الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

توقعات بانتعاش الاقتصاد الأمريكي قبل انتخابات نصف المدة

توقعات بانتعاش الاقتصاد الأمريكي قبل انتخابات نصف المدة

من المتوقع أن يُظهر تقرير الناتج المحلي الإجمالي القادم انتعاشاً اقتصادياً قبل انتخابات منتصف المدة، بالرغم من أنَّ الأسر والشركات ما تزال تعاني أهوال التضخم، فمن المرجَّح أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بنحو 2.9% بين يوليو وسبتمبر، وفقاً لمقالةٍ نشرتها «واشنطن بوست» حديثاً، إذ يأتي هذا النمو بعد ستة أشهر من انكماش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 1.6% في البداية، ثم 0.6% في الربعين الأولين من العام الحالي.

أثار ركود النصف الأول مخاوف من أنَّ البلاد كانت في خضم الانكماش، بالرغم من أنَّ حالات الركود ليست مرجَّحة عند اقتراب البطالة من مستويات متدنية قياسية. فيما يتفق معظم خبراء الاقتصاد على أنَّ الاقتصاد الأمريكي تجنَّب الركود، في الأقل هذا العام. وبذلك تتناقض عودة أمريكا إلى النمو مع الاقتصادات الكبرى الأخرى، بما فيها أوروبا والمملكة المتحدة، التي تعاني الركود أو من شبه المؤكَّد أنَّها في طريقها إلى النمو. أمَّا في الصين فأمست سياسة «صفر كوفيد» عائقاً أمام نموها الاقتصادي، فأخَّرت إصدار بيانات الناتج المحلي الإجمالي، ما أحاط وضعَ اقتصادها بالغموض.

ومع ذلك، يرجِّح الاقتصاديون أنَّ أرقام الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة مدعومة بفجوة تجارية ضيقة، فهي تستورد سلعاً أقل نتيجة لتباطؤ الطلب. كما من المتوقع أن تُظهر مستويات مخزون تجار التجزئة نمواً أقوى مع تلاشي عقبات سلسلة التوريد التي سادت في وقت انتشار الجائحة. ولكن لا يؤثر أيٌّ من هذين العاملَين كثيراً على الحياة اليومية للأمريكيين، إذ إنَّ عدم اليقين الاقتصادي يعدُّ من أكبر القضايا في انتخابات منتصف المدة، حيث تلوح في الأفق أيضاً مسألةُ التعامل مع قانون حيازة الأسلحة وحقوق الإجهاض والهجرة.

يرى الخبراء أنَّه غالباً ما يولِّد الاقتصادُ مكاسبَ جيدة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قبل بداية الركود، لذا فإنَّ أغلب الاقتصاديين يعتقدون أنَّ الركود الاقتصادي عام 2023 أمر لا مفر منه، حيث يواصل الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة بقوة على أمل إبطاء الاقتصاد بما يكفي للسيطرة على التضخم.

ومن ناحية أخرى، فإنَّ البطالة قريبة من أدنى مستوياتها عند 3.5%، والعديد من الأمريكيين يحصلون على زيادات في الأجور. كما أنَّ الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي ما يزالان قويان بالرغم من حالة عدم اليقين. كما أنّ البيت الأبيض يرى أنَّ الاقتصاد ما يزال قوياً نظراً للنمو القوي لفرص العمل والإنفاق الاستهلاكي الذي يمثل نحو 70% من الناتج المحلي الإجمالي.

أمَّا مؤشر المبيعات النهائية للمشترين المحليين من القطاع الخاص فيقدِّم نظرة أوضح على الطلب الأمريكي، حيث استمر في الارتفاع منذ بداية الوباء. لكنَّ معدلات النمو بدأت تنخفض هذا العام، ما يشير إلى تباطؤ المكاسب الاقتصادية بالرغم من ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي. لذا يشير أندرو باترسن، اقتصادي من «فانغارد»، إلى أنَّ «المؤشرات الأساسية تشير إلى أنَّ استهلاك الأسر والشركات والحكومة يتجه باستمرار نحو الانخفاض،» ويضيف أنَّه من المحتمل أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي نمواً جيداً، «ولكن بسبب انخفاض الواردات بدلاً من ارتفاع الاستهلاك».

ومع ذلك، غالباً ما تعتمد التوقعات الاقتصادية على تصورات الأسر والشركات بقدر ما تعتمد على الأرقام الفعلية، فحتى مع ازدهار سوق العمل وتسارع الإنفاق، يشعر العديد من الأمريكيين بتشاؤم لا يصدق حول الاقتصاد. لذلك فإنَّ حالة عدم اليقين والكآبة الاقتصادية تدفعان الناخبين إلى إعادة تقييم قراراتهم قبل انتخابات منتصف المدة، إذ تُظهر استطلاعات الرأي أنَّ التضخم ما يزال قضية تشغل العديد من الأمريكيين.

كما تُظهر الأرقام الحكومية أنَّ الأسعار ارتفعت بنسبة 8.2% العام الماضي، لكنَّ معظم الضروريات، مثل البقالة والغاز والمرافق والرعاية الصحية، ارتفعت بشكل أكبر بكثير. نتيجةً لذلك فإنَّ المزيد من الأمريكيين يعتمدون على حساباتهم المصرفية ويتحملون المزيد من ديون بطاقات الائتمان لتغطية نفقاتهم، حيث يلتهم التضخم جميع المدخرات وزيادات الأجور.

ولكن في حين ما يزال الناخبون يرون الاقتصاد أكبرَ مخاوفهم هذا الخريف، توجد علامات تشير إلى أنَّ العديد من الأمريكيين بدؤوا يشعرون بتحسُّنٍ طفيف، على الأقل فيما يتعلَّق بشؤونهم المالية، بالتزامن مع انخفاض أسعار الغاز عن مستوياتها القياسية في الصيف.