حذر مسؤول تنفيذي كبير في أكبر مشغل لشبكات الكهرباء في ألمانيا، من أن بلاده قد تضطر إلى خفض صادرات الكهرباء إلى فرنسا ودول أخرى هذا الشتاء لمنع انهيار شبكة الكهرباء.
وقال هندريك نيومان، كبير المسؤولين التقنيين في «أمبريون»، أكبر مشغلي شبكات الطاقة الأربعة في ألمانيا، لفاينانشيال تايمز، إن الوقف المؤقت قد يصبح ضرورياً لتجنب نقص الكهرباء والاختناقات في «الملاذ الأخير». ومع ذلك، قال إن مثل هذا السيناريو من المرجح أن يستمر لساعات وليس لأيام.
يأتي التحذير في وقت تصاعدت فيه التوترات بشأن استجابة برلين لأزمة الطاقة، حيث قالت بعض دول الاتحاد الأوروبي إن «الدرع الوقائي» البالغ 200 مليار يورو للشركات والمستهلكين الألمان الذي تم الإعلان عنه الأسبوع الماضي يهدد بتقويض الوحدة الأوروبية.
وقد يؤدي أي انقطاع أو انخفاض في صادرات الكهرباء الألمانية إلى تفاقم نقص الإمدادات في فرنسا، التي تعاني من خروج ما يقرب من نصف محطاتها للطاقة النووية البالغ عددها 56 عن الخدمة حالياً.
وتضغط الحكومة الفرنسية على مجموعة المرافق الحكومية EDF لاحترام إعادة التشغيل المقررة هذا الشتاء لجميع المفاعلات النووية الـ32 التي توقفت عن العمل في وقت ما هذا الصيف للصيانة وبسبب مشاكل التآكل.
واستوردت فرنسا 6000 غيغاواط ساعة من الكهرباء من ألمانيا في الفترة من يناير إلى مارس - أي ما يعادل 5% من إجمالي إنتاج البلاد من الطاقة في الربع الأول من العام، وفقاً لمركز أبحاث فراونهوفر ISE، بزيادة خمسة أضعاف مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وكانت ألمانيا مُصدِّراً للكهرباء لسنوات، حيث باعت في العام الماضي 17400 غيغاواط من الطاقة إلى دول أخرى، مقارنة مع 18500 غيغاواط في العام السابق، وفقاً لبيانات من منظم الشبكة، التي أشارت إلى أن أكبر مشتريي القوة الألمانية كانت فرنسا والنمسا.
وقال نيومان لصحيفة «فاينانشيال تايمز»: «نفترض وضعاً شديد التوتر خلال الشتاء القادم»، مضيفاً أن أزمة الطاقة التي سببتها الحرب في أوكرانيا كانت واحدة فقط من عدة «قضايا متداخلة». وتشمل المشاكل الأخرى إغلاق محطات الطاقة النووية الفرنسية وتعطل شحنات الفحم بسبب انخفاض المياه في الأنهار الرئيسية.
وحققت «أمبريون» ومقرها دورتموند عائدات بقيمة 2.6 مليار يورو العام الماضي و 216 مليون يورو من الأرباح التشغيلية، وهي تدير شبكة الكهرباء والمحطات الفرعية في غرب ألمانيا، المركز الصناعي لأكبر اقتصاد في أوروبا.
وقال نيومان إنه لا يشارك وجهة نظر وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، الذي جادل في يوليو بأن البلاد لا تواجه مشكلة كهرباء.
قال: «إذا كان الأمر كذلك، لمَ طلب منا من قبل الحكومة إجراء تحليل خاص في سوق الكهرباء في الشتاء».
ونتيجة لتلك المراجعة، قررت الحكومة الألمانية هذا الشهر تأجيل إيقاف التشغيل المقرر هذا العام لمحطتين من ثلاث محطات طاقة نووية متبقية في البلاد.
ودعا نيومان إلى بقاء جميع المحطات الثلاثة في الخدمة، بحجة أنه لا يزال من غير المؤكد مدى ضيق السوق.
وقال: «كل ما يمكنني قوله هو أن ثلاث محطات للطاقة النووية ستكون أفضل من اثنتين». ومع ذلك، أشار إلى أن وجهة نظر «أمبريون» هي وجهة نظر تقنية تتجاهل «الجوانب السياسية والأيديولوجية».
وتعاني ألمانيا أيضاً من عدم توافق إقليمي بين توليد الطاقة واستهلاكها، حيث تقع العديد من مزارع الرياح في الجزء الشمالي الشرقي الغني بالرياح من البلاد، بينما توجد أجزاء كبيرة من الصناعة المتعطشة للطاقة في الجنوب الغربي، حيث يوجد نقص متزايد في قدرة التوليد، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تفاوتات جغرافية بين العرض والطلب، حيث قد يواجه مشغل الشبكة صعوبة في الحصول على الطاقة من منطقة إلى أخرى.
وعادة ما يتم معالجة هذا الخلل من خلال إطلاق المزيد من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم والغاز في جنوب ألمانيا، لكن قد لا تكون هناك قدرة كافية متاحة هذا الشتاء. وقال نيومان إنه في مثل هذه الحالة، قد تضطر ألمانيا إلى تقليص صادراتها.