الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

عبء مالي هائل.. أزمة السكن في نيويورك تطحن المستأجرين

عبء مالي هائل.. أزمة السكن في نيويورك تطحن المستأجرين

يكثر في نيويورك منذ سنوات عدد السكان الذين يعانون من أزمة سكن طاحنة ازدادت سوءاً مع ارتفاع الإيجارات منذ بداية تفشي كوفيد-19، ولطالما شكّل استئجار مسكن في نيويورك مهمّة صعبة، لكن الأسعار قفزت بمعدّل 20.4% في الربع الثاني من عام 2022، حسب موقع البحث عن مساكن StreetEasy.

تقول بولا سيفيلا وشركاؤها بالسكن إن مالك شقتهم في بروكلين فرض في منتصف مايو، دفع مبلغ 800 دولار إضافية شهرياً.

وقال المستأجرون إن مالك الشقة انتهك قواعد تفرض على المالك تقديم إشعار لهم قبل وقت محدّد، لكن قيل لهم في النهاية «إن عليهم دفع مبلغ 800 دولار إضافية شهرياً إذا أرادوا البقاء في شقتهم في بروكلين».

بدأت حينها سيفيلا، مع أحد شركائها بالسكن، بحثاً شاقاً عن مسكن جديد في سوق شهد، على مدار العام الماضي، قصصاً لا تحصى تشبه الكوابيس خلال البحث عن شقق.

وبعد شهرَين من البحث وزيارة 30 شقة تقريباً وسط توتر مستمرّ، تمكنا من العثور على شقة من غرفتَي نوم بإيجار قدره ثلاثة آلاف دولار بالشهر.

وبات يستغرق العثور على منزل وقتاً أطول، مع ارتفاع الطلب.

تتذكر سيفيلا المتحدرة من إسبانيا أن «ذات مرّة، خسرنا شقّة لأننا قدّمنا طلباً للحصول عليها مع 4 دقائق تأخير».

من يستطيع استئجار بيت في لندن

المتطلبات الأساسية الصارمة للتأجير في نيويورك ليست جديدة: راتب سنوي يساوي 40 ضعف الإيجار الشهري وتاريخ ائتماني مثالي وتقديم كشف عن آخر عامَين من الإقرارات الضريبية والأرصدة المصرفية الحالية.

تتفاقم أزمة السكن في المدينة الأمريكية منذ سنوات مع تأخر بناء الوحدات السكنية مقارنة بوتيرة النمو السكاني.

غير أن الوضع أصبح لا يُطاق مع عودة مئات الآلاف ممن تركوا المدينة في الفترة الأولى من وباء كوفيد-19 ووفود جُدد إلى المدينة التي تعد مركزاً ثقافياً واقتصادياً.

وقال وكيل العقارات ميغيل أوربينا: «هناك فائض من الزبائن وعدد غير كافٍ من الشقق».

في بعض الحالات، لا يكون تقديم الطلب بسرعة أو عرض أكثر من المبلغ المطلوب من المالكين كافياً، وهم عادة شركات كبيرة أو صناديق استثمار، خصوصاً في مانهاتن.

تجني سيفيلا 75 ألف دولار سنوياً، أي أكثر بقليل من متوسط الأجور في نيويورك، لكن لا يكفيها هذا الأجر لتستأجر شقة بنفسها.

وقّع العديد من الأشخاص الذين ظلّوا في نيويورك عامَيْ 2020 و2021 عقود إيجار بأسعار مخفّضة، غير أن عدداً من المالكين قرر حالياً رفع الأسعار من جديد، ما دفع بأكثر من ثلث المستأجرين إلى ترك منازلهم، حسب StreetEasy.

طيلة ثماني سنوات في عهد رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو (2014-2021)، بلغت أعلى زيادة سُجّلت في أسعار الإيجار نسبة 1.5% على عقود الإيجار لمدة سنة، لكن من المتوقع أن تشهد الأسعار حالياً أعلى زيادة لها في غضون عشر سنوات في عهد رئيس البلدية الجديد إريك آدمز.

في يونيو، وافق مجلس بلدية نيويورك على زيادة بنسبة 3.25% على عقود الإيجار لمدة سنة و5% على عقود الإيجار لمدة سنتَين، ما سيؤثر على العديد من محدودي الدخل من سكان المدينة، وأثار ذلك غضب ناشطين في مجال الدفاع عن حقوق السكن.

عبء مالي هائل

تنفق عائلات مانهاتن نحو 55% من دخلها على الإيجار، فيما تنفق عائلات كوينز 43% من دخلها للهدف نفسه، وعائلات بروكلين تنفق 60%، حسب بيانات StreetEasy.

وجاء في تقرير نشره مؤخراً موقع StreetEasy أن «الإيجارات أصبحت عبئاً مالياً هائلاً».

ويقول جيا إليكا، وهو مالك شركة عقارات، «إن متوسط الإيجارات في مانهاتن يبلغ 5000 دولار شهرياً، لكن مع التفاوت الطبقي في نيويورك، تعرض بعض الوكالات شققاً للإيجار مقابل 140 ألف دولار شهرياً في الجادة الخامسة».

ويدفع الغلاء الفاحش عائلات الطبقة المتوسطة والشباب مثل سيفيلا إلى البحث عن سكن في أحياء يقطن فيها، تاريخياً، مهاجرون، ما يتسبب بحركة تحسين مستمرة في هذه الأحياء.

ويشير إليكا، في حديث مع وكالة فرانس برس، إلى أن «النقص الدائم في المساكن» في نيويورك «بدأ يتضخّم حالياً» مع أسعار غير مسبوقة.

وحسب مجموعة الأبحاث السياسية «آب فور غروث» في واشنطن، كانت مدينة نيويورك تحتاج في عام 2019 إلى 340 ألف وحدة سكنية إضافية لتستوعب سكّان المدينة.

فاقم الأزمة ارتفاع أسعار الفائدة، في مواجهة التضخم المتزايد، من خلال تحويل المشترين المحتملين إلى مستأجرين في سوق «يعوّقه مخزون قليل» من الوحدات السكنية.

وتعدّ قيود تقسيم المناطق التي تحد من حجم البناء في بعض المناطق أحد العوائق، إلى جانب تكاليف البناء، ومحدودية المساكن العامة، والتباطؤ التشريعي الذي أدى إلى إرجاء المسؤولين الحكوميين والمحليين حلّ مشكلة ملحة بشكل متزايد.

والمشهد العام قاتم، إذ إن معظم ناطحات السحاب في مانهاتن وُجدت لأغراض الرفاه أو كمكاتب ومتاجر، ورغم زيادة المباني الشاهقة في بروكلين وكوينز ونيو جيرزي، لا يتوقع الوكلاء العقاريون انخفاضاً في أسعار المساكن الأخرى في المستقبل القريب.