الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

ما مصير اقتصاد السلفادور بعد انهيار البيتكوين؟

تراهن السلفادور في إنعاشها الاقتصادي على عملة البيتكوين وسط انخفاض قيمة عملة بيتكوين بأكثر من 70% عن ذروتها في نوفمبر 2021.

ويؤثر انهيار العملات المشفرة على المستثمرين في جميع أنحاء العالم بما في ذلك حكومة السلفادور التي ضخت ملايين الدولارات في عملة البيتكوين وشرعتها كعملة قانونية في البلاد ما شجع المستهلكين على استخدامها في المعاملات اليومية.

وقلصت الحكومة قيمة استثماراتها في البيتكوين إلى النصف، بينما اعتماد البيتكوين على الصعيد الوطني لم يتحقق بالفعل.

ديون بمليار دولار

وتحتاج السلفادور إلى الكثير من النقد بوقت قياسي لسداد مدفوعات ديونها التي تزيد عن مليار دولار العام المقبل.
وفي غضون ذلك انخفض النمو الاقتصادي في السلفادور، ولا يزال العجز ونسبة الدين إلى الناتج الإجمالي مرتفعين في البلاد، حيث من المقرر أن يصل إلى 87% هذا العام، مما يغذي مخاوف عدم سداد السلفادور لالتزاماتها المالية وقروضها.
وقال بواز سوبرادو محلل البيانات التكنولوجية المالية في لندن لموقع سي إن بي سي إن عملة البيتكوين لم تؤتِ ثمارها بشكل حقيقي في السلفادور وبلغت خسائر الحكومة في البتكوين حوالي 50 مليون دولار

وتوقفت مفاوضات السلفادور مع المقرضين الدوليين جزئياً بسبب عدم الاستعداد لضخ الأموال في بلد ينفق الملايين من الدولارات الضريبية على عملة مشفرة سعرها معرض للتقلب الشديد.

وقامت وكالات التصنيف بما في ذلك وكالة فيتش بتخفيض تصنيف درجة ائتمان السلفادور بسبب عدم اليقين بشأن مستقبل البلاد المالي نظراً لاعتماد عملة البيتكوين كعملة قانونية.



وأشار سوبرادو إلى أن الوضع الاقتصادي في السلفادور بات صعباً للغاية، في حين يمتلكون الكثير من السندات التي يتم تداولها بأسعار منخفضة جداً.

وقال فرانك موسى زميل السياسة في كلية لندن للاقتصاد ويتمتع بخبرة لتقديم المشورات للحكومات في أمريكا اللاتينية، إن السياسة الاقتصادية التي اتبعتها السلفادور كان بعيدة عن الواقع، وأوضح موسى أنه لا أحد من المقرضين يرغب بإقراض الأموال للسلفادور.

مستقبل الاقتصاد السلفادوري

وخفض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السلفادوري إلى 2.9% لهذا العام مقارنة بـ10.7% سابقاً، و بينما توقع البنك الدولي نمو الاقتصاد بنسبة 1.9% العام القادم.

وعلى الرغم من ذلك يعد هذا النمو بمثابة انتعاش من الانكماش الاقتصادي في عام 2020 والذي بلغت نسبته 8.6%.

وتبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي ما يقرب من 90%، وتعاني البلاد من عجز هائل وسط غياب خطط تخفيف هذا العجز سواءً من خلال الزيادات الضريبة أو خفض الإنفاق.



وحذر المحللون في جي بي مورغان في مذكرة بحثية من أن سندات اليوروبوند في السلفادور دخلت المنطقة المنكوبة العام الماضي، وتشير بيانات ستاندرد آند بورز غلوبال أن كلفة التأمين ضد التخلف عن سداد الديون السيادية وصلت إلى أعلى مستوياتها في عدة سنوات.

وحذر الخبراء في جي بي مورغان وصندوق النقد الدولي من أن الاقتصاد السلفادوري يسير على مسار غير مستدام، حيث من المقرر أن تتجاوز احتياجات التمويل الإجمالية حوالي 15% من الناتج المحلي الإجمالي اعتباراً من العام الجاري.

وأشار المحللون في جي بي مورغان إلى أن الدين العام في طريقه للوصول إلى 96% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2026 في ظل السياسات الحالية.

وتواجه السلفادور مواعيد نهائية وشيكة لسداد ديون بمليارات الدولارات بما في ذلك سندات دولية بقيمة 800 مليون دولار مستحقة في يناير القادم.

