2018-05-09
كأنامل عازف ماهر، خفّة وإتقان، يستطيع أن يجعل من الحبل حكاية، الخبرة تجعل من حياكات الأشياء حكايات، سر تحكيه التجاعيد، ويفضحه العرق، وهذا الوجه القديم، القديم جداً، الأزلي، صفحة من تأريخ طويل وعميق، كالندوب التي تصنعها السنون وكأنها عقاب أبدي يظل شاهداً بوجوه الآباء، أما يداه فكلما أرهقت ذاكرتك لن تجد إلا خيال (زرياب)، ولو أطرقت السمع أكثر فستسمع بالتأكيد نغمة شجن، صوت رقيق جداً يشبه ارتطام حبات المطر بجبين طفل، شيئاً كهذا تلمحه في أنامل الرجل وبقية ملامحه، يكاد يقينك أن يُقسم بأن تلك الملامح خُلقت من جديّة، بل من أقصى وأقسى درجات الجدية، فيه شبه كثير من الأشياء العالية، لكنه لا يقترب أبداً من حدود العادية، ثمة تحدٍّ تبارز به ملامح الرجل هذه الحياة، حادٌّ كالحق، صلبٌ كالفضيلة، عصيّ كلحن عظيم، وجه يستحق أن يكون شعار الهيبة، لو اقتربت أكثر من الصورة، لو غصت أكثر في تلك الملامح ستجد أنك تعرفها جيداً، وستكتشف أنها أكثر إنسانية مما خمّنت.