الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

المونديال كل عامين.. صراع «ملايين» خفي بين «فيفا» و«يويفا»

المونديال كل عامين.. صراع «ملايين» خفي بين «فيفا» و«يويفا»

فرنسا توجت بآخر مونديال في روسيا 2018.( رويترز)

وسط جدل كثيف حولها، يبدو أن فكرة إقامة بطولة كأس العالم لكرة القدم كل عامين بدلاً من 4 أعوام، قد أخذت منحى جدياً داخل أروقة الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، وذلك بعد الكثير من التحركات الرسمية في هذا المضمار مؤخراً، وجدولة تحركات أخرى أكثر تقدماً في الفترة القليلة المقبلة.

ولم يتوقف الحديث عن التعديل الثوري الجديد في أكبر بطولة كروية في العالم منذ مايو الماضي، وتحديداً منذ تقدم الاتحاد السعودي لكرة القدم بهذا الاقتراح لـ«فيفا»، قبل أن يؤيده الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ويلحق به الاتحاد الأفريقي، واللذين يريان سوياً في الخطوة زيادة لفرص منتخباتهما في الظهور في المحفل الكروي الكبير.

من جهته، بدا الاتحاد الدولي لكرة القدم كمن وجد كنزاً ثميناً ضائعاً، إذ روّج بصورة جادة للاقتراح، قبل أن يتحرك المسؤول عن التطوير في «فيفا» ومدرب أرسنال السابق أرسين فينغر ليبشر بالفكرة الجديدة، واعداً بأنها ستخدم كثيراً كرة القدم، كونها ترفع عائدات فيفا المالية، وبالتالي يرتفع معها الصرف على تطوير اللاعبين في المناطق الفقيرة بالعالم.

ولم يكتفِ فينغر بالحديث عن الأمر، بل جمع نحو 211 من مدربي المنتخبات الوطنية الشهر الماضي، وناقش معهم المقترح الجديد، في وقت يستعد فيه «فيفا» ورئيسه السويسري جياني إنفانتيو لعقد مؤتمر عالمي في الـ20 من الشهر المقبل لمناقشة المقترح والتصويت عليه، قبل اعتماده في روزنامة «فيفا»، إن أُجيز.

رفض أوروبي من بوابة صحة اللاعبين

بدوره، بدا الاتحاد الأوروبي «يويفا» أحد أكبر المعارضين لإجراء المونديال كل عامين، معللاً الأمر بإنهاكه للاعبين (المنهكين أصلاً)، مشدداً على أن اتحاداته سترفض المشاركة في أي بطولة جديدة أو تنفيذ أي جدول جديد للمباريات الدولية إذا تم التصديق على المقترح.

وربما تلاقت مسوغات «يويفا» في رفضه للقرار، مع مطالب جماهيرية عريضة في أوروبا، والتي تخشى أن يؤثر المونديال بشكله الجديد في الشغف بكرة القدم، إلى جانب تعريضه صحة اللاعبين للخطر.

وكان أكثر من لاعب شكا مؤخراً من ضغط الروزنامة، أبرزهم حارس ريال مدريد وبلجيكا تيبو كورتوا، ومن قبله نجم مانشستر سيتي وألمانيا إلكاي غوندوغان، إلى جانب مدربين كثر، مثل يورغن كلوب وبيب غوارديولا.

متلازمة المال

على الرغم من حصر «يويفا» دفوعاته لرفض المونديال بشكله الحديث، في الحفاظ على سلامة اللاعبين فقط، فإن الأمر يبدو أكبر من ذلك، إذ بحسب موقع «ذا كونرسيشين»، يخشى «يويفا» أن تؤثر البطولة الجديدة في إيراداته الكبيرة.

ورغم كونه اتحاداً قارياً، فإن إيرادات «يويفا» في الأعوام الأربعة الماضية تخطت عائدات «فيفا»، وهو أمر ينسبه المهتمون بالشأن الاقتصادي إلى جودة مسابقاته القارية، وخصوصاً على مستوى الأندية.

وبلغت عائدات «يويفا» في الأعوام الماضية 12.5 مليار دولار، بما يعادل ضعف عائدات «فيفا» عن المدة الزمنية ذاتها، والتي بلغت 6.4 مليار دولار بما فيها مداخيله من مونديال كاس العالم روسيا 2018، والذي أدخل لوحده 4.6 مليار دولار.

وتأتي غالبية إيرادات «يويفا» من مسابقات الأندية، وهي مسابقات تضمن له دخلاً سنوياً، عكس «فيفا» الذي عادة ما ينتظر المونديال كل 4 أعوام، لتنتعش خزينته بالأموال.

وفي 2016 بلغت عائدات «يويفا» من بطولتي دوري الأبطال واليوروبا ليغ التي تتنافس فيها أندية القارة العجوز، 293 مليون دولار، وهو مبلغ ضخم في موسم واحدة لاتحاد قاري.

فارق في الإنفاق

رغم الأموال الضخمة التي يجنيها «يويفا»، فإنه ليس مطالباً سوى بالصرف داخل 55 دولة في قارته، عكس «فيفا» الذي يجد نفسه محاطاً بالتزامات حيال 211 دولة، ويأتي جُلّ صرفه تحت بند التطوير وجعل الكرة جذابة للمواهب الصغيرة، وفقاً لموقع الاتحاد.

وبحسب موقع «ذا كونفرسيشن»، فإن ميزانية صرف «فيفا» تحت بند التطوير والتعليم تبلغ نحو 500 مليون دولار سنوياً، وهو مبلغ ضخم للغاية، يجعل من خطوته نحو تغيير موعد المونديال مبرراً، على الأرجح.

ربما لن يختلف اثنان على ما يمكن أن يصيب اللاعبين من إجهاد جراء التغيير في موعد المونديال، بيد أن ذلك لا يبدو، بحسب الأرقام، هدف «يويفا» من مناهضة الخطوة الجديدة.

ويدرك يويفا أن غالبية الأندية تميل الآن للاعبين الأكثر تردداً على المنتخبات، وهو ما يضمن لها النجاحات بحكم الخبرات الفنية، والتي يستفيد منها «يويفا» لاحقاً في الترويج لبطولاته، لكن ذلك كله يمكن أن يتبدل، إذ من الممكن أن تتجه الأندية الأوروبية إلى لاعبين أقل تردداً على المنتخبات أو صغار السن، لتفادي موجات مستمرة من الإصابات وهو أمر سيهوي بتنافسية البطولات التي تشارك فيها.

وما بين رفض «يويفا» وإصرار «فيفا» بدعم من الاتحادات الصغيرة، يبدو أن الـ20 من الشهر المقبل سيكون حاسماً في مصير أكبر بطولة كروية، ليبقي الجميع في ترقب لما سيؤول إليه مستقبل المونديال العريق الذي انطلقت أولى نسخه في 1930.