دافعت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس عن خطتها المثيرة للجدل لإعادة إطلاق النمو الاقتصادي عبر خفض الضرائب، رغم التوقعات، الثلاثاء، بتراجع آخر يسدد ثاني ضربة لحكومتها.
وبعد تراجع عن خفض الضرائب المفروضة على مداخيل الأثرياء، يتوقع بأن تستعرض تراس ووزير المال كواسي كوارتينغ خطة لخفض الديون بشكل كبير، وفق ما ذكرت صحيفة «فايننشال تايمز» وغيرها.
وسيُكشف عن الخطة في وقت لاحق هذا الشهر بدلاً من 23 نوفمبر وسترفق بتوقعات مستقلة من «مكتب المسؤولية عن الميزانية» في محاولة لتهدئة أسواق المال، بحسب التقارير.
ورفضت الحكومة تأكيد صحة التقارير بينما تواجه تراس ووزير المال يوماً جديداً صعباً خلال المؤتمر السنوي للحزب المحافظ الحاكم في برمنغهام في وسط إنجلترا.
لكن الرئيس المحافظ للجنة الخزانة النافذة في مجلس العموم ميل سترايد قال: «ضغطت على وزير المال بشدة في هذه المسألة ويجب الاعتراف بأنه أنصت».
ومن شأن التحرّك قبيل اجتماع بنك إنجلترا المقبل لتحديد معدل الفائدة والمرتقب في 3 نوفمبر أن «يخفض الضغط من أجل رفع معدلات الفائدة لصالح ملايين الناس».
ولدى سؤالها بشأن إن كانت تستعد للتراجع عن أمور أخرى، تهرّبت تراس من الإجابة في مقابلة أجرتها معها إذاعة «إل بي سي» بُثّت الثلاثاء رغم أنه تم تسجيلها الاثنين.
وقالت: «أنا عازمة على المضي قدماً بحزمة النمو هذه»، مشدداً على بند آخر ضمن الخطة ينص على وضع حد لفواتير الطاقة المرتفعة.
وأضافت: «هذا هو المهم، لكن من المهم أيضاً بأن ننصت إلى الناس وأن ندفع البلد (كاملاً) للوقوف إلى جانبنا».
ورفضت تراس استبعاد خفض الميّزات في وقت يعاني البريطانيون الأفقر من أسوأ أزمة تكاليف معيشة تعصف بالمملكة منذ أجيال.
وقالت لإذاعة «بي بي سي» في مقابلة أخرى كانت مسجّلة مسبقاً وبُثّت الثلاثاء: «أنا ملتزمة للغاية بدعم الأكثر ضعفاً».
لكنها أضافت: «علينا النظر إلى هذه القضايا من كل جوانبها، علينا أن نتحلى بالمسؤولية المالية».
يشكّل الخفض المحتمل في ميزانية الرعاية الاجتماعية ملامح المعركة المقبلة مع نواب الحزب المحافظ المنشقين بعد إلغاء خفض الضرائب، في إطار حزمة تعتمد على ديون جديدة بالمليارات.
ظهرت انقسامات أيضاً ضمن الحكومة
وقالت الوزيرة الرفيعة بيني موردونت، وهي إحدى المرشحين الذين هزمتهم تراس في سباق زعامة الحزب المحافظ، إنه أمر «منطقي» بأن تواصل الرعاية الاجتماعية بالتطور بشكل متناسب مع الارتفاع الكبير في معدلات التضخم.
وأفادت «تايمز راديو»: «لطالما أيدت مواكبة التضخم، سواء كان عن طريق المعاشات التقاعدية أو نظامنا للرعاية الاجتماعية».
وتابعت: «هذا ما صوّت من أجله في السابق كما فعل العديد من زملائي».
وكانت التغطية الإعلامية لقرار التراجع منددة، إذ أشار العديد من المعلّقين إلى أن مصداقية تراس انهارت بعد أقل من شهر على خلافتها بوريس جونسون.
وعنونت صحيفة «دايلي ميل» التي تعد عادة صوتاً مؤيداً لأجندة رئيسة الوزراء الجديدة اليمينية على صفحتها الأولى «سيطري على نفسك».
ولم يسلم كوارتينغ من تنديدات الصحافة بعدما قدّم خطاباً باهتاً أمام مؤتمر المحافظين الاثنين أعيدت كتابته على عجل في أعقاب التراجع عن الخطة الضريبية.
ووجّهت معظم الانتقادات لنبرته الساخرة التي تبناها في مناسبة أقامها مركز أبحاث «بوليسي إكستشينج».
واعتبر أن رد فعل الأسواق في ظل تراجع الجنيه الاسترليني إلى أقل مستوى له أمام الدولار الأسبوع الماضي مجرّد «جعجعة».
وواصل زعيم المنشقين مايكل غوف انتقاداته لتراس الثلاثاء، مشدداً على أن جميع النواب المحافظين انتُخبوا بفضل برنامج جونسون الانتخابي عام 2019.
وشمل البرنامج تعهّداً بوضع حد لعمليات الإخلاء التعسفية للسكان من قبل أصحاب العقارات، بحسب ما أشار خلال مؤتمر أقامته جمعية «شيلتر» الخيرية المعنية بالسكن.
لكن لدى سؤاله من قبل الصحفيين بشأن إن كانت تراس ستتمكن من الاستمرار إلى ما بعد نهاية العام، قال الوزير السابق: «نعم».
ونشرت «شيلتر» نتائج استطلاع أشار إلى أن مستأجري المساكن الخاصة الذين صوتوا لصالح المحافظين عام 2019 يهجرون الحزب بأعداد كبيرة مفضّلين العمال وغيره من أحزاب المعارضة.
وتشمل مقاعد المحافظين التي تواجه خطراً بحسب الاستطلاع دائرة جونسون الانتخابية في غرب لندن.
وأظهرت استطلاعات أوسع للرأي في الأيام الأخيرة أن العمال تجاوز 50% بينما تتراجع نسب التأييد للمحافظين في عهد تراس، ما يزيد المخاطر في وقت تستعد لاختتام مؤتمر برمنغهام الأربعاء.