الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

ركود أم انتعاش؟.. أين يتجه الاقتصاد العالمي في 2023؟

ركود أم انتعاش؟.. أين يتجه الاقتصاد العالمي في 2023؟

شهد العام الجاري 2022، تبايُناً اقتصادياً واضحاً، خاصة بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا، والتي نشبت بينما كان العالم يسير في اتجاه التعافي من جائحة كورونا، وتشير التوقعات للاقتصاد العالمي في العام المقبل 2023، بحسب عدد من التحليلات الأخيرة، إلى أن استمرار الحرب في أوكرانيا سيؤدي إلى تداعيات سلبية على التجارة، لا سيما في أوروبا، بخلاف انتظار الأسواق إعادة فتح الاقتصاد الصيني بشكل كامل، بعد شهور من الاضطراب، في ظل الإجراءات الصينية بما فيها من عمليات الإغلاق لمواجهة تفشي جائحة كورونا، بحسب تقرير نشره موقع «إذاعة صوت أمريكا»، السبت.

أمريكا وشبح الركود

وأوضح التقرير أنه الولايات المتحدة، تواصل مواجهة شبح الركود، في ظل تباطؤ النشاط التجاري، خاصة بينما زاد التضخم في أوروبا وبريطانيا. وتوقَّع معهد التمويل الدولي، في تحليل أصدره يوم الخميس، حدوث معدل نمو اقتصادي عالمي، يبلغ 1.2% فقط في عام 2023، وهو مستوى يماثل عام 2009، عندما كان العالم قد بدأ الخروج من الأزمة المالية.

وقال كبير الاقتصاديين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، ألفارو سانتوس بيريرا: «نواجه حالياً توقعات اقتصادية صعبة، والسيناريو لدينا يقوم على أننا لن نواجه ركوداً عالمياً، ولكن سنشهد تباطؤاً كبيراً للاقتصاد العالمي في عام 2023، مصحوباً بالتضخم المرتفع، والذي ربما يتجه إلى الانخفاض في دول عديدة».

زيادة أسعار الفائدة

وكان التضخم في الولايات المتحدة، وجهود مجلس الاحتياطي الفيدرالي لمواجهته، من العوامل الحاسمة في معظم تحليلات الحالة الاقتصادية الحالية والمستقبلية. وتشهد الولايات المتحدة حالياً أعلى مستوى للتضخم منذ 4 عقود، فقد بدأت الأسعار في الارتفاع بشكل كبير منذ منتصف عام 2021، وبداية عام 2022، كانت المعدلات السنوية أكثر من 6%، ووصلت إلى 6.6% في أكتوبر الفائت. وبداية من شهر مارس الفائت، شهدت الولايات المتحدة سلسلة من زيادة أسعار الفائدة، يهدف من ورائها الاحتياطي الفيدرالي إلى جعل أسعار الفائدة على المدخرات أكثر جاذبية، وخفض معدلات الاقتراض، والعمل على تقليل الطلب وبالتالي إبطاء ارتفاع الأسعار.

ويهدف الاحتياطي الفيدرالي إلى السيطرة على التضخم، دون إغراق الاقتصاد في الركود، وتشير بعض المؤشرات الاقتصادية إلى أن جهود الاحتياطي الفيدرالي قد تنجح، لكن ما زال يلوح في الأفق خطر حدوث الركود.

وأشارت البيانات التي صدرت الأسبوع الفائت، إلى أن النشاط التجاري في الولايات المتحدة انكمش للشهر الخامس على التوالي، كما أن طلبات الحصول على إعانات البطالة مستمرة في الارتفاع، ما يشير إلى تراجع محتمل في سوق العمل. وكشف محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، في أوائل نوفمبر، الذي أصدره مجلس الاحتياطي الفيدرالي قبل أيام، عن وجهة نظر متشائمة بين خبراء الاقتصاد بالبنك حول الاقتصاد الأمريكي في العام المقبل 2023، وخلال الاجتماع، عبر بعضهم عن توقعاته «باحتمال دخول الاقتصاد في حالة ركود في وقت ما، خلال العام المقبل 2023».

وأشار أغلبية الأعضاء في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، إلى أنهم يعتقدون أن الوقت قد حان لإبطاء زيادة أسعار الفائدة، ما يشير إلى أن اللجنة سوف تتراجع عن زياداتها الأخيرة بنسبة 0.75% عندما تجتمع في ديسمبر المقبل، وربما ترفع المعدلات بمقدار 0.5% فقط.

الأوضاع الاقتصادية الدولية

وعلى الصعيد الدولي، تواجه الحكومات في دول العالم تحديات عديدة؛ مثل دعم مواطنيها لمواجهة ارتفاع الأسعار بشكل كبير، لا سيما السلع الضرورية مثل الغذاء والوقود، والتي تأثرت بشدة بالحرب في أوكرانيا. وأشار صندوق النقد الدولي في تقرير صدر قبل أيام، إلى صعوبة المواقف التي يجب على الحكومات اتخاذها، بالموازنة بين مساعدة المواطنين على مواجهة ارتفاع فواتير الغذاء والطاقة، بالإضافة إلى تجنُّب زيادة الطلب الكلي الذي قد يؤدي إلى زيادة التضخم.

وبحسب معهد التمويل الدولي (IIF)، سيكون النمو العالمي منخفضاً، لكنه إيجابياً في عام 2023، بينما ستواجه مناطق محددة أهمها أوروبا، انخفاضاً في النمو.

الصين وأمريكا اللاتينية

وتشير التوقعات إلى أنه ستكون هناك نقاط مضيئة في الاقتصاد العالمي في العام المقبل، خاصة في أمريكا اللاتينية والصين، فالعديد من دول أمريكا اللاتينية، يقوم بتصدير المواد الخام. وبالنسبة للصين فقد عانت خلال العام الماضي اقتصادياً بسبب سياساتها الهادفة إلى مواجهة تفشي جائحة كورونا، والتي تضمنت إغلاق بعض المدن والمناطق، مع اضطراب في النشاط الاقتصادي، ويتوقع معهد التمويل الدولي والمنظمات الأخرى، أن تقوم الصين بتخفيف تلك الإجراءات خلال العام المقبل، ما سيؤدي إلى نمو اقتصادي يصل إلى 2%.

وأشارت التوقعات إلى أن روسيا ستواصل مكافحة العقوبات الغربية المفروضة عليها بعد الحرب في أوكرانيا، أما بريطانيا فتوضح التوقعات أنها ستواجه عاما شديد الكآبة، مع زيادة التضخم بشكل كبير، ومن المتوقع أن تصل الزيادة في الأسعار إلى 10% بحلول نهاية العام الجاري، قبل أن تتراجع ببطء في العام المقبل 2023.