السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

سلاسل الإمداد تئن تحت وطأة الحرب الأوكرانية: «ارتفاعات قياسية في الأفق»

سلاسل الإمداد تئن تحت وطأة الحرب الأوكرانية: «ارتفاعات قياسية في الأفق»

الشحن البحري يستحوذ على 80% من حركة التجارة العالمية

لم يكد قطاع النقل العالمي يتعافى من جائحة كورونا حتى جاءت الحرب الروسية الأوكرانية، لتقضي على ما تبقى من آمال لإعادته سيرته الأولى، خاصة مع إعلان كبرى شركات الملاحة العالمية مثل «ميرسك» «وهاباج ليود» وغيرها وقف نقل البضائع من وإلى روسيا وأوكرانيا، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الشحن البحري عالمياً، ودفع الحكومات والشركات لإعادة تقييمها لإدارة سلاسل التوريد.

وبالعودة إلى بداية يونيو الجاري، شهدت أسعار الشحن البحري زيادة في مطلع يونيو الجاري بمقدار 1500 دولار في سعر الحاوية سواء 20 قدماً أو 40 قدماً. وتوقع عدد من العاملين في نشاط الشحن والتفريغ بالسوق الملاحية، أن تشهد أسعار تكاليف نولون الشحن والتفريغ ارتفاعات جديدة بنسبة تصل إلى 30% خلال الفترة المقبلة.وعزا خبراء، الارتفاعات المحتملة إلى زيادة الطلب على النقل، والزيادة الكبيرة فى أسعار الوقود عالمياً، التي قد تؤثر أيضاً على أسعار الشحن والنقل المحلي خلال شهر يوليو المقبل. وأعلنت هيئة قناة السويس تسجيل عائدات قياسية بلغت نحو 11.6 مليار جنيه في شهر أبريل الماضي، بينما كانت 8.7 مليار جنيه في الشهر المناظر له 2021، بزيادة بلغت 2.9 مليار جنيه.

وقف الملاحة في البحر الأسود

وأثرت الحرب الأوكرانية على خطوط شحن رئيسية في العالم، يعد أبرزها وقف الملاحة في منطقة البحر الأسود مع بداية الحرب، الأمر الذي أدى إلى وقف عدد من الخطوط الملاحية من وإلى أوكرانيا. ودعا العديد من الشركات اللوجستية للبحث عن أسواق بديلة لتعويض وقف الخطوط الملاحية مع الدولتين، وتتمثل تلك البدائل في عدة دول منها: «رومانيا، وفرنسا، والبرازيل، والأرجنتين». وتصدرت المسارات المتأثرة بالأزمة عدد من الخطوط منها: خط «آيه إي – 19» الذي أطلقته شركة «ميرسك» في عام 2019، ويربط أقصى شرق آسيا بميناء فوستوشني الروسي، ثم نقل البضائع بالسكك الحديدية من فوستوشني إلى ميناء سانت بطرسبرغ، ومن هناك إلى الدول الإسكندنافية وأوروبا الشرقية.كما تأثر خط «آيه إي – 77» الذي يربط بين الشرق الأقصى، ومنطقة البحر الأسود، وشرق البحر المتوسط عبر السكك الحديد العابرة لسيبيريا، حيث يتم نقل الحاويات من ميناء «فستوتشني» في الشرق الأقصى إلى ميناء «نوفوروسيسك» المطل على البحر الأسود عبر السكك الحديد العابرة لسيبيريا، ثم يتم نقل الحاويات بحراً إلى موانئ أوكرانيا وتركيا.

وأثرت تلك التطورات على نقل أكثر من 4000 حاوية بين روسيا وأوروبا عبر هذين الخطين. وبلغت أعداد الحاويات المنقولة عبر هذه الخدمات التي تجمع بين النقل البحري والبري عبر السكك الحديدية نحو 4500 حاوية مكافئة في عام 2020 كاملاً، وأغلب هذه البضائع المنقولة قطع غيار سيارات وأجهزة إلكترونية وبطاريات السيارات الكهربائية.

حصة الشحن البحري

ويستحوذ الشحن البحري وحده على 80% من حركة التجارة العالمية. وتقول غرفة التجارة البحرية الدولية إن البحارة الروس والأوكرانيين شكلوا 14.5% من اليد العاملة في مجال الشحن البحري العالمي في عام 2021، مع وجود نحو 20 ألف بحار روسي وأكثر من 76 ألف بحار أوكراني. واحتلت الموانئ في الشرق الأوسط أربعة من المراكز الخمسة الأولى في الإصدار الثاني من مؤشر أداء موانئ الحاويات على مستوى العالم الذي وضعه البنك الدولي ومعلومات الأسواق الصادرة عن وكالة ستاندرد آند بورز العالمية.وتصدّر ميناء الملك عبدالله في السعودية الترتيب في عام 2021، في حين جاء ميناء خليفة في أبوظبي، وميناء صلالة في عمان، وميناء حمد في قطر، ضمن المراكز الخمسة الأولى.

أشباه الموصلات المتضرر الأكبر

لعل أبرز المتضررين من تأثر خطوط الشحن العالمية بالحرب الروسية الأوكرانية كان قطاع التعدين، خاصةً أن أوكرانيا خامس أكبر مصدر لخام الحديد عالمياً، ما قد يؤثر سلباً على قطاع البناء والتشييد في أوروبا. كما أضافت الحرب الأوكرانية المزيد من الضغوطات على إمكانية توفير القمح والذرة وزيت دوار الشمس، ما رفع أسعار الأغذية العالمية إلى أعلى مستوياتها منذ سنوات طويلة، لا سيما أن روسيا وأوكرانيا تسهمان بنحو 29% من صادرات القمح العالمية، و19% من إمدادات الذرة في العالم، و80% من صادرات زيت دوار الشمس.وبلغت حصة أوكرانيا وروسيا 23% من تجارة القمح العالمية في 2021-2022، وتعد الدولتان أكبر منتجتين لزيت دوار الشمس، مع حصة تبلغ 60% من المخزون العالمي. وتعد أشباه الموصلات إحدى أبرز القطاعات المتأثرة بالحرب الروسية الأوكرانية، إذ تنتج روسيا وأوكرانيا 40% إلى 50% من غاز النيون المستخدم في أجهزة الليزر التي تساعد في تصميم أشباه الموصلات، كما تنتج روسيا 37% من إنتاج العالم من معدن البلاديوم المستخدم في الرقاقات الإلكترونية.ويتوقع الخبراء أن تشهد أسعار بعض السلع ارتفاعات قياسية مثل الإلكترونيات وكلفة التدفئة من 30% إلى 54%، فضلاً عن زيادة في أسعار الملابس 10%، والأثاث 10%، وتكاليف الرعاية الصحية 8.4%.