الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

أوروبا.. نمو اقتصادي في الربيع وانكماش في الشتاء

أوروبا.. نمو اقتصادي في الربيع وانكماش في الشتاء

سجّل الاقتصاد الأوروبي نمواً حذراً في الربيع بفضل انتعاش السياحة، مُبدياً صموداً فاق ما كان متوقعاً مع تسارع التضخّم في ظل الحرب في أوكرانيا، غير أن ألمانيا تواجه صعوبات قد تنعكس انكماشاً على القارة جميعها.

وخالف النمو الاقتصادي التوقعات التي تحدثت عن تباطؤ كبير خلال الفصل الثاني في الدول الـ19 التي تتقاسم العملة المشتركة، فحقّق نمواً بلغ 0,7% مسجلاً تسارعاً بالمقارنة مع الأشهر الثلاثة الأُولى من العام.

أمّا في مجمل بلدان الاتحاد الأوروبي الـ27، فبلغ النمو نسبة 0,6% مع تباطؤ طفيف للغاية، بحسب بيانات مكتب الإحصاءات الأوروبي «يوروستات» الصادرة الجمعة.

سياحة مزدهرة

واستند النشاط إلى أداء الخدمات السياحية التي ازدهرت بفضل رفع القيود المرتبطة بوباء كوفيد-19، غير أن خبراء الاقتصاد يحذّرون من أن القطاع الصناعي بدأ يتراجع؛ ما ينذر بانكماش قريب.

وأوضح رئيس قسم الاقتصاد للقارة الأوروبية لدى «كابيتال إيكونوميكس» أندرو كينينغهام أن «بيانات إجمالي الناتج المحلي التي جاءت أعلى من التوقعات لا تنفي إطلاقاً أن تزايد التضخم ورفع معدلات الفائدة قد يتسببان بانكماش في منطقة اليورو لاحقاً هذه السنة».

وكان النمو أعلى من التوقعات في إسبانيا (1,1%) وإيطاليا (1%) وفرنسا (0,5%)، غير أن ألمانيا، القوة الاقتصادية الأُولى في أوروبا، سجّلت انكماشاً مع نمو بمستوى 0%.

وقال بيتر فاندن هاون رئيس قسم الاقتصاد لدى «آي إن جي» لوكالة فرانس برس إن «أزمة الطاقة تشكّل ضغطاً كبيراً على ألمانيا التي تملك قطاعاً صناعياً أكبر، وتعوّل بشكل أكبر على إمدادات الغاز الروسي».

في المقابل، أضاف أن «إعادة فتح الاقتصاد في مرحلة ما بعد كوفيد تنعكس إيجاباً بصورة خاصة على الدول التي تملك قطاع خدمات قوياً مثل فرنسا أو البلدان التي تعتمد على السياحة مثل إسبانيا وإيطاليا».

«عدم يقين كبير»

ويشدد المفوض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني منذ الربيع على أن انقطاعاً كاملاً في إمدادات الغاز الروسي لأوروبا قد يغرق القارة في انكماش في نهاية السنة.

وكتب جنتيلوني، الجمعة، في تغريدة مُبدياً ارتياحه «خبر سارّ! اقتصاد منطقة اليورو يتخطّى التوقعات في الفصل الثاني» مشيراً في المقابل إلى أن «عدم اليقين يبقى مرتفعاً للفصول المقبلة».

تراجع الاستهلاك

من جانبه، أشار بيتر فاندن هاوت إلى أن بعض المؤشرات باتت سلبية منذ الآن، لافتاً إلى أن «الاستهلاك تراجع في فرنسا للفصل الثاني على التوالي، ومؤشر ثقة المستهلكين الأوروبيين في أدنى مستوياته منذ 1985، والصناعة في انكماش في عدد من البلدان».

وفي الضفة الأُخرى من المحيط الأطلسي، دخلت الولايات المتحدة مرحلة انكماش فنّيّ مع تسجيل إجمالي الناتج المحلي تراجعاً خلال فصلين متتاليين محققاً -1,6% بين يناير ومارس، ثم -0,9% بين أبريل ويونيو بوتيرة سنوية.

كذلك شهدت الصين تباطؤاً حادّاً مع تراجع نموها إلى 1,4% في الفصل الثاني، وهو أسوأ أداء يسجله ثاني اقتصاد في العالم منذ مطلع 2020 في ذروة أزمة كوفيد.

كما تهدد السياسة النقدية الأكثر تشدداً التي يتبعها البنك المركزي الأوروبي لمكافحة التضخم، بكبح الاقتصاد الأوروبي.

وقرر البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي زيادة معدلات فائدته للمرة الأُولى منذ أكثر من عشر سنوات، في أعقاب قرار مماثل اتخذه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.

لاغارد: أفق قاتم

ورأت رئيسة المؤسسة المالية الأوروبية كريستين لاغارد أن «الأفق الاقتصادي يصبح قاتماً؛ بالنسبة للنصف الثاني من العام 2022 وما بعد».

ويسجل هذا التراجع في وقت تراجعت العملة الأوروبية إلى أدنى مستوياتها منذ عشرين عاماً بالنسبة إلى الدولار الأمريكي.

وعلى وقع الحرب في أوكرانيا وتبعاتها المتزايدة على أسعار الطاقة والمواد الغذائية، خفضت بروكسل مرة جديدة مؤخراً توقعاتها للنمو في منطقة اليورو.

وباتت المفوضية الأوروبية تتوقع نمواً يقتصر على 2,6% عام 2022 و1,4% في 2023، بالمقارنة مع 2,7% و2,3% في توقعاتها الأخيرة. في المقابل، رفعت توقعاتها للتضخم إلى 7,6% في 2022 و4% في 2023، بالمقارنة مع 6,1% و2,7% سابقاً.

وكما في كل شهر منذ نوفمبر، بلغ التضخم في منطقة اليورو مستوى قياسياً جديداً في يوليو قدره 8,9% بوتيرة سنوية، بعد 8,6% في يونيو. وإلى الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة من وقود وغاز وكهرباء، تعاني الأسر الأوروبية من ارتفاع متزايد في أسعار المواد الغذائية.