الجمعة - 06 ديسمبر 2024
الجمعة - 06 ديسمبر 2024

تقنية الفيديو في الدور الأول .. 17 تدخلاً من 335 حالة جدلية والسخط والرفض سيدا الموقف

وسط مشهد مزدحم بالشخصيات والأحداث في المدن الروسية، حيث تجرى نهائيات كأس العالم 2018، تمكن الحكم الإيطالي ماسيمليانو إيراتي من خطف الأضواء وذلك بسبب ارتباطه الوثيق بتقنية الفيديو التي طبقها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في المونديال الجاري، ومهتمها مساعدة حكم الوسط بصور توضيحية لحالة تحكيمية مثيرة للشكوك. ويعد إيراتي عراب تقنية الفيديو في المونديال، وذلك بسبب إدارته لـ 11 مباراة عبر الفيديو، حيث يتولى رصد قرارات الحكم عبر لقطات الفيديو ورفد الحكم بمشورة أو لقطات عندما يطلب الأخير ذلك. ولم يكن إيراتي،البالغ من العمر (39 عاماً)، مشهوراً في عالم الصافرة العالمية، حيث تعتبر هذه مشاركته الأولى في مونديال (حكماً للفيديو)، في حين جرت الاستعانة به بوصفه حكماً مساعداً مرتين في الحدث ذاته، قبل أن يكتسب صيته عبر التصاقه بالتقنية التي أثارت ولا تزال الكثير من الجدل. إحصائية منذ انطلاقة المونديال الجاري في الـ 14 من يونيو الماضي، اعتاد الكثير من المشاهدين عبر الشاشات البلورية رؤية مشهد متكرر لثلاثة أو أربعة أشخاص في غرفة ذات إضاءة مختارة بعناية، منهمكين في رصد ما تنقله لهم الشاشات الموجودة في كل مكان حولهم من أحداث في أرضية الملعب، حيث يمثل هؤلاء طاقم تقنية الفيديو بإشراف حكم ملم بقانون التحكيم، إضافة إلى معرفة جيدة بالشأن التكنولوجي، وتنحصر مهام هؤلاء في التواصل مع حكم الوسط لتصويبه في حالة الخطأ وتوضيح أي لبس حول قراراته. وأجرى طاقم الفيديو تحليلاً لـ 335 حالة تحكيمية مشكوكاً فيها طوال دور المجموعات الذي أسدل الستار عليه الخميس الماضي، بنحو سبع حالات في كل مباراة من مجموع 48 مباراة لعبت في الدول الأول. ومن بين الحالات المرصودة، تدخل طاقم الفيديو في 17 حالة، منها ما هو متعلق بأهداف من جملة الأهداف الـ 122 التي شهدها الدور الأول، وكانت جميع الحالات بتنبيه من حكم الفيديو (إيراتي أو غيره)، في وقت تجاوب فيه حكام الوسط مع التقنية وغيروا من قراراتهم في 14 حالة تحكيمية، في حين أصروا على آرائهم في ثلاث حالات فقط. سلطة بالعودة إلى الإحصائية السابقة ومدى امتثال الحكم لقرارات التقنية الشهيرة بـ «VAR»، تتبدى فعلياً السلطة الكبيرة للتقنية وإمكانية أن تصبح مرجعاً ثابتاً في كل قرار تحكيمي، خصوصاً إذا ما نجح القائمون على أمرها في تحديد معيار أساس ومتفق عليه لعملها يضمن متى يمكن رجوع الحكم إليها. وتدعم هذا الطرح تصريحات أسطورة الصافرة الإيطالية ورئيس لجنة الحكام في فيفا بيير لويجي كولينا، والذي أكد «اعتاد الحكم أن يكون الآمر والناهي على أرضية الملعب، نحن نطلب منهم أن يدركوا أن هنالك وافداً جديداً يفرض قرارات أخرى من خارج الملعب»، في إشارة إلى أن سلطة التقنية أصبحت واقعاً يتماشى مع سلطات الحكام. وفي وقت يرى فيه الكثيرون أن المستقبل للتقنية في عالم الساحرة المستديرة، قلل الحكم السابق والمسؤول عن تقنية الفيديو في فيفا روبيرتو روزيتي من الهيمنة الكاملة للتقنية على التحكيم أو إلغاء دور حكم الوسط نهائياً، محاولاً تهدئة حالة السخط غير العادية التي تسود أجواء المنتخبات المغادرة للمونديال، والتي ترى أن التقنية كانت سبباً رئيساً في خروجها من المحفل الكروي العالمي. وأوضح روزيتي في مؤتمر صحافي عقده في روسيا الجمعة الماضية «في وسط هذه العملية كلها، هنالك حكم الوسط، التقنية من حيث المبدأ مساعدة ولا تقرر، حيث تكتفي بتوصية فقط مع صور للحكم، القرار في النهاية للحكم، هذا يطور من دور الحكام لا يقزمهم». وعلى الرغم من تطمينات روزيتي بخصوص تقنيته الدخيلة على المونديال، فإن الجو العام وبعد مرور نحو نصف شهر من تطبيقها، يبدو مناهضاً لا مسانداً لها، وأبرز تلك الأصوات انتقادات مدربي كل من المنتخبين الصربي ملادين كرستايتش والإيراني كارلوس كيروش اللذين أكدا عقب خروج منتخبي بلديهما من المونديال «يبدو أن الحكام قد غسلوا أيديهم تماماً من اتخاذ القرارات، ليسلموا الأمر إلى التقنية». وما بين انتقاد التقنية والدفاع عنها، تظل الأخيرة حديث المونديال، في وقت لا تبدو فيها سلطتها خافية على الجميع، لتبقى الأدوار الأخيرة في المحفل الكروي حاسمة لمستقبل يرسّخ التقنية في عالم الساحرة المستديرة.