وتسعى السلفادور منذ بداية 2021 للحصول على قرض بقيمة 1.3 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، إلا أن الجهود للحصول على التمويل لا تزال متوترة بسبب رفض رئيس السلفادور نجيب أبوكيلة التخلي عن عملة البيتكوين كعملة قانونية.



وبالإضافة إلى ذلك لا تستطيع السلفادور طباعة النقود لدعم مواردها المالية، حيث اعتمدت السلفادور عملة الدولار في عام 2001 وتخلت عن عملتها المحلية الكولون، حيث إن الاحتياطي الفيدرالي وحده مَن يمكنه طباعة المزيد من الدولار النقدي.

تجربة البيتكوين

في سبتمبر 2021 أصبحت السلفادور أول دولة تتبنى عملة البيتكوين كعملة قانونية، وتضمنت مبادرة السلفادور شراء البيتكوين بأموال عامة، بالإضافة إلى إطلاق محفظة افتراضية وطنية تحمل اسم تشيفو، والتي تقدم معاملات بدون رسوم وتسمح بالدفع السريع عبر الحدود.



وتعتبر السلفادور دولة ذات اقتصاد نقدي إلى حد كبير، حيث ما يقرب من 70% من سكانها لا يمتلكون حسابات مصرفية أو بطاقات ائتمان أو أي خدمات تقليدية أخرى، حيث كان الهدف من محفظة تشيفو تقديم الخدمات لأولئك الذين لم يكونوا ضمن نظام الخدمات المصرفية.

وتضمنت تجربة البيتكوين أيضاً بناء بنية تحتية وطنية لأجهزة الصراف في جميع أنحاء البلاد، كما أصبحت جميع الشركات تقبل الدفع بالعملات المشفرة.

ورفعت الحكومة في السلفادور من معدلات الرهان في نوفمبر عندما أعلنت عن خطط لبناء مدينة بيتكوين بجوار بركان كونشاغوا جنوب شرق السفادور، حيث كانت المدينة الممولة بالكامل من عملات البيتكوين ستوفر إعفاءات ضريبية كبيرة، وستعمل الطاقة الحرارية الأرضية المتدفقة من البركان المجاور على تشغيل آلات تعدين البيتكوين.



وبشكل عام أنفقت السلفادور حوالي 375 مليون دولار على طرح عملة البيتكوين، بالإضافة إلى صندوق ائتماني بقيمة 150 مليون دولار مصمم لتحويل البيتكوين على الفور إلى دولارات، و120 مليون دولار مقابل مكافأة 30 دولار لكل مواطن قام بتنزيل تطبيق محفظة تشيفو، وحوالي 104 مليون دولار أقرت الحكومة علناً بإنفاقها على البيتكوين.

وأشار موسى إلى أن هذه النفقات بالإضافة إلى 50 مليون دولار من الخسائر غير المحققة في محفظة البيتكوين، تعني أن السلفادور أنفقت حوالي 425 مليون دولار على صنع عملة البيتكوين.

ونشر رئيس السلفادور نجيب أبوكيلة تغريدة على حسابه الرسمي قال فيها إن تطبيق محفظة تشيفو يضم 4 ملايين مستخدم من إجمالي عدد السكان البالغ 6.5 مليون، إلا أن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية أظهر أن 20% فقط ممن قاموا بتنزيل المحفظة استمروا في ذلك.



وكانت الحكومة تأمل في أن تساعد محفظة تشيفو في توفير مئات الملايين من الدولارات في رسوم التحويلات، حيث تمثل التحويلات أو الأموال التي يرسلها المهاجرون إلى أوطانهم أكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي للسلفادور، وتعد التحويلات الخارجية مصدر الدخل الوحيد لحوالي 60% من الأسر.



وأظهرت البيانات الحديثة أن 1.6% فقط من التحويلات في عام 2022 تم إرسالها عبر المحافظ الرقمية.

ووجدت دراسة استقصائية أجرتها غرفة التجارة والصناعة في السلفادور، ونشرت في مارس الماضي، أن 86% فقط من الشركات لم تجرِ أي معاملات بعملة البيتكوين.

إقرأ أيضاً:

لتلبية التكاليف.. شركات التعدين تلجأ لعمليات بيع عملات بيتكوين

العملات الرقمية.. هل لا تزال ملاذاً آمناً؟ وهل ستستمر أم ستختفي؟