، إذ يخطط مشغلو بي تي سبورت وسكاي سبورتس لتخفيض التزاماتهما تجاه البطولة العريقة.

هل كورونا السبب الوحيد؟

لا يختلف اثنان على التأثير القوي لكورونا في مداخيل القنوات التلفزيونية، وانعكاسه سلباً على شهية الأخيرة تجاه الدوريات، لكن تقارير أخرى أكثر تخصصية في بزنس كرة القدم، رأت أن هناك أسباباً أخرى تسببت في تراجع شغف القنوات برعاية الدوريات الكبيرة.

وتحدثت تلك التقارير تحديداً عن قفزة هائلة في منصات يمتلكها أشخاص ذوو حسابات على السوشيال ميديا، بل وقيام تلك المنصات بالدور الذي كان منوطاً تاريخياً بوسائل الإعلام التقليدية، من تلفزيون وشبكات بث كبيرة.

واستشهدت تلك التقارير بالقرار المفاجئ للنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، بمنحه أول مقابلة إعلامية له بعد انتهاء مسيرته بناديه برشلونة وعقب انضمامه إلى باريس سان جيرمان إلى قناة الإعلامي الإسباني الشخصية إيباي لانوس على منصة تويتش للبث المرئي التابعة لموقع أمازون الأمريكي.

يذكر أن وكيل ميسي حصل على عدة عروض من قنوات تلفزيونية عالمية، تتضمن منح اللاعب مبلغاً مالياً كبيراً مقابل كل سؤال يجيب عنه، بيد أن النجم الملقب بالبرغوث اختار صديقه إيباي لانوس ليمنحه شرف أول حوار إعلامي معه، بعد الرحيل الكبير عن البرسا، وهو اللقاء الذي تابعه نحو 300 ألف شخص مباشرة، كما حقق نحو 6.5 مليون مشاهدة على حساب الصحفي الإسباني على يوتيوب.

من هو إيباي لانوس؟

يعد الإسباني إيباي لانوس حالياً أحد أبرز المشاهير في عالم الإعلام الجديد، ويقدم نفسه رسمياً على أنه صانع محتوى على منصة تويتش، ومختص في ألعاب الفيديو الرياضية، لكن الأهم هو تشعب علاقاته بلاعبي الكرة الكبار، وأيضاً الإداريين.

بدأ لانوس (26 عاماً) نشاطه في مسقط رأسه بمدينة بلباو منذ أن كان في الـ15 من عمره، ببثه مباريات في البلاي ستيشن، ويعد هذا هو الباب الذي نقله للشهرة نسبياً، إذ عمل معلقاً للرياضات الإلكترونية بإحدى القنوات الإسبانية، قبل أن يستقيل منها، ويتفرغ لصناعة المحتوى.

وفي فترة كورونا كان لانوس على موعد مع الشهرة، عندما استضاف عدداً من اللاعبين، مثل أسينسيو وبيكيه وأغويرو على قناته بموقع يوتيوب التي يتابعها أكثر من 7 ملايين شخص، وذلك في مباريات بلاي ستيشن.

وبعدها كان لانوس أول المدعوين لحفل العشاء الذي أقامه ميسي بمنزله ببرشلونة، والذي حضره أيضاً عدد من النجوم مثل أغويرو وبيكيه وزوجته شاكيرا.

انتقادات

أثارت خطوة ميسي برفضه إجراء حوار صحفي حول أهم فترة في مسيرته الكروية مع القنوات التلفزيونية وتفضيله لمنصة شخصية، الكثير من الجدل، كما نال لانوس صاحب المنصة، الكثير من الانتقادات، قبل أن يحذر خبراء من مغبة هروب النجوم إلى مثل هذه المنصات مستقبلاً.

ورأى الصحفي بمحطة إي إس بي إن الأمريكية جوستافو لوبيز في تصريحات لموقع «سبورت بزنس» أن مثل هذه الظاهرة تشكل خطراً على القنوات التلفزيوينة التقليدية، والتي تدفع الملايين، من أجل وضع المشاهد في الحدث الرياضي، مبدياً في الوقت ذاته امتعاضه الشديد من تصاعد نفوذ إيباي.

ورغم لفته انتباه أسطورة كرة القدم وخلطه لمفاهيم الإعلام في علاقته بالرياضة، فإن لانوس لم يكن الوحيد في هذا المضمار، إذ يقوم النجم الإنجليزي غاري نيفيل بمهمة شبيهة، حيث سبق وأن استضاف النجم هاري كين حصرياً على قناته الشخصية على يوتيوب، ليحدثه عن مستقبله وأزمة رحيله إلى السيتي وقتها.

وإجمالاً، تراقب القنوات التلفزيونية هذه التحركات بقلق بالغ، وهو أمر تشاطرها فيه العديد من روابط الدوريات العالمية، التي تخشى أن تبور بضاعتها بين القنوات، بسبب هذا التحول، والذي إذا استمر وتصاعد ربما ستكون تلك الدوريات ضحيته الأولى بامتياز، إذ يتوقع معه زهد الكثير من القنوات في نقل دورياتها، بسبب فقدانها روح الإعلام الرياضي، وهي الحوارات الحصرية وتصريحات النجوم النارية في مختلف القضايا.