الثلاثاء - 08 أكتوبر 2024
الثلاثاء - 08 أكتوبر 2024

«ديون منطقة اليورو».. كيف عمَّق البنك المركزي الأوروبي أزمات المستثمرين؟

«ديون منطقة اليورو».. كيف عمَّق البنك المركزي الأوروبي أزمات المستثمرين؟

مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت. (رويترز)

تسجل سندات الحكومة الألمانية أكبر تقلبات لها منذ أزمة ديون منطقة اليورو قبل عقد من الزمان، حيث أدى انسحاب البنك المركزي الأوروبي إلى تجريد السوق من أحد أهم مشتريها.

وأدت ظروف التداول المتدهورة إلى ارتفاع قوي في تقلبات السوق التي تعمل كمعيار لكلف الاقتراض في جميع أنحاء المنطقة.

وانتقل العائد على السندات الألمانية ذات العشر سنوات في نطاق 0.1 نقطة مئوية على الأقل خلال 79 يوماً في عام 2022، وفقًا لحسابات فاينانشيال تايمز، ولم تتأرجح عائدات السندات في مثل هذا النطاق الواسع بانتظام منذ عام 2011.

وأعاقت المخاوف من الركود الذي يلوح في الأفق، السيولة في أسواق السندات في المنطقة، خاصة مع تزايد الاتجاه الهبوطي بشأن التوقعات مع قيام البنك المركزي الأوروبي برفع أسعار الفائدة للحد من التضخم.

وقال كبير محللي أسعار الفائدة في بنك آي إن جي الهولندي، أنطوان بوفيت، إن الأوضاع متدهورة في أسواق السندات «كل شخص لديه نفس الرأي، لذا لا أحد مستعد لاتخاذ الجانب الآخر»، وأشار البنك المركزي الأوروبي إلى أنه من المرجح أن يرتفع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية أخرى في اجتماعه في 8 سبتمبر، بعد تحرك مماثل في الحجم الشهر الماضي، وقالت إيزابيل شنابل، عضو مجلس الإدارة التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، الأسبوع الماضي: «حتى لو تم الدخول في حالة الركود، فمن غير المرجح أن تنحسر الضغوط التضخمية من تلقاء نفسها».

وحذر رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناجيل، في عطلة نهاية الأسبوع من أن التضخم في أكبر اقتصاد في أوروبا من المرجح أن يتجاوز 10% لأول مرة منذ 70 عاماً، مضيفاً: «مع معدلات التضخم المرتفعة، يجب أن يتبع ذلك المزيد من الزيادات في أسعار الفائدة».

وفي الوقت نفسه، لم يعد بإمكان المتداولين الاعتماد على البنك المركزي الأوروبي كمشتري سندات مضمون أو الملاذ الأخير، بعد أن أزال البنك شبكة أمان حرجة هذا العام مع وقف برنامج شراء الأصول الذي يعود إلى حقبة الوباء والبالغة 1.7 تريليون يورو وبرنامجها الرئيسي.

معاناة السندات الإيطالية على الجانب الآخر عانت السندات الإيطالية من تقلبات كبيرة في الأشهر الأخيرة، وكان الفارق بين عوائد السندات الألمانية والإيطالية لأجل 10 سنوات -الذي يُنظر إليه على أنه مقياس رئيسي للمخاطرة- قريباً من 2.3 نقطة مئوية الاثنين، وهو أعلى مستوى له منذ شهر تقريباً، ما يسلط الضوء على القلق بشأن نتائج الانتخابات الإيطالية الشهر المقبل وتوقعات المزيد.

ودفع ارتفاع أسعار الفائدة واحتمال حدوث تباطؤ عالمي طويل الأمد مديري الصناديق إلى إعادة تقييم محافظهم الاستثمارية، مع سحب العديد من الأموال من أسواق السندات، حيث تتآكل القيمة بسبب الضغوط التضخمية.

وعادة ما يهدأ نشاط السوق خلال أشهر الصيف، لكن بوفيت قال إنه حتى قبل دخول هدوء أغسطس الموسمي، «كانت السيولة في سوق السندات تزداد سوءاً بسبب عدم اليقين الكلي وتقلص الرغبة في المخاطرة بدرجة أكبر».

وأدى ضعف السيولة إلى زيادة التقلبات، حيث تتأرجح أسعار السندات على التطورات والأخبار الصغيرة ظاهرياً، وقالت لين جراهام تيلور، كبيرة المحللين الاستراتيجيين لأسعار الفائدة في رابوبانك: «هناك تحركات كبيرة في الأسعار يواجهها القليل من الاضطراب».

وأشارت سنيغا سينغ، الرئيس المشارك للدخل الثابت الأوروبي وتداول العملات والسلع في بنك أمريكا، إلى وجود عدد أقل الآن من صفقات السندات السيادية والشركات الجديدة في جميع أنحاء القارة، مضيفة أن المصدرين سيحتاجون إلى التعامل مع النوافذ المتقلبة إذا كانوا يريدون القدوم إلى السوق.

تحديات السوق الأمريكي لم تقتصر على مشاكل السيولة في أسواق الديون على منطقة اليورو هذا العام، حيث واجه المشاركون في سوق الخزانة الأمريكية، البالغة قيمته 23 تريليون دولار، تحديات كبيرة، بحسب ويليام مارشال من بنك وول ستريت الاستثماري جولدمان ساكس، الذي أشار إلى أن «سيولة السوق الأمريكية كانت موضوعاً بارزاً في أسعار السندات الحكومية هذا العام».

وقال كريج إنشز، رئيس الأسعار والنقد في «رويال لندن أسيست مانجمينت»، إن ظروف سوق السندات العالمية أدت إلى ارتفاع هوامش العرض، ما يدل على الفرق بين سعر البيع الفوري للأصل وسعر الشراء.

وأضاف إنشز: «لقد أصبحت فروق عرض الأسعار كبيرة جداً بالفعل، لا سيما عندما تتحرك الأسواق بسرعة كبيرة».

وأنهت البنوك المركزية في الوقت الحالي شراء السندات، أو التيسير الكمي، لكنها لم تبدأ بعد في بيع دفاترها، وينقسم المستثمرون حول التأثير المحتمل لـ«التشديد الكمي» عند حدوثه، وينتظرون قيام بنك إنجلترا ببيع السندات الذهبية في السوق الشهر المقبل بهدف تقليص ميزانيته العمومية.

وقال بوفيت: «عندما يكون لديك لاعب رئيسي يدفع السوق في اتجاه معين، فهذه مشكلة»، «هذا أمر مخيف لأي مستثمر، من الذي سيأخذ الجانب الآخر؟ من هذا؟ وبأي ثمن؟».