الاثنين - 17 فبراير 2025
الاثنين - 17 فبراير 2025

الحداثة تُغيّب أدب رمضان والتشكيل ينتصر للقيم الروحانية

يعاني أدب الرمضانيات انشغال الكتّاب والشعراء عنه، ما أدخله غرفة الإنعاش وجعله يسلك طريقه إلى الاندثار، ولكن في المقابل انتصر عدد من الفنانين التشكيليين للشهر الفضيل بوفرة إنتاجية تحتفي بروحانيات الشهر وتعبّر عن آدابه وفضائله. وأكد عدد من الشعراء والأدباء أن مظاهر الصيام وعلاقتهم برمضان أدبياً بدأت تتلاشى، مرجعين ذلك إلى انشغال المبدعين بقضايا جديدة وبروز أساليب معاصرة سحبت البساط من الكتابة الرمضانية واستبدالها بكتابة الفوازير والمسلسلات والأعمال السينمائية التي تكسب أصحابها أرباحاً مالية كبيرة. وعزا الشاعر سعيد الزرعوني اختفاء أدب رمضان المتجسّد في الشعر والرواية إلى تغير الأشكال الإبداعية للشعر الذي تحوّل من شكله العمودي إلى الحداثي المتطور، إذ إن معظم الشعراء اليوم أكثر انفتاحاً على الآداب الأوروبية الحديثة، ما جعل الشهر الكريم غير مطروق من قبلهم في معظم أعمالهم. وأوضح أن هناك بعض الشعراء الذي طرحوا ثيمة الشهر المبارك في قصائدهم وأبرزهم صلاح جاهين وتوفيق زياد. وأكد أن عالم الروايات كان زاخراً بالقصص والشواهد التي تستدل بالشهر الفضيل مع الاستفاضة في الشرح وتعدد الفضائل، كما كان يحدث مع الأديب طه حسين الذي كان يتحدث في صور أدبية بديعة حول لحظات الإفطار، كما تناول الروائي يحيى حقي سلوكيات الناس في رمضان. بدوره، ذكر الكاتب محمد البستكي أن الحداثة في الكتابة تسببت في اختفاء هذا الشكل الأدبي المهم، على الرغم من أن الكتابة المتخصصة في رمضان سواء عبر الشعر أو الرواية أو القصة كانت بارزة قديماً، لكن رمضان أصبح مع مرور الوقت شكلاً تجارياً استهلاكياً يستفاد منه في الربح المادي السريع عبر الإعلانات وسيناريوهات التلفزيون لذلك اختفت قيمته الجوهرية في الأعمال الأدبية. وتابع «في الماضي كان رمضان يحتل مكانة مرموقة في عدد كبير من الروايات، فالتعامل مع شخصيات الرواية في رمضان يلقي الضوء على طبيعة الشخصية، فهو شهر السمو والشفافية، ووصفها في أيام وليالي رمضان يبرز طابع الشخصية الحقيقي، وهنا يتيح رمضان في القصص فرصة للمبدع للكشف عن نيات شخصياته بشفافية». أما من الناحية الفنية، فيرى المشرف على الأنشطة الفنية في المركز الثقافي العربي إبراهيم العوضي أن التشكيليين الجدد نجحوا في تجسيد مظاهر رمضان عبر تقنيات دمجت بين التصوير الفوتوغرافي والرسم ثلاثي الأبعاد وتبدو بصمتهم واضحة وملموسة على الساحة الإبداعية. وأفاد بأن المناسبات الإسلامية شكلت مادة خصبة للمبدعين منذ عصر صدر الإسلام، وتفاعل الكثير منهم مع رمضان تفاعلاً قوياً ظهر في الكثير من الأغراض الشعرية والفنية المنوعة، موضحاً أن المدائح الرمضانية شغلت حيزاً كبيراً من الأعمال التشكيلية خصوصاً فن الخط. وشدد على أهمية أن يكون لرمضان نصيب في أعمال الفنانين لأنه يعد تظاهرة إنسانية مهمة تنبض بالفرح والبهجة والروحانيات، وعليهم ألا يقفوا غير مبالين بأهمية الفن في ترجمة الأحداث من حولهم.