الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

هل ينجح العالم بتخطي «صدمة التضخم».. وبأي ثمن؟

هل ينجح العالم بتخطي «صدمة التضخم».. وبأي ثمن؟

دخل العالم مرحلة تضخم لم يشهد مثلها منذ السبعينيات والثمانينيات، وحذر حكام المصارف المركزية وخبراء الاقتصاد خلال ندوة عقدها البنك المركزي الأوروبي هذا الأسبوع في البرتغال من أن تخطيها سيتطلب وقتاً.

فما أسباب التضخم، وهل الطاقة هي السبب الوحيد، وإلى متى سيستمر ارتفاع الاسعار؟

هل دخلنا عالماً من التضخم؟

يرى البنك المركزي الأوروبي المكلف بالتعامل مع تطور الأسعار في منطقة اليورو، أن المرحلة الحالية غير مسبوقة.

واعتبرت رئيسته كريستين لاغارد خلال ندوة «سينترا» في البرتغال أن «مستويات التضخم الحالية في أسعار المواد الغذائية والمنتجات الصناعية» بلغت حداً «لم نلحظه منذ منتصف الثمانينيات».

ولفتت إلى أن «زيادة الأسعار بالنسبة للطاقة خلال الأشهر الأخيرة أعلى بكثير من الحدود القصوى التي سجلت بصورة موضعية في السبعينيات» خلال الصدمة النفطية الأولى.

وأوضح ريتشارد بالدوين الأستاذ في معهد غرادويت في جنيف في لقاء أجرته معه وكالة فرانس برس في البرتغال أن ارتفاع الأسعار الحالي الذي تخطى 8% في مايو في منطقة اليورو، يعقب «سلسلة أحداث في عالم تسوده الفوضى».

وقال ملخصاً الوضع: «بعد صدمة العرض الآسيوي عام 2020 (نتيجة تفشي وباء كوفيد-19)، تسبب الانتقال عام 2021 من الطلب على الخدمات إلى الطلب على المنتجات بصدمة ثانية، وبدل أن يتبدّد كل ذلك، بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا، مثيراً ارتفاعاً هائلاً في أسعار الوقود والمواد الغذائية».

هل الطاقة السبب الوحيد؟

لا تقتصر العوامل على أسعار الطاقة، فمع رفع القيود الصحية لمكافحة الوباء تدريجياً، سُجل ارتفاع حاد في إنفاق الأسر على الخدمات، وهذا ما يظهر بوضوح مع ازدهار النشاطات السياحية والترفيهية، الأمر الذي يحرك بدوره التضخم.

وبلغ ارتفاع أسعار الخدمات 3.5% في مايو، وهو أعلى مستوى منذ منتصف التسعينيات.

والواقع أن تلاقي العوامل المختلفة هذا غير مسبوق، ورأى ريتشارد بالدوين أنه «ليس هناك دليل مرجعي لهذا التضخم».

هل تبقى الأسعار مرتفعة لفترة طويلة؟

مع تحذير الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ من أن الحرب في أوكرانيا قد تستمر «سنوات»، فإن تراجع الإمدادات قد يبقي أسعار الطاقة بمستوى مرتفع.

وقد يقترن التضخم المستورد بعوامل محلية خاصة بكل بلد يكون لها تأثير دائم على التضخم، وفي هذا السياق، يطالب الموظفون بإلحاح متزايد شركاتهم بتعويضات عن تراجع قدرتهم الشرائية، ما قد يساهم في التضخم.

كما أن متوسط معدلات البطالة في سوق العمل ضعيف مقابل نوايا توظيف مرتفعة، ما يصب لصالح زيادة في الأجور وبالتالي زيادة التضخم.

ماذا بإمكان المصارف المركزية القيام به؟

يبقى التواصل مبدئياً في صلب تحرك المصارف المركزية لضبط الأسعار.

إلا أن العضو في مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي إيزابيل شنابيل أوضحت لفرانس برس أن هذا التواصل «صعب حالياً بمواجهة أرقام تضخم مرتفعة»، حين «يشعر الناس كل يوم بوطأة تضخم شديد عندما يشترون الطعام أو يذهبون إلى محطات الوقود، وفي وقت يعاني الكثيرون من تراجع كبير في مداخيلهم الفعلية».

وأكدت: «لا يسعنا سوى القليل حيال التضخم الحالي، لكننا سنتخذ تدابير حاسمة حتى يعود التضخم إلى مستوى الهدف الذي حددناه على المدى المتوسط».

وحذرت سبنيم كالملي أوزكان، الأستاذة في جامعة ماريلاند، من أنه «حين يحل التضخم ويبدأ بتأجيج التكهنات وبزيادة الأجور، على السياسة النقدية أن تتحرك».

وهذا ما يعتزم البنك المركزي الأوروبي القيام به من خلال رفع معدلات فائدته اعتباراً من يوليو، مع الحرص في الوقت نفسه على عدم القضاء على نمو اقتصادي يتباطأ باستمرار.

وحذرت كالملي أوزكان من أن «المسألة لا تكمن في معرفة ما إذا كانت الأسعار ستنخفض بعد فترة من الوقت، لأنها ستتراجع في نهاية المطاف، بل في معرفة ما سيحل بالنمو».

وتابعت: «لذلك قام البعض بمقارنة الوضع مع السبعينيات التي اتسمت بركود تضخمي»، إذ اقترن التضخم المرتفع بنمو ضعيف، مؤكدة «في أوروبا هناك خطر ركود تضخمي